طالبت حقوقيات جزائريات المشرع والقاضي الجزائري بعدم الاكتفاء بمطالبة المرأة، ضحية التحرش الجنسي، بتقديم الإثبات على ما تعرضت له من اعتداء لا يمكن واقعا ومنطقيا إثباته، مشددات على ضرورة تعزيز وإثراء المادة 341 مكرر من قانون العقوبات التي تعاقب المسؤول المتحرش جنسيا بالعاملات معه. شدّدت نصيرة مراح ونجية زغودة الناشطتان تحت لواء لجنة المرأة التابعة للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان في لقاء خاص مع الأمة العربية على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار تلك النتائج المترتبة عن تعرض المرأة للتحرش الجنسي والتي تظهر عادة في شكل ابتزاز وعقوبات ولتهميش مهني وغيرها من العقوبات أو الاستفزازات التي يمارسها المسؤول في العمل على العاملات اللواتي عادة ما تحتل الواحدة منهن منصبا أقل مستوى. ودعت المتحدثات إلى اعتبار ذلك من المؤشرات التي تؤكد التعرض للتحرش الجنسي. وأكدت نصيرة مراح صعوبة استفادة المرأة، ضحية التحرش، من مضمون المادة 341 مكرر التي تفرض تقديم الدليل على التعرض للضرر محل الشكوى، أو الإتيان بالشاهد "بينما من غير المنطقي أن يترك الفاعل دليا يدينه أو يمارس تحرشه في حضور شهود". وتذكر محدثتنا حالة شهود أدلوا بشهادتهم فوجدوا أنفسهم في آخر المطاف مفصولين عن العمل لأسباب غير مقنعة تعود في الأصل لرغبة الإدارة في الانتقام منهم. وحسب السيدة مراح، فإن هده الظاهرة ليست جديدة في المجتمع الجزائري لكنها "تفاقمت أكثر مع الأزمة الاقتصادية ... فحينما يصعب العثور على فرصة عمل يصعب التفريط فيها أيضا، معادلة يدركها المسؤول جيدا فيستغل من خلالها حاجة المرأة للوظيفة، ...عدد كبير يتعمّد مساومتها على شرفها مقابل البقاء في منصبها". وعبّرت محدثتنا عن استيائها من تلك "التبريرات التي يتحجج بها البعض ممن يرجعون تعرض المرأة للتحرش لمظهرها أو طريقة لبسها ...". وقالت الحقوقية نجية زغودة ل"الأمة العربية" إنه خلال "قرابة الثلاث سنوات تم استقبال أزيد من خمسة آلاف اتصال هاتفي من نساء ضحايا التحرش الجنسي تشتكين مساس مسؤوليهن في العمل بشرفهن" وتم استقبال المكالمات الهاتفية من قبل عاملي مراكز الإصغاء المتوفرة عبر مختلف ولايات الوطن، "لكنها تظل قليلة، ويظل هناك نقص بخصوص الإعلام حولها" تقول السيدة زغودة، التي تضيف أنه "مهما كانت الأرقام المعلنة المتعلقة بظاهرة التحرش الجنسي تظل غير معبّرة وبعيدة عن الواقع، نظرا لإحجام الكثير من النساء عن التبليغ لعدة اعتبارات من بينها الخوف من الفضيحة والعائلة وانتقام الإدارة ..." وتعرض اليوم النقابة الوطنية للصحافيين فيلم "ريح الشمال" الذي يتطرق للظاهرة في أماكن العمل، وذلك في قاعة المحاضرات بدار الصحافة الطاهر جاووت على الساعة الواحدة بعد الزوال يتبع بنقاش مستفيض.