على وقع أنغام الموسيقى الافريقية، ووسط عروض فنية متنوعة تعكس وجه أفريقيا التاريخي والحضاري والثقافي انطلقت بالعاصمة السنغالية دكار النسخة الثالثة للمهرجان العالمي للفنون الزنجية. ووصف الرئيس السنغالي عبد الله واد التظاهرة بأنها تنام للحركة الزنجية، داعيا إلى مواصلة "الكفاح الثقافي". وشاركت في النهوض بالحفل الافتتاحي وجوه فنية بارزة، كالسنغاليين يوسف اندور الملقب بملك موسيقى امبلخ السنغالية، وإسماعيل لو، والمغنية البنينية أنجليك كودجو، وفرق موسيقية من إثيوبيا والولاياتالمتحدة الأميركية وهايتي وجنوب إفريقيا. الجزائر حاضرة بقوة وتستمر فعاليات المهرجان الى غاية نهاية الشهر من السنة الجارية، وتشمل تظاهرات فنية وموسيقية، وأدبية ترافقها ندوات وحوارات فكرية عن كيفية الارتقاء بالثقافة والنهضة الإفريقيتين. وقد عرفت المشاركة الجزائرية بصمة نوعية بوفد ضخم من الفنانين تقوده وزيرة القطاع خليدة تومي. وإلى جانب الجزائر، يشارك في المهرجان أكثر من 1600 فنان وموسيقار جاؤوا من مختلف أرجاء القارة الأفريقية والولاياتالمتحدة الأميركية والمارتنيك والبرازيل. وكان حفل الافتتاح الرسمي قد شهد حضور رؤساء كل من موريتانيا وغينيا بيساو وغينيا الاستوائية، وممثلون عن حكومات إفريقية عديدة، بينها الوزيرة خليدة تومي، بالإضافة إلى وزير الثقافة البرازيلي، الذي منحت بلاده صفة ضيف شرف المهرجان. حفظ الهوية وقال الرئيس السنغالي عبد الله واد في كلمته الافتتاحية، إن هذه التظاهرة الفنية "ستشكل ملتقى ذا بعد ثقافي للفنانين الأفارقة"، وأضاف أن أفريقيا كما هي غنية بمواردها الطبيعية، فهي أيضا غنية بثقافتها وبتراثها، وتابع "الفنون الإفريقية أصبحت اليوم تمتاز بالكثير من التقدير على المستوى العالمي، رغم ما عانته القارة من معوقات تاريخية تمثلت في أربعة قرون ونصف من تجارة الرقيق، وقرنين من الاستعمار". وعن السياق الذي جاءت فيه التظاهرة، قال واد إنه "يعكس تنامي الحركة الزنجية، التي تطالب بالحفاظ على الخصوصية الزنجية وتطويرها"، مضيفا أن هذه الحركة لا تزال موجودة ولها أتباع كثر في إفريقيا والشتات. مستقبل واعد وأردف الرئيس السنغالي أن رواد الحركة الزنجية كانت لهم إسهامات ملحوظة في الفنون والعلوم والتكنولوجيا خلال القرنين التاسع عشر والعشرين، ودعا إلى مواصلة الكفاح الثقافي، قائلا إنه متأكد من أن مستقبل أفريقيا في هذا المجال مستقبل واعد. وختم الرئيس واد كلمته بالتنويه "بجهود كبار مثقفي تيار الزنجية، أمثال الرئيس السنغالي الراحل ليوبولد سينغور، والرئيس الغاني نكوام انكروما". يذكر أن الحركة الزنجية (أو الزنوجة) هي حركة أدبية سياسية، ويعد الشاعر والرئيس السنغالي الراحل سنغور والشاعر المارتينيكي إيمي سيزير والشاعر المنحدر من جزر جيانا ليون داما الرواد المؤسسين لهذه الحركة. وتبنت الحركة اللون الأسود أساسًا للهوية في مواجهة الاستعمار العنصري الفرنسي إبان فترة التحرر الوطني، وللحركة تأثر وارتباط بنهوض كتاب سود من الولاياتالمتحدة. من جانبه، اعتبر المخرج السينمائي الموريتاني الكبير عبد الرحمن سيسوكو أن المهرجان العالمي للفنون الزنجية يمثل نهضة ثقافية فريدة، وأضاف أن ما حصل يعد بمثابة عرس ثقافي يجمع كافة مكونات الثقافة الإفريقية. وردا على سؤال حول أسباب انقطاع المهرجان الفترة الماضية، قال السينمائي في حديث ل "الجزيرة" إن الخلافات السياسية هي التي كانت تعيق تنظيم المهرجان، متمنيا أن تكون هذه الطبعة بداية فعلية للإسهام في الارتقاء بالفنون الزنجية. يذكر أن المهرجان يعتبر أكبر حدث ثقافي على مستوى القارة، ونظمت نسخته الأولي سنة 1966 بدكار، ونظمت النسخة الثانية سنة 1977 في لاغوس، وتعتبر السنغال صاحبة فكرة المهرجان.