قال أبو طالب المكي: قد تكون عقوبة الذنب ذنباً مثله أو أعظم منه كما يكون مثوبة الطاعة طاعة مثلها أو أفضل منها، وفي أحد الوجوه من معنى قوله تعالى: وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ، قال: الغنى والعافية كما يكون الفقر والسقم برحمة من الله تعالى، إذا كانا سبباً للعصمة وهما أمهات المعاصي إذا كانا سببين لها ومطرقين إليها، واعلم أن الحلم لا يرفع العقوبة ولكن يؤخرها، ومن شأن الحليم أن لا يعجل بالعقوبة وقد يعاقب بعد حين. قال تعالى: فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ، أي الرخص والرغد حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة، ففي الأثر: من الذنوب ذنوب لا يكفرها إلا الهم بطلب المعيشة، وفي لفظ آخر: لا يكفرها إلا الهموم والأحزان، والاهتمام بالمباحات من حاجات الدنيا للفقراء كفارات، وهو على ما يفوت من قربات الآخرة للمؤمنين درجات، وهو على محب الدنيا، والجمع منها، والحرص عقوبات. قال بعض السلف: لو لم يكن للعبد من الذنوب إلا أنه يقيم بمصائب الدنيا بما لا يقيم بما لا يفوته فيها من نصيب الآخرة والتزود لها.