لست أدري كم جثة طاهرة تم انتشالها من تحت الأنقاض في غزة، وسابقا وحاضرا ومستقبلا في العراق ومناطق عربية وإسلامية أخرى، ولكن ليست وحدها تلك الجثث، فثمة جثث تظهر في القنوات وتتحدث بكل ثقة عن القضية الفلسطينية، وكلنا شاهدنا أول أمس جثث مسؤولين ممثلين في وزراء خارجية العرب تتحدث بكل ثقة، وتشجب بكل اشكال الشجب، وتدين يعنف وقوة، وتتأسف جدا على الإعتداء الصهيوني، تلك جثث وفي غزة ومناطق أخرى جثث، ولكن شتان بين جثة أفضت الروح فيها إلى بارئها طاهرة نقية ظالمة لا مظلومة، وجثث يتردد في هيكلها الريح ما تزال تتحدث، وتشجب وأحيانا تلطم، وأحيانا تقف مثل المرأة الغانية أمام رؤساء الغرب، فليس العجب في الذين ماتوا من المسلمين وقتلوا على يد عدوهم، بل هم أحياء يرزقون، ولكن الموت الحقيقي في أمة أقصى ما يكن أن تفعله هو التأسف، أمة ما عادت سوى جثة تركل فلا ترد، تصفع ولا تحس، إن المجتمعين في جامعة الأعراب ليتحدثوا عن مساعدة غزة هم أمس حاجة للمساعدة من أهل غزة، فهم في حاجة إلى إذن أمريكي من أجل هذا الاجتماع وفي حاجة إلى إذن أمريكي غربي كي يشجبوا، وينددوا ويرعدوا ويزبدوا، بينما الأحرار في غزة والصومال وافغانستان وفي كل مكان ليسوا بحاجة إلى إذن أي دولة مهما عظم شأنها ليقرروا الدفاع عن أنفسهم ولا ضير ان ماتوا وصاروا جثثا، على الأقل ستدفن جثثهم تحت الثرى ولا يبقون مثلنا جثث نتنة على الأرض، فعلا وصلنا للزمن الذي قال فيه خير الخلق " يأتي زمن على أمتي يقف فيه الحي على قبر الميت ويقول يا ليتني كنت مكانك".