لم يعد التحرش الجنسي في بلادنا من الأمور التي يمكن الصمت حيالها أو تجاوزها، هذا ما صرحت به السيدة نجية زغودة رئيسة اللجنة الجزائرية لمكافحة التمييز ضد المرأة حيث ذكرت أن عدد المتحرش بهن من النساء بلغ في سنة 2007 أكثر من 267 شهادة حية في 293 اتصال بمركز إصغاء واحد فقط تابع للاتحاد العام للعمال الجزائريين وما خفي كان أعظم. أعلنت السيدة زغودة في ندوة صحفية عقدتها بمقر الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان عن انطلاق الحملة الوطنية لمحاربة التحرش الجنسي التي ستدوم من 25 نوفمبر إلى غاية 10من ديسمبر القادم، بالتعاون مع الجمعيات الناشطة في المجال لتحسيس المجتمع بخطورة العنف الممارس ضد المرأة خاصة التحرش الجنسي لأن الأمر قد يفوق تصور الكثير من الناس فما خفي كان أعظم.وأضافت أن لجنة مكافحة التمييز ضد المرأة تعكف بالاستعانة بمراكز الشرطة والدرك الوطني وبمساهمة الجمعيات الناشطة في مجال حقوق المرأة ومراكز الإيواء والإصغاء على وضع إحصاءات دقيقة حول عدد النساء المعنفات في الجزائر والمتعرضات للتحرش الجنسي عبر الوطن وقد خصصت لذلك أرقام هاتفية تتصل بها المرأة في وقت أرادت لتقديم شكواها حول العنف الذي تتعرض له وأضافت السيدة زغودة أن كل ما يقومون به غير كاف وعلى الدولة أن تقدم مساعدات أكبر للمرأة المعنفة، وتبقى مساعدات اللجنة أو أي جمعية أخرى عبر الوطن غير كافية وعلى الدولة أن تقوم بفتح مراكز إيواء جديدة ومراكز تكفل تضمن متابعة المرأة المعنفة وتقديم يد العون لها نفسيا وصحيا وماديا. واعتبرت المتحدثة أن التحرش الجنسي في مجتمعنا بدأ يفرض نفسه بأشكال متعددة داخل المجتمع، ورأت أن العنف الممارس ضد المرأة عنف ضد الإنسانية. وأضافت أن اللجنة ستقوم بعدة نشاطات وعرض أفلام ومحاضرات عبر الولايات لتحسيس والتوعية بخطورة العنف ضد المرأة خاصة ما تعلق منه بالتحرش الجنسي الذي يعتبره الكثيرون طابو، لكن المهم ألا يواجه بالصمت لأن الصمت يزيد من الظاهرة ولا ينقص منها أبدا وعلى المجتمع أن يعي خطورتها لأنها تمس بكرامة المرأة وتعرضها إلى مشاكل صحية ونفسية معقدة، خاصة وأن مجتمعنا يلقي باللوم على المرأة في هذه القضايا وهذا ما يدعوها لاختيار الصمت، أما الفئة القليلة التي نددت بالتحرش الجنسي فقد كان مصير أغلبها صراعات طويلة في المحاكم انتهت لصالح المتحرش لأن القضاء يطلب الشاهد الذي ينعدم في مثل هذه القضايا، فالمتحرