عاش فؤاد قادير موسما غريبا بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بما أنّه كان منقسما إلى شطرين أولهما الستة أشهر الرائعة التي قضاها مع فالنسيان، ومن ثمّ الستة أشهر الكارثية التي قضاها في أولمبيك مارسيليا، الذي انتقل إليه في سوق انتقالات اللاعبين الشتوية، وهذا دون نسيان ظهوره الضعيف في كأس إفريقيا 2013، إضافة إلى مشاكله خارج أرضية الملعب و تعرضه للابتزاز من أحد أقرب مقربيه . دخول مميّز والبداية بالتمريرات الحاسمة فؤاد قادير سجّل بداية موسم مميّزة رفقة ناديه فالنسيان، حيث كان بمثابة مفاجأة بداية الموسم في الدوري الفرنسي، حيث أنّ الدولي الجزائري قاد فريق "الشمال" للبقاء دون تذوّق طعم خلال الجولات الثلاثة الأولى من الليغ 1، بانتصارين على حساب كل من تروا وأجاكسيو وتعادل ضدّ نيس، ولفت قادير الانتباه في هذه الفترة بفضل تمريراته الحاسمة تجاه زميله أنتوني لوتالاك، الذي عاد إلى الواجهة بفضل استفادته من العمل الكبير الذي كان يقوم به فؤاد في وسط الميدان الهجومي بشكل كبير داخل الديار على أرضية ملعب "ستاد دو هينو"، الذي كان فيه الدولي الجزائري يجد راحته. مدرب فالنسيان منحه الحرية على الملعب جدير بالذكر أن فؤاد قادير كان قد عانى من منافسة شرسة مع بداية الموسم في تشكيلة فالانسيان، و ذلك بتواجد كل توما دوسيفي و غاييل دانيك، و لكن الدولي الجزائري استغل إصابة هذا الأخير و ضمن مكانة أساسية في تشكيلة " الفيا " بشكل سريع، خاصة و أن المدرب دانيال سانتشاز منحه حرية اللعب في وسط الميدان و ذلك بعد أن كان في المواسم الماضية ملزما بشغل الرواقين إما الأيمن أو الأيسر و ما يتطلبه ذلك من واجبات دفاعية، و لكن التقني الفرنسي حرر فؤاد من هذه العوائق و هو ما جعل صاحب التسعة و عشرين سنة يعبر عن قدراته بالشكل اللازم . سجل أول أهدافه ضد مارسيليا و أهانها بالأربعة و إن كانت الأشهر الأولى من الموسم مقبولة بالنسبة لقادير، فإن قدوم شهر سبتمبر كان مميزا بالنسبة لفؤاد، حيث تمكن الدولي الجزائري من قيادة فالانسيان لتحقيق انتصار تاريخي على حساب عملاق الكرة الفرنسية أولمبيك مارسيليا بنتيجة قياسية برباعية كاملة، سجل منها قادير هدفا واحد مستغلا خطأ فادحا من الحارس ستاف مانداندا الذي أرجع الكرة بطريقة غريبة في أقدام فؤاد و لم يكن على هذا الأخير سوى قبول الهدية و توقيع أول إصابة له خلال الموسم المنقضي ضد النادي الذي يناصره منذ نعومة أظافره باعتباره من أبناء مدينة مارسيليا . مسيرو " لوام " ربطوا به اتصالاتهم من وقتها
و بالنظر الى المستوى المميز الذي قدمه خلال ذلك اللقاء، فإن مسيري أولمبيك مارسيليا قاموا بربط اتصالاتهم مع فؤاد قادير بشكل مبكر، حيث عرضوا عليه و على وكيل أعماله كريم أكليل الانتقال الى نادي الجنوب الفرنسي بداية من الميركاتو الشتوي في جانفي، و هو العرض الذي رحب به الدولي الجزائري كثيرا خاصة و أنه كان يأمل في الاقتراب من عائلته، إضافة الى أن عقده مع فالانسيان لم يشكل له قلقا كبيرا باعتباره لم يتبقى منه حينها سوى ستة أشهر فقط ليجد نفسه حرا من أي التزام بعدها . أكتوبر.. نوفمبر.. قادير في قمة مسيرته الاحترافية و كان الهدف المُضحك الذي سجله قادير في مرمى أولمبيك مارسيليا بداية عهد جديد بالنسبة للدولي الجزائري، باعتبار أن فؤاد أصبح حينها في أوج عطائه مقدما وجها اعتبره هو شخصيا الأفضل له منذ بداية مسيرته الاحترافية، حيث تمكن من توقيع خمسة إصابات كاملة ما بين شهري أكتوبر و نوفمبر و ذلك خلال ثمانية جولات فقط، و قد فسر قادير تمكنه من هز الشباك باستمرار خلال تصريحات لجريدة " ليكيب " حينها بالقول : " الناخب الوطني وحيد حليلوزيتش كان له دور كبير في هذا التغير الذي طرأ على طريقة لعبي، حيث طلب مني أن أعمل على تحسين فعاليتي أمام المرمى باعتباري أملك تسديدات جيدة و هو ما أعطى ثماره في نهاية الأمر " . هدفه ضد باستيا أختير من الأروع في الموسم و من بين الإصابات الخمسة التي وقعها فؤاد قادير خلال شهرين فقط، كان الهدف الذي سجله في مرمى باستيا خلال الجولة الثانية عشرة أروعها، حيث سدد الدولي الجزائري كرة صاروخية بيُمناه أسكنها الزاوية التسعين لشباك النادي الكورسيكي و هو ما وضع هذا الهدف ضمن تصنيف أحسن عشرين هدفا سُجلت في الليغ 1 الفرنسية طيلة الموسم المنقضي 2012- 2013 . ديسمبر " قادير يلعن رغبته في تغيير الأجواء " و بالنظر الى المستوى المميز الذي قدمه طيلة الشطر الأول من الموسم فإن فؤاد قادير لم يخفي نيته في تغيير الأجواء و الانتقال الى ناد أكثر قوة من فريقه فالانسيان الذي يعتبر من الاسماء المتواضعة في الليغ 1 و يلعب على ضمان ورقة البقاء كل موسم على أحسن تقدير، حيث صرح الدولي الجزائري خلال استضافته في بلاتو القناة الشهيرة " كنال + " قائلا : " متحمس كثيرا للانتقال الى مارسيليا، خاصة و أني ابن المنطقة و اللعب مع لوام يعتبر حلم الصغر بالنسبة لي، و أنا الذي قضيت سنوات طفولتي بالانتقال الى مدرجات الفيلودروم " . جانفي 2013..الجزائري يحقق حلمه و يلتحق بمارسيليا و بعد مفاوضات ماراطونية مع إدارة نادي فالانسيان، أعلن أولمبيك مارسيليا على لسان مديره الرياضي جوزي أنييغو أن الدولي الجزائري فؤاد قادير سيكون لاعبا جديد في تشكيلة " لوام " بداية من شهر جانفي 2013، و ذلك بعد أن حُسمت كل التفاصيل مع وكيل أعمال اللاعب كريم أكليل المقرب كثير من مسيري فريق الجنوب و لعب دورا حاسما في تحقيق قادير لحلمه، حيث أن رئيس مارسيليا السيد فانسون لابرون اتفق مع نظيره في فالانسيان على تحصل هذه الاخيرة على قيمة تقدر بنصف مليون أورو في عقد يمتد لثلاثة سنوات و نصف و هذا دون الكشف عن الراتب الذي سيتلقاه فؤاد طيلة هذه الفترة .
كأس إفريقيا مع المنتخب الوطني للنسيان و إن كانت بداية شهر جانفي مثالية بالنسبة لقادير، فإن نهايتها كانت للنسيان، حيث أن فؤاد قدم عروضا مخيبة الى أبعد الحدود مع المنتخب الوطني الجزائري المشارك في كأس أمم إفريقيا 2013 و ذلك رغم أن اللاعب الجديد لأولمبيك مارسيليا شارك أساسيا في كل خرجات تشكيلة وحيد حليلوزيتش، و لكن قادير كان خارج مجال التغطية بشكل كلي مودعا المنافسة رفقة " الخضر " بداية من الدور الأول بحصيلة أكثر من هزيلة بهزيمتين ضد كل من تونس و الطوغو و تعادل يتيم ضد بدلاء منتخب كوت ديفوار . محبو " الخضر " اتهموه بتفضيل " لوام " و بالنظر الى الوجه المتواضع الذي ظهر به قادير على أرض " البافانا بافانا "، فإن هذا الأخير كان عرضة لإنتقادات لاذعة من الجماهير الجزائرية التي احتارت كثيرا من الأداء الذي ظهر فؤاد خلال كأس أمم إفريقيا، حيث اعتبر أغلبية محبي " الخضر " أن فؤاد تغير بشكل مفاجئ بسبب توقيعه مع أولمبيك مارسيليا متهمين إياه أنه تعمد على تقديم اللازم على أرضية الملعب و عدم اللعب ب " حرارة " لتخوفه من الإصابة و تشوقه الكبير للتواجد مع " لوام " في أسرع وقت ممكن و لو كان ذلك على حساب تسجيل المنتخب الوطني لمشاركة كارثية في أكبر المنافسات القارية الإفريقية . شارك في الكلاسيكو ضد باريس في البطولة و الكأس و مباشرة بعد عودته من جنوب إفريقيا، التحق فؤاد قادير بسرعة البرق بتدريبات أولمبيك مارسيليا مُضحيا حتى بأيام الراحة التي اقترحها عليه مسيرو " لي فوسيان "، حيث حقق الدولي الجزائري واحدا من أكبر أحلامه بلعب المباراة التي ينتظرها كل متابعي الكرة في فرنسا بين باريس سان جيرمان و مارسيليا، و لكن قادير و لسوء حظه لم يذق سوى الهزائم في " الكلاسيكو " على يد نجوم " البي أس جي " بقيادة زلاتان إبراهيموفيتش الذين تغلبوا على " لوام " مرتين متتاليتين في فترة لم تتجاوز الأسبوع، الأولى في الليغ 1 و الثانية في كأس الرابطة الفرنسية . فشل في فرض نفسه رغم منحه الفرصة
كما تجدر الإشارة أن فؤاد قادير و رغم أنه تمكن من خطف مكانة في التشكيلة الأساسية لأولمبيك مارسيليا سريعا، إلا أنه ضيعها و عاد الى مقاعد البدلاء بذات السرعة، باعتباره فشل في إقناع المدرب إيلي بوب بقدراته و هو نفس حال جماهير ملعب " فيلودروم " التي لم تكن تفوت الفرصة للتصفير على فؤاد في كل مناسبة، و هو الأمر الذي جعل التقني الفرنسي يُفضل عليه الغاني الشاب جوردان آيو فيما تبقى من مباريات الموسم الكروي، و التي قضاها قادير في تسخين مقاعد البدلاء مع المشاركة في دقائق معدودة في سيناريو تكرر الى غاية الجولة الأخيرة ضد رامس .
ابتزازه من قريبه زاد همومه و إن كان قادير قد عانى الأمرين في فرض ذاته في تشكيلة " لوام "، فإن الظروف الخارجية هي الأخرى لم تساعده للأسف، باعتبار أن الدولي الجزائري تعرض لابتزاز من طرف أحد أقاربه الذي هدده و هدد عائلته بالقتل في حالة عدم تحصله على مبلغ مالي معتبر، قبل أن يتم القبض على هذا الأخير بعد الدعوى القضائية التي رفعها فؤاد ضد مجهول لتقوم قوات الأمن الفرنسية بحل المشكلة و الزج بابن خالة قادير في السجن . حصيلته هذا الموسم 6 أهداف + 4 تمريرات حاسمة و 1508 دقيقة في المجموع و في الأخير فإن حصيلة فؤاد قادير هذا الموسم كانت على الشكل التالي : " ستة أهداف و أربعة تمريرات حاسمة " كلها مع ناديه السابق فالانسيان، إضافة مشاركته في ثلاثة و ثلاثين مباراة كاملة في الليغ ما بين مارسيليا و فالانسيان بمجموع توقف عند حد 1508 دقيقة، مع تسجيل أن رصيد فؤاد مع " لوام " كان سلبيا على طول الخط بعدم تمكنه من التهديف أو تقديم و لو لتمريرة حاسمة واحدة . مغامرته مع مارسيليا في طريقها للانتهاء و بالنظر الى ما سلف ذكره فإن الدولي الجزائري فؤاد قادير و مغامرته مع مارسيليا في طريقها للنهاية بشكل مبكر، باعتبار أن اللاعب السابق لفالانسيان أصبح غير مرغوب فيه في تشكيلة " لوام "، خاصة و أن إدارة نادي الجنوب قامت بجلب نجم ليل ديميتري بايات الذي يلعب في نفس منصب فؤاد المطالب بإيجاد فريق جديد يحط فيه رحاله الموسم القادم إن هو أراد تفادي قضاء أشهر جديدة على مقاعد البدلاء .