بينهم 3 صحافيين..استشهاد 9 فلسطينيين في قصف إسرائيلي شمالي غزة    ليالي أولاد جلال للمديح والإنشاد : الفنان مبارك دخلة يطرب الجمهور بباقة من اغاني المالوف    لمواكبة التحولات الرقمية.. دعوة إلى عصرنة المركز الوطني للسجل التجاري    طاقات متجددة : المشاريع المشتركة محور لقاء بين السيد ياسع وسفير ألمانيا بالجزائر    هنأ رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي.. رئيس الجمهورية يهنئ السيدة حدادي بمناسبة تنصيبها ومباشرة مهامها    رئيسة لجنة العلاقات الخارجية لإفريقيا بمجلس الشيوخ المكسيكي : إشادة بالدور الريادي للجزائر في تعزيز السلم الإفريقي والعالمي    ديباجة العدد 99 من مجلته الدورية : مجلس الأمة يجدد التزامه بدعم مشروع بناء "الجزائر المنتصرة"    حج 2025:اختيار رحلة الحج نهائي وغير قابل للتغيير    الجمعية العامة العادية ال 22 "للاكنوا" : إعادة انتخاب براف يؤكد حوكمته في التسيير لخدمة الرياضة في افريقيا    وزير التربية الوطنية يشرف على الاحتفال باليوم الدولي للرياضيات    العدوان الصهيوني على غزة: ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 48543 شهيدا و111981 جريحا    الجمعية العامة العادية ال 22 "للاكنوا": التركيبة الجديدة للمكتب التنفيذي    خبراء ومسؤولون : الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتعزيز الأداة الوطنية للإنجاز    فرنسا بدأت استخدام الكيمياوي بالجزائر سنة 1830    المخزن يُكرّس القمع وتكميم الأفواه    مولوجي تلتقي نظيرتها الأردنية    شرفة يترأس اجتماعاً    بلوزداد يواصل رحلة الكأس    الجمعية العامة العادية ال 22 "للاكنوا" : اعادة انتخاب الجزائري مصطفى براف بالتزكية على رأس الهيئة الرياضية القارية    دراجات: الجزائر تحتضن البطولة العربية 2025 للدراجات على الطريق والدراجات الجبلية    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يدعو إلى تظافر الجهود لمواجهة التحديات التي تعاني منها فئة ذوي الاحتياجات الخاصة    سوق أهراس.. احتراق 7 حافلات بحظيرة مؤسسة النقل الحضري و شبه الحضري    تكريم الفائزات في مسابقة المقاولات الناجحات    المسابقة الوطنية في تجويد القرآن "قارئ تلمسان": تكريم الفائزين بالمراتب الأولى    بلمهدي يُرافِع لتكوين مُقرئين ومؤذّنين ببصمة جزائرية    حفاوة جزائرية بالثقافة الفلسطينية    هكذا تحارب المعصية بالصيام..    الجزائر تدافع عن مصير الضحايا والناجين من الألغام    حج 2025: اختيار رحلة الحج نهائي وغير قابل للتغيير    ذوو الهمم قدوة في مواجهة الصعاب    رمضان : آيت منقلات يحيي حفلا بأوبرا الجزائر    مجمع سونلغاز يكرم عماله من ذوي الاحتياجات الخاصة    الجزائر العاصمة: توقيف امرأة تمتهن الطب بدون شهادة أو رخصة    رمضان: "إفطار جماعي ضخم" بالجزائر العاصمة    الأمم المتحدة تحذر من تزايد حدة الأزمات الإنسانية في قطاع غزة والضفة الغربية    ارتفاع حصيلة الشهداء الصحفيين في غزة خلال العدوان الصهيوني إلى 206    عملية استعجالية لتهيئة "سوق العاصر"    أقبو بشعار: التعثر ممنوع لتفادي الانفجار    تسويق 3.3 أطنان من الأسماك في الأسبوع الأول من رمضان    7 موزعات آلية جديدة تدخل الخدمة    خطوة إضافية لإعادة بعث السوق المالية    إدراج مكتب أعمال دنماركي في القائمة السوداء    "الطيارة الصفراء" تمثّل الجزائر    الدكتور بوزيد بومدين يدعو لفتح نقاش علمي تاريخي اجتماعي    بوشعالة والفرقاني يبدعان بأوبرا الجزائر    دعوة أطراف النزاع إلى اغتنام رمضان لوقف الاقتتال    200 