العالم مجنون، مجنون، مجنون، ليس عنوان لفيلم، ولكنه عنوان حقيقي لواقع شعوب خرجت عن وعيها بسبب "الجابولاني" التي جعلت رؤوس الحكومات تتدخل في "كرعين" اللاعبين. ففي نيجيريا، قرر الرئيس وهو أعلى هرم في البلاد معاقبة فريق كرة القدم بحرمانه عامين من أي منافسة كروية. وحرمان أي لاعب من اللعب، لا يختلف كثيرا عن حرمان أي مواطن من حريته والزج به في السجن. والأمر نفسه حدث في فرنسا، التي أراد رئيسها الذي هوت أسهمه في بورصة الشعب، الاستثمار في كرة القدم من أجل استرجاع أسهمه الضائع، فوجد نفسه يخسر أسهما أخرى. ولأن الوقت ينفد من بين يديه، فقد دعا اللاعب تييري هنري إلى مكتبه شخصيا ليسمع منه ما حدث في مونديال جنوب إفريقيا. والأكثر من هذا، قام البرلمان الفرنسي باستدعاء المدرب ريمون دومنيك لمساءلته بسبب النتائج الهزيلة التي أحرزها الديكة الذين خرجوا "منتوفي الريش". وفي مقابل ذلك، لم يستدع رئيس بلاد الحرية والديمقراطية وبرلمانها، أي مسؤول على خلفية قتل جزائري أمام أهله. وهولندا وإسبانيا اللتان نشطتا نهائي مونديال 2010، عولت حكومتاهما على "كرعين" اللاعبين من أجل تنشيط السياحة، فهولندا تحدثت عن 3 ملايير دولار تستفيد منها خزينة البلاد حين الفوز. وإسبانيا بدورها، تنتظر ملايير أخرى وبالطريقة نفسها، والنتيجة أنه لم يعد ثمة اختلاف بين الدول التي تعتقد أنها لا تفكر بذهنية دول العالم الثالث، لأن الأزمة الإقتصادية جعلت تفكير حكومات الدول كلها، هو نفسه تفكير حكومة نيجيريا ولو بطريقة تختلف، ليدخل العالم جاهلية أخرى يعبد فيها كرة القدم بعدما خرج من جاهلية عبادة الأصنام، والأشياء التافهة.