سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أزهى عصور الأدب الجزائري ولدت من رحم الثورة ومشروع المكتبة الجزائرية "الأمريكو لاتينية" مثال لحوار الثقافات الشاعر والأديب الأرجنتيني،"كارلوس ألفاردو لاروكو" ل"الأمةالعربية":
هو الأديب والشاعر والمترجم الأرجنتيني "كارلوس ألفاردولاروكو"، الملقب بشاعر القارات الخمس يكتب باللغتين الإسبانية والفرنسية، اعتبرت قصائد ديوانه الأخير"أنا أيضا" المكتوبة باللغة الفرنسية طافحة بالحيوية الشعرية وجماليات فنية عالية خصوصا عند حديثه عن الهوية والإنتماء المغصوبين بالأراضي الفلسطينية. و في هذا الحوار الذي أجريناه معه سنحاول أن نستشف بعض هواجسه الفكرية والأدبية الدائمة الترحال في دروب الجمل الصافية الزجاجية التي تحمل ورائها معنى متخف، وكيف أن الأدب الجزائري عاش أزهى أيامه إبان الثورة التحريرية، هذه النقاط وأخرى تكتشفونها في نص الحديث الذي خص به "الأمة العربية". كبداية للحوار، صرخة البوح الشعري لديك كيف تولدت؟ أنا كتبت القصائد منذ طفولتي، أمي تحكي لي أنه عندما كنت صغيرا كان لي كراسا صغيرا أكتب فيه كل ما يجول في خاطري وإحساسي من أفكار، دعيني أقول أنني انتقلت تدريجيا من الشعر إلى التعليم، بعد قيامي بدراسات في القانون واللغات، وهذا ربما هو الذي يفسر إهتمامي في كتاباتي بقوة الكلمات والحجج ، بالإضافة إلى شغفي إلى الجانب الغامض للكلمات، بمعنى صرخة البوح الشعري عندي تجمع بين وجود الكلمة والصمت هذا الأخير الذي أعتبره العنصر الحساس في الإتصال وأكثر صعوبة للسيطرة عليه. هل تثري قاموسك اللغوي بالمطالعة لأسماء معينة؟ القراءة هي دائما معي، وأحيانا هي عبء ثقيل، وغالبا جدا هي بلسم منعش، كما قد تصبح هذه القراءات هوس وصور تبقى معك إلى الأبد وأحيانا تجعلك تقرأ وتعيد قراءة نفس الأشياء، وعلى كل قرأت قليلا من كل شيء لايسعني ذكر الأسماء، إلا أن ذلك يتضح ذلك جليا من خلال الترجمة التي أقوم بها بعد معرفة الكاتب جيدا، وعلى كل أسعد كثيرا عند قيامي بالترجمة للكتاب الجزائريين الفرانكفونيين وغير المعروفيين في عالم الأدب الإسباني، ولكن في كل هذا ما يجذبني للقراءة هو الجمال. نفهم أنك تستعين عند كتابتك برؤية جمالية مسبقة؟ الجواب شخصي جدا لايمكنني البوح به والأمر متروك لك للبحث، فهو مثل السعادة وستجد ينها في البقايا المتناثرة في التفاصيل الصغيرة. ديوانك الشعري الصادر مؤخرا"أنا أيضا" ماذا يمكن أن تقول عن هذه التجربة الشعرية الأولى بلغة فولتير ؟ لما كتبت هذا الديوان الشعري كنت في باريس، وأحببت أن أتحدث عن الإحساس الذي يرافق المهاجر في المنفى، لأن في باريس أنت دائما غريب وفي وضعية الاغتراب، هذا ولقد كتب مقدمة كتابي الروائي "دومينك بربريس" الذي إقترح أخذ إسم واحد من قصائدي كعنوان لهذا الديوان الشعري المهدى لكل النساء، أين أقول من خلال هذه القصيدة إنني في أحيان كثيرة أشعر مثلهن، وهذا مقتطف منها: هددت من قبل صوت الصمت المغتصب أنا أيضا امرأة خوفا من الشفرة الضحية أنا أيضا امرأة مصدوم في الشارع من الكتف المهيبة أنا أيضا امرأة وفي مجمل القول الكتاب كما وجهته للمرأة، أهديته أيضا في صفاحاته الأولى "لمحبي روح الأدب الجزائري الذي له لون عالمي، أنا فخور من هذه المجموعة الشعرية لأني إستخدمت الموسيقى الصوتية وهذا في حد ذاته أعتقد أنه الإتجاه السليم نحو النجاح. هل المهجر دوما هو وراء لحظة توهج الشعر عندك؟ قد يكون هذا عامل، لكن في حياتي الصمت والهدوء مصدرا إبدعاتي، يكفي أن أصمت لأكتشف الكثير، خاصة وأن طبعي الخجل.في بعض كتابتك يلمح القارئ نزوعا خفيا إلى تحقيق الهوية والإنتماء، لاسيما عند حديثك عن فلسطين؟ فلسطين جرح ونزيف مفتوح على العالم وأكبر عار على الإنسانية، فالعالم كله يتحدث ولكن لاأحد يفعل شيئا، لاتوجد إرادة سياسية من طرف الأمم لمساعدة القضية الفلسطينية التي خذلها التواطئ الكبير، ومن هذا المنطلق فكتاباتي عن الهوية المغتصبة في فلسطين مبنية على هذا الواقع المرير الذي يعيشه الفلسطينيون ضد الإحتلال الصهيوني. ما تقييمك للأدب الفلسطيني" الفرانكفوني"؟ الأدب الفلسطيني الفرانكفوني هو بصدد النشأة، ويمكن تصنيفه ضمن الأدب الاستعجالي الذي ينبغي أن يدون شهادات الواقع المعاش للشعب الفلسطيني، بتفاصيله الدامية والهوية الوطنية المهددة بالموت والزوال...والجلي للعيان في العالم الغربي اليوم لما تقول كلمة فلسطين يقال لك إنك تتفوه بكلمة كبيرة، ولا أحد يود سماعك، العالم كله خائف، وهذا الخوف ليس برئ، تعودنا على قراءة التاريخ من زاوية محددة، المفروض علينا البحث عن الحقيقة التاريخية. ماذا عن الأدب الجزائري هل تعرف بعض ملامحه ؟ لقد قمت بدراسات عن الأدب الجزائري المكتوب باللغة الفرنسية، ولكن لكي نتحدث عنه لابد أن نحدد الفترة الزمنية، لأنه عرف مراحل مختلفة، عموما الأدب الجزائري له خصائصه التي تميزه، كما يشرحها لنا الكاتب التونسي "ألبرت ميمي"، وأذكر:"طعم الإيمان، والعنف، وحب الشمس والنور، الشعور بالقدر" بالإضافة إلى الإهتمام باللغة وقوة التعبير وهو الأمر الذي يعجبني عند الجزائريين، إلا أن ما يؤسف له هوالتقيد في الكتابة باللغة العربية دون لغات أخرى كالأمازيغية والشاوية وغيرها مما قد يعطي ثراء أدبيا، إلى جانب ذلك ما يميز الكتاب الجزائريين استمرارهم في تدوين كل ماحصل في الفترة الاستعمارية، وأراه بالنسبة لكم بمثابة الواجب تجاه الذاكرة التاريخية التي لاينبغي أن تضمحل ولا أن تتوقف. برأيك ماهي الفترة التي شهد فيها الأدب الجزائري أزهى أيامه؟ نحن عندنا نقول" لما البطاطا تحترق يجب نزعها من الفرن"... بمعنى أنه علينا أن نقول الأشياء في وقتها ولوكنا في غمار المعركة، ولا يجب أن نوقفها، بالنسبة لي الأدب الجزائري الحقيقي هو الذي كتب في زمن الإستعمار وولد من رحم الثورة الجزائرية كإستجابة لنداء الحياة، أما الأدب الجزائري الراهن أقول أنه بدأ يفرض نفسه ويحاول بسط مكانته، وأعتقد أنه من السهل الحديث عن الانتهاكات الممارسة من قبل المستعمر الفرنسي، على خلاف التكلم عن العشرية السوداء، الذي أراه شيئا جديدا ولم يحل موضوعه بعد، لأن الكتاب لهم الكثير من الأشياء يقولونها عن المأساة الوطنية بالجزائر، لكن في الوقت ذاته السؤال المطروح هل الذي يجب أن نقول ما نستطيع قوله؟.. الخوف دائما يترصدنا وانظري آسيا جبار التي لاتريد العودة إلى الجزائر، وعلى كل ما سيبقى في الأدب مثل كل مناحي الحياة الإنسانية الحب والجمال. على ذكرك للأديبة الجزائرية آسيا جبار يعتبرها الكثيرون مقاتلة نسائية ومتمردة ناعمة تحقق أهدافها عبر الكلمات المقنعة، ما قولك؟ آسيا جبار ليست لعصرنا ككاتبة، إنها ليست مفهومة تماما، صحيح إنها محبوبة ومحترمة، والجوائز والأوسمة تتحدث عنها، لكن ولا أحد قدر سعة الظاهرة جبار، كتبت للحب، للمرأة، للكفاح، آسيا جبار مصارعة ولكن كفاحها كان للسلام للحب وللتفاهم، هي تعرف كيف تبدع الجمال. ويقال أيضا إنها إمرأة ما بين الحدود، وكتابتها تصنف في هذا الوسط الغامض بين الكلام والصمت، بين التاريخ والخيال، بين سيرتها الذاتية التي تبقى مستحيلة وتاريخ بلادها الواقع في الجراح، تزاوج في كتابتها بين الفرنسية والكلمات العربية الراسخة في ذاكرتها، أظن أن أسيا جبار تريد القول ولاتستطيع العمل هنا تكمن قيمة كتاباتها في عدم رضاها في تقدير المرأة، في حيائها، في موهبتها، وحتى أقول كلمات حقة وعادلة آسيا جبار يجب أن تقول في لغة الصمت والتفكير. هل تؤمن بضرورة إنسانية الأدب ودوره في إيقاظ الوعي؟ صحيح، الأدب يمكن أن يوقظ الوعي كما تقولين، لكن هذا ليس واجبا لأن من شأنه أن يكون عبئا ثقيلا على الكاتب، فالأدب مثل أي تعبير يجب أن يكون مثالا لواجب أيا كان، سواء لخدمة البحث أوأن يكون ناقلا للجمال. أفهم أن الأدب قد يقاسم التدريس بعض مهامه؟ الشخص الذي يدرس قبل كل شيء قد يكون أب أو أم، وهذا يعني أنه لابد أن يكون واعي بمسؤوليته تجاه طلابه الذين ينبغي أن يعاملهم كبالغين، ومع الممارسة تنشأ تجاههم علاقة تشبه علاقة الأب أوالأم بإبنها، وإن لم يتوفر هذا الإحساس فأنا أقول للذي يدرس أنه يضيع الوقت، فتخيلي معي مثلا لما نعلم تلاميذنا المعنى الحقيقي لكلمة حب، ثم ينطقون بها ويرددونها في كل مرة، المؤكد أن هذا الأمر يجعل الأستاذ يعيش ويحيا من جديد مع كل علم علمه. مشروع المكتبة الجزائرية الأمريكولاتينية، هل سمعت عنها ؟ لقد سمعت عن هذا المشروع في أفريل من عام 2008 خلال تواجدي بالجزائر، ولقد أحببت العمل فيه بعد إعلامي بوجود لجنة ثقافية متكونة من ممثلي الدول العربية وعددهم 24 دولة نذكر منها الجزائر ، المغرب ، وجامعة الدول العربية، بالإضافة إلى دول أمريكا اللاتينية والتي بلغ عددها 12 دولة منها فنزويلا والبرازيل والأرجنتين، هذا وقد قال لي مسؤول جزائري السيد زاوي بن حمادي أن المكتبة سيشرع في بنائها قريبا بعد أن تم إختيار مساحة لاتقل عن5 هكترات بالقرب من زرالدة. إلا أنه الآن لم أعد أسمع شيئا عنها ولا أحد يعرف جديده في أمريكا اللاتينية، المهم أنه مشروع قيم نتمى تجسيده لأنه مثال للحوار بين الثقافات. في الختام هل لنا أن نعرف جديدك الإبداعي في المستقبل القريب؟ أنا بصدد تحضير لرواية شاذة بعض الشيء، ستصدر خلال هذه السنة أوبداية العام المقبل حسب الظروف المواتية، أتحدث فيها عن الذاكرة وأروي قصة إمرأة تموت وحيدة في المستشقى، والمميز في هذه الرواية أن القارئ لها لايكتشف من يتحدث وعليه أن يعيد بناء القصة في مخيلته دون الإهتمام بالراوي، كما لدي أيضا مجموعة شعرية ستنشر قريبا كتبتها عن فلسطين بين عامي 2001 و2010 ، وعنوانها عشر سنوات من العنف واليأس... والصمت، مستندا على الأشعار الفلسطينية أمثال درويش وأخرون.