مطعم رحمة تجمع العاصميّين في رمضان    مسابقة لاختيار أجمل بلدية ببومرداس    اجتماع الجزائر نقطة تحول بالنسبة للرياضة الأولمبية القارية    حفظ الجوارح في الصوم    العودة إلى قمم كرة القدم الإفريقية والدولية    بداري يزور الطلبة المصابين في حادث مرور بسطيف    تسويق أقلام الأنسولين المحلية قبل نهاية رمضان    زَكِّ نفسك بهذه العبادة في رمضان    ديوان الحج والعمرة يحذّر من المعلومات المغلوطة    رمضان.. شهر التوبة والمصالحة مع الذات    نزول الوحي    قريبا.. إنتاج المادة الأولية للباراسيتامول بالجزائر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأمة العربية تنفرد بنشر حكايات واعترافات سوداء في سجل القابعات خلف أسوار المؤسسة العقابية للنساء بق
نشر في الأمة العربية يوم 27 - 07 - 2010

لم يعد عالم السجن والمسجونين بالجزائر عموما من الطابوهات والمحرمات التي يحصر الحديث عنها والتطرق إليها في السنوات الأخيرة، لأن إدارة المؤسسات العقابية أضحت تنتهج سياسة الإنفتاح وتسمح للإعلام أن يلج هذه العوالم المجهولة لدى الكثير من الناس. عالم النساء السجينات لا يختلف عن عالم المسجونين من الرجال فلكل واحدة من القابعات خلف أسوار المؤسسة العقابية الكائنة بدائرة قديل بولاية وهران حكايتها مع الجريمة وأسرار أغرب من الخيال نسجت شريط حكاياتهن مع القدر بعدما جارت عليهن الدنيا وكشرت عن أنيابها لتتركهن فريسات سياط المجتمع الذي لا يرحم وأحكام الزمن الذي رسم على محيياتهن أثر الغبن وجروحا عميقة لن تندمل، وحين دخلنا السجن المذكور وبعد تقديمنا للتصريح الوزاري، فتحت لنا الأبواب على مصراعيها من إدارة المؤسسة فتحركنا بحرية وجمعنا اعترافات السجينات بدون ضغوط داخلية أو خارجية، السجن تقبع فيه 121 سجينة تتجرع كل واحدة منهن مرارة الندم وتعاني قسوة القدر.
يدل عدد النزيلات المرتفع على مستوى السجون عن مدى كثرة الجرائم التي ترتكبها النساء وهو الوضع الذي بات يدق ناقوس الخطر خاصة مع تزايد الظاهرة التي بلغت ذروتها، وهذا ما وقفنا عليه عند زيارتنا للتحقيق لتجسيد هذا العمل الميداني بالمؤسسة العقابية بدائرة قديل بولاية وهران، حيث وقفنا على عدة عينات لسجينات تراوحت أعمارهن ما بين 18 الى 67 سنة كل واحدة من هن في جعبتها حكاية أو قصة مأساوية وكأنك أمام قصص أو روايات تلفزيونية أو سينمائية، كلهن حاولن سردها بشكل يوحي أنهن جميعهن مظلومات ما عدا القلة من النساء اللواتي تحكين بفخر أنهن ارتكبن جريمة ما..؟ و تعترفن أن السنوات أو الفترة التي يقضينها وراء أسوار السجن هي العقاب المناسب وسيأتي الوقت أين يصبحن حرائر طليقات، فالسجن مليء بالقضايا المؤلمة والغربية. وفي نفس الوقت يحتوي على فئتين تتمثلان في الجرائم البسيطة والأخرى الصعبة، حيث تصدرت نسبة جرائم القتل والمخدرات صدارة القائمة ب60 بالمائة وذلك من عدد القضايا المتواجدة بالسجن المذكور، فضلا عن الجرائم المختلفة والأقل خطورة على غرار الدعارة والسرقة والشجارات. وبعد أن تم استقبالنا من طرف مدير المؤسسة الوقائية وطاقم الإدارة والحراس الذين يسهرون على راحة وحماية السجينات، تمت الموافقة على زيارة الجناح الأول للموقوفات، حيث أمر الضابط بفتح البوابة الرئيسية التي سرعان ما وقفنا أمامها انتابتنا لحظات من الإرتباك التي كان من ورائها جمع غفير من السجينات لم نتوقع أبدا أن يكون عددهن بهذا الحجم، حيث كانت البعض منهن تجلسن تحت ظل الجدار بعيدا عن أشعة الشمس الحارقة التي كانت بالزاوية الأخرى من زاوية السجن، فيما فضلت البقية منهن السير وتبادل الذكريات.
المؤبد لطالبة جامعية قتلت تاجرا للمجوهرات بمعسكر
ونحن نتبادل الحديث مع النزيلات اللواتي ارتحن لحضورنا، ظهرت أمامنا فتاة لا يتعدى عمرها ال 24 سنة وعلى وجهها تبدو خطوط التعب والإرهاق، إنها تدعى نادية طالبة في الحقوق، متورطة في قتل تاجر مجوهرات بولاية معسكر وأصدرت في حقها العدالة عقوبة المؤبد بعدما ثبتت في حقها تهمة القتل العمدي مع سبق الإسرار والترصد متبوعة بالسرقة، كانت ملامحها توحي بالندم الشديد أو الشوق للحرية ترتدي لباسا أسودا حزينا، صرحت نادية وعيناها تهطل دموعا الندم على الفكرة الشيطانية التي دمرت حياتها بعدما أن كانت تحلم أن تصبح إطارا في سلك العدالة وجدت نفسها حبيسة لمدى الحياة، حيث خططت للقتل وقتلت فعلا شيخا يملك محلا لبيع المجوهرات كي تطلق الفقر وتصبح مثلها مثل الفتيات الثريات. لم نود التعمق والإستفسار أكثر في روايتها الحزينة نظرا لحالتها النفسية المتدهورة، بل اكتفت بنيلها لشهادة الحلاقة والإعلام الآلي، فضلا على ثلاثة شهادات بكالوريا متتالية إثنان منها داخل السجن وهي تطمح حاليا أن تدرس وزارة العدل قضيتها من جديد بغية التخفيض من مدة عقوبتها.
قتلته رميا بالرصاص لتسعد مع عشيقها "الشومبيط "
تركنا السجينة نادية وتوجهنا إلى بعض السجينات علنا نجد سيناريو آخر حينها أدركنا أننا وسط رقعة مليئة بالألغاز والأسرار الغامضة، فكريمة مثلا دخلت السجن سنة 2001 ولم يتعدى عمرها آنذاك ال19 سنة فهي حالة مغايرة تماما للحالة السالفة، حيث صرحت أنها كانت مغرمة بشاب يعمل حرس بلدي بمنطقة سيق، والذي كانت تربطهما علاقة عاطفية كباقي الشباب في عقدهم، لكن الأقدار قلبت الكفة رأسا على عقب، إذ قرر والدها تزويجها مع شخص آخر يشغل بنفس المفرزة التي يشغل بها عشيقها، إذ صرحت أنها كانت تقابله خلسة وخيانة عن زوجها فلم ترضى الزوجة الخائنة ببعدها عن عشيقها، لتقرر حل المشكل نهائيا ففي يوم 19 ديسمبر من سنة 2001 قامت كريمة رفقة خليلها بإطلاق النار من بندقية ذات مضخة على رأس زوجها والتي كانت كافية لتنحيته عن طريقهما، لكن تجري الرياح بما لا تشتهيه السفن، حيث قبض على المجرمين وانطفأت شعلة الحب والأحلام في قلوب العاشقين اللذين سجنا للأبد.
أطفال رضع يدفعون ثمن جرائم اقترفتها أمهاتهم وراء القضبان
وما لفت انتباهنا أثناء تواجدنا في فناء وقاعات السجن الوقائي هم الأطفال الرضع والبالغ عددهم خمسة لا يتعدى سنهم العامين يتشبطون بين أيادي سجينات في عمر الزهور وعند استفسارنا عم الأمر وسبب عن تواجد هذه الشريحة بالذات خلف الأسوار والقضبان، علمنا أنهم ولدوا في السجن، أين تقضي أمهاتهم عقوبتهن حيث أن ملامح هؤلاء الرضع لا توحي بذالك بالنظر إلى الملابس اللائقة التي يرتدونها، فضلا عن روائحهم الزكية التي تنبعث من أجسادهم، حيث أكدت أمهاتهم على أنهن يقيضن فترات اليوم في العناية بأبنائهن ممتنات لإدارة السجن التي لم تبخل عليهم بأي من المتطلبات كتوفير الحليب وجلب المستلزمات الضرورية لهؤلاء الرضع من الألبسة، علاوة عن متابعتهم الصحية واحترام مواعيد التلقيح ومن جهة أخرى وجدت العديد من النزيلات أن تواجد هؤلاء الأطفال الرضع خلف القضبان بمثابة الترفيه عن النفس والنسيان التام للنظام الداخلي حسب المحبوسة فافا، التي صرحت عندما يبكي هؤلاء الأبرياء يتخيل لي أنني في البيت أو في الخارج فأنا أمضي كل وقتي في حمل ورعاية هؤلاء الرضع بالرغم من أنني عازبة، فأنا أحب تربية الأطفال.
مصالح الأمن تدعمت بالكلاب البوليسية لتوقيف بارونة الكوكايين
ومن قضايا الدعارة أو الآداب جمعنا بعض الحالات الخاصة بالتهريب والمتاجرة بالمخدرات فليس هناك مجال للقول أن التهريب والمتاجرة بالمخدرات يقتصران على الرجال فقط، بل اقتحمته بنات حواء بقوة وكأنهن يمارسن نشاطا تجاريا أو وظيفة حرة بحثا عن الربح السريع والثراء الفاحش وهو الأمر الذي عايناه خلال الزيارة الميدانية التي قادتنا إلى سجن النساء بقديل، فخديجة السيدة البالغة من العمر 41 سنة مغتربة وكانت تمارس نشاط النقل الدولي على متن سيارتها من نوع بوجو جي 5، تم ضبطها ذات ليلة وهي تتأهب لمغادرة ميناء وهران وبحوزتها كمية من المخدرات الرطبة قدرت ب15 كيلوغرام من الكيف المعالج التي كانت موجهة للتهريب نحو مدينة مرسيليا الفرنسية، وبعد أن تمت إحالتها على الجهات القضائية بتهمة التهريب الدولي والمتاجرة في المخدرات، أدينت بعقوبة بدائية تمثلت في عقوبة 15 سنة سجنا، لكن المعنية نفت التهمة المنسوبة إليها واكتفت بأنها سقطت ضحية مؤامرة أو بما يعرف بتصفية حسابات، إذ وصفت قضيتها بالقضية المفبركة إلى غاية الحكم الثاني الذي صدر من قبل محكمة الإستئناف والرامي إلى حبسها مدة 7 سنوات سجنا، فهذه السيدة تعد عينة من مجموع العديد ممن تواجدن بالسجن بنفس التهمة وكلهن تورطن في التهريب والمتاجرة في السموم فالعجوز فاطمة مثلا المتابعة هي أيضا بالجنحة المذكورة سلفا والتي تقضي عقوبة 10 سنوات سجنا، تنفي إطلاقا تورطها في القضية بل اكتفت أنها أم لخمسة أبناء وهي تقطن بحي شعبي وسط المدينة كانت تروي لنا مأساة ذلك اليوم الذي وضعت على أيديها أصفاد الفرقة الولائية لمكافحة المخدرات وتوقيفها رفقة أبناءها الثلاث وهي لا تزال تحت الصدمة لما حدث لعائلتها التي تشتت كليا، كانت الساعة حوالي 17سا30د من شهر فبراير من سنة 2008، أين اقتحمت فرقة مكافحة المخدرات مدعمة بالكلاب البوليسية المدربة مسكنها التواضع وتم حجز آنذاك كمية معتبرة من الكيف المعالج والأقراص المهلوسة والأسلحة البيضاء، فضلا على كمية أخرى هامة من السموم الصلبة الكوكايين.
فتيات يفضلن السرقة أو المتاجرة بأجسادهن بدل مد الأيدي
فليتشة ومامية سجينتان متورطتين في سرقة 6 سيارات من الطراز الفاخر فبالزي الرياضي وبالحركات الرجالية صرحن أنهن شريكتين في الإجرام تربطهن علاقة عمل وصداقة منذ فترة فهن تبنين جنحة سرقة المركبات حتى لا يمدن أيديهن للغير، حيث قمنا بمراوغة العديد من الرجال الذين كانوا يظنون أننا جواري أو بائعات الهوى، لكننا تمكنا من مراوغتهم وتجريدهم من ممتلكاتهم باستعمال الأدوية المنومة وبسخرية صرحت مامية مساكين الرجال يظنون أنهم أذكى وأقوى..؟، في حين أرجعت العشرات من الفتيات المتورطات في جنحة الدعارة سبب اقترافهن لهذه المحرمات إلى الفقر والمزيرية والإغتنام بالدرجة الأولى للظروف الاجتماعية التي يعاني منها غالبية الشباب أي الذكور نظرا لعدم قدرة هؤلاء على الزواج بسبب أزمة السكن لذا فهن يفضلن استغلال هذا الضعف.
قاتلة تفتخر بفعلتها واعتبرتها تمرد على طغيان الزوج
شد انتباهنا بين الفتيات تواجد امرأة طاعنة السن تحمل المصحف الكريم نظرت إلينا بعيون يملاها الفخر وعزة النفس ولكي لا نفوت الفرصة فإذا بنا نقترب منها أكثر فأكثر وبعد أن ألقينا عليها التحية سألناها عن سبب تواجدها خلف الأسوار فردت بعبارة باردة لقد قتلته، لم نفهم العبارة فأعدنا عليها الكرة، وردت نعم قتلته إنه زوجي نعم قتلته بساطور لقد نكل معيشتي لقد سئمت من معاملته الإحتكارية والدكتاتورية، لقد سئمت من عذاب دام سنوات لقد سئمت من معاملته العبودية لي ولأبنائي، لذا قررت التخلص منه وتحرير أبنائي، لقد كان يترصد لنا كل ليلة تغيب فيها الشمس.
هي تصريحات الحاجة خيرة صاحبة ال66 سنة التي سجنت سنة 1998 بتهمة القتل العمدي وصدرت في حقها عقوبة المؤبد، لكن وبعد الطعن تقلصت مدة عقوبتها إلى 20 سنة، كانت تروي لنا العجوز قصتها بكل فخر لأنها حررت أبنائها حسب اعترافاتها من مخالب الظلم والحقرة، مؤكدة أنها كانت ربة بيت وأم لأربعة أطفال تقطن بحي شعبي وسط مدنية وهران. خيرة عاشت ويل الزوج المنحرف الذي أغرقها بتصرفاته اللأخلاقية، حيث أكدت أنه حول البيت إلى معششة، تتصدرها الدعارة وشرب الخمر، كان سكيرا بالفعل ومدمنا على المخدرات لكنها لن تستطيع مقاومة هذا الوضع البائس وشتى أساليب التعذيب البسيكولوجية والجسدية إلى أن جاءت تلك الليلة، أين نشب شجار حاد بينها وبين زوجها تقول خيرة أنها تمردت وعزمت على مقاومة شبح الزوج الطاغي فأخذت ساطورا وقامت بتهشيم رأسه حتى أردته جثة هامدة وبكل فخر وعزة النفس تقول، أنا لست نادمة على فعلتي بل حررت أطفالي من كابوس حقيقي وعقب مغادرتنا للسجن واطلاعنا على كرونولوجيا الأحداث وقضايا مثيرة خططت لها وصنعتها أنامل نسوة وفتيات ظلت سبيلها يوما، استخلصنا عدة دروس وعبر يمكن التسلح بها في الحياة ألى وهي ضرورة أخذ بعين الإعتبار والنظر للمتابعة عن قرب تلك النسوة المتورطات في مثل هذه الجرائم من خلال ضرورة متابعة هذه الشريحة نفسانيا واجتماعيا خارج الأسوار من أجل متابعة كل واحدة على حدا لوضعها وحالها الاجتماعي بصفة دائمة لنهيها عن اقتراف جرائم أخرى مستقبلا وإعادة منحها الثقة في النفس.
مدير المؤسسة الوقائية للنساء بقديل أحمد هلال يصرح للأمة العربية:
"...العديد من السجينات يجدن في السجائر الأنيس الوحيد والمنسي للهموم..."
