هل يكفي أن تنظم جائزة باسم شخصية من الشخصيات الفكرية أو الأدبية وتعقد لهم ملتقيات تناقش فيها جانب من جوانبهم الفكرية ويُهمل الجانب الآخر، لأنها لا تتلاءم وطبيعة النظام السياسي للبلد التي تنتمي له هذه الشخصيات؟ إذا قلنا أن هذه الملتقيات أصبحت هي الأخرى تعرف مشاركات محتشمة بفعل التكرار في المواضيع حتى لا نقول "الإجترار"، فالكثير من الأسماء الفكرية أصبحت في زمن كان، فكم من أديب أو شاعر همشه الأدباء والشعراء، وكم من فيلسوف همشه الفلاسفة؟، لأن أفكارهم معارضة للواقع السياسي. غياب العمل الجماعي أدى إلى إجهاض الجائزة عرفت جائزة العلامة عبد الحميد ابن باديس في طبعتها السابعة لسنة 2011 تراجعا كبيرا وملحوظا من حيث المشاركة، مقارنة مع الطبعات التي سبقتها (2009 و2010)، حيث انخفض عدد المشاركين من 159 في الطبعة الخامسة، إلى 122 في الطبعة السادسة 2010، ليصل عدد المشاركين في الطبعة الحالية إلى 86 مشاركا فقط، وهي مشاركة يلاحظ أنها محتشمة جدا بالنظر إلى القيمة المالية التي رصدت لها من قبل المجلس الشعبي الولائي، و أدى ضعف المشاركة إلى حجب 05 جوائز، وهي (الجائزة الأولى والثانية في السرد والقصة، الجائزة الأولى والثانية في الفكر الحضارة، والجائزة الأولى في الشرطة السمعية و البصرية..)، ذلك كون الأعمال لم تكن في المستوى المطلوب، الأمر الذي جعل أعضاء لجنة التحكيم المشكلة من أدباء ومختصين في الفكر والثقافة يوجهون عدة انتقادات، في مقدمتها الطريقة التي روجت لها الجائزة، والقصد من ذلك أن الجائزة لم يوفر لها الزخم الإعلامي المطلوب ولم تلق رعاية كافية من قبل وسائل الإعلام، كما أن الإعلان عن المسابقة جاء في وقت متأخر، مؤكدين أنه قبل أن تكون جائزة مغاربية مثلما طالب رئيس اللجنة، على لجنة الجائزة أن تتدارك الأمر وتصحح الأخطاء وتسهر كذلك على تطويرها و إنجاحها وطنيا وإعطاء الرجل مكانته اللائقة به. الذي يدخل كواليس المجلس الشعبي الولائي يقف على الصراع الدائر بين "النخبة" حول من يترأس لجنة الجائزة، ووسط هذا الصراع تم الترويج لفكرة "الاحتكار" في ترأس اللجنة، حيث أن رئاسة الجلسة اقتصرت على شخص واحد وهو سعد بغيجة محامي ورئيس لجنة التعمير بالمجلس الشعبي لولاية قسنطينة، وكان من الأولى حسبهم أن يترأس اللجنة رجل مختص في الأدب ويفهم في شؤون الشعر والقصة والفنون، الملاحظون أكدوا في هذه المناسبة أن تراجع نسبة المشاركة سببها العمل "الفرادي" كون اللجنة لم تشرك باقي أعضاء المجلس في تطوير الجائزة وترقيتها وهو الذي يتشكل (أي المجلس) من إطارات علمية، فكرية، أدبية وإعلامية، وخاصة في مسالة تكريم المؤسسات و الجمعيات، ونشير هنا أنه ما ميز حفل توزيع الجوائز على الفائزين، هو تكريم المقرئ مربعي محمد إرشاد من جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية و الحائز على المركز الأول بجائزة دبي الدولية للقرآن الكريم في طبعتها الرابعة عشر.. عائلة ابن باديس المتكونة من شقيق الشيخ العلامة عبد الحميد ابن باديس وابنته السيناتورة (عن الثلث الرئاسي) فوزية بن باديس حضرا حفل تكريم المتسابقين على الجائزة غير أنهما لزما الصمت و لم يبديا انطباعهما حول الطريقة والكيفية التي حضرت لها الجائزة، وطرح هذا الصمت الكثير من التساؤلات، للكشف عن بعض الأسرار الخفية، فمنذ سنتين أو ثلاث سنوات وفي ملتقى وطني حول مسيرة العلامة عبد الحميد ابن باديس عقد بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية، وقف شاب و هو يصرخ داخل قاعة المحاضرات عبد الحميد ابن باديس بذات الجامعة، أنه الابن الشرعي لعائلة ابن باديس، وتفاجأ الحضور لصرخته، إلى حد أن قام منضمو الملتقى بطرده خارج القاعة، غير أن الشاب راح يواصل صرخته ببهو الجامعة و هو يخرج من جيبه بعض الوثائق، مشيرا إلى أن القضية أمام العدالة، و لكن لا أحد صدقه، أو استمع إليه، وظن البعض أنه "مجنون" أو " مأمور" من جهة معينة، حتى الصحافة لزمت الصمت و لم تكتب عن المشهد، حفاظا على سمعة الرجل الذي بلغ صيته العالم وأصبحت كتاباته وأفكاره ملك للجميع، لاسيما وكما قال والي قسنطينة نور الدين بدوي في مداخلته خلال حفل التوزيع "إن الذين كتبوا عن ابن باديس عرب وأجانب وليسوا جزائريين".