كشف السيد أحمد هلال مدير المؤسسة الوقائية لسجن قديل الكائن بدائرة قديل بولاية وهران عن الإرتفاع الخطير لمؤشر تورط العنصر النسوي في قضايا الجنح والجرائم مقارنة بالسنوات الفارطة، الأمر الذي بات يستدعي تكاثف الجهود لتشريح هذه الظاهرة وإيجاد السبل الكفيلة للحد منها، حيث علق على تواجد النساء والأمهات مع أبناءهن الذين ولدوا خلف القضبان بالوضع المأسوي وكان من المفترض أن تكون تلك الأمهات قدوة في التربية مع السهر على النشئ الصالح الذي من شأنه أن يساهم في بناء الوطن والمجتمع، إلا أن الظروف والتحولات التي أفرزتها بعض التغيرات داخل المجتمع الجزائري على غرار باقي المجتمعات ربما هي التي قذفت بالجنس اللطيف خلف أسوار السجون نتيجة تورطهن في عدة جرائم وجنح والتي كانت سالفا مقتصرة على الرجال وأضاف المسؤول أن مؤسسته تستقبل أسبوعيا ما بين 4 و9 نزيلات تورطن في قضايا مختلفة، حيث تعد الدعارة والسرقة، القتل، التزوير في صدارة السجن والملفت للإنتباه حسب السيد هلال هو ظهور جنحة أخرى لا يجب السكوت عليها والتي يمكن أن نقول عنها جريمة كانت في السابق تنسب ضمن التهم في سجل الجنس الخشن، ألا وهي الاعتداء على الأصول أو بما يعرف بضرب الأبناء على أوليائهم، إلا أن هنا يوجد العديد من هذه العينات وهو أمر مؤسف حقا وما يدل على تشتت الأسرة الجزائرية وفقدانها لحرمتها، كما أشار المدير إلى ظاهرة أخرى اتسعت مؤخرا وسط النزيلات، ألى وهي ظاهرة التدخين إذ تجد العديد من بنات حواء في التبغ الونيس الوحيد والمنسي للهموم.
التعليم والتكوين المهني وجد صدى كبيرا وسط المحبوسات
أما بخصوص المستوى الدراسي التي تحظى به السجينات، فقد أكد المتحدث أن غالبيتهن لا يتعدين المستوى النهائي، كما توجد فئة والأكثرية منهن إن صح التعبير صنفن في صف الأميات، الأمر الذي دفع بالبعض منهن إلى الإنخراط والتسجيل في صفوف التكوين المهني وذلك وفقا للإتفاقية المبرمة بين قطاع إدارة السجون وقطاع التكوين المهني، حيث تستفيد السجينات حاليا من التكوين في الإعلام الآلي والحلاقة والخياطة، ناهيك عن الطرز على القماش، في حين اعتبر محدثنا أن المشكل الوحيد الذي تعاني منه المؤسسة ألى وهو نقص في الكتاب البيداغوجي الخاص بالمتربصات، موضحا أن الإدارة سجلت السنة الدراسية الفارطة قرابة 68 متمدرسة في إطار التعليم عن بعد في جميع الأطوار وقد اعتبر المسؤول أن هذا القرار التحفيزي الذي رحبت به السجينات كثيرا أي قرار رئيس الجهورية الرامي بالعفو على كل سجين تابع أو حاز على شهادة، إما كانت تعليمية أو تكوينية فهذه المبادرة أعطت غيرة وإرادة كبيرتين وسط السجينات اللواتي يرغبن في تطليق أسوار السجن.
المرأة فقدت دفئها ورقتها ولبست قناع الشر والمكر
السجن به برامج عديدة ومتنوعة على مدار السنة، خاصة ونحن على أبواب شهر رمضان المعظم فهناك مجموعة المرشدات الدينيات اللواتي تقوم بتوعية وإلقاء الدروس الدينية وكذا تقديم مواعظ من أجل خلق الراحة البسيكولوجية والنفسية في نفوس السجينات، كما لوحظ اعتكاف شديد في قراءة القرءان الكريم وسط النزيلات المتورطات في جرائم القتل وهو ما يدل ويؤكد على الشعور بالذنب والندم والحسرة على ما اقترفته في حق المجتمع وفي حق أنفسهن. وفي كلمة إختتامية أكد السيد هلال أحمد أن اليتيم ليس يتيم الأم أو الأب، بل هو يتيم الحرية فافتقاد الشخص لحريته كما هو حال النزيلات أمر صعب للغاية، وفي سياق متصل دعا محدثنا إلى ضرورة كسر الطابوهات والاعتراف بحقيقة الوضع الذي آلت إليه المرأة في مجتمعنا ودراسة المسببات التي كانت وراء دخول الأم والأخت والزوجة خلف الأسوار بعدما كانت تعد مصدرا للدفئ والحنان الأسري وقوة لحماية الأبناء والسهر عليهم وتحفظهم من الضياع تحولت إلى بارونة مخدرات، قاتلة وسارقة فقدت رقتها وحنانها ولبست قناع العنف والمكر بسواد القلب. حاوره: رضوان بوعالية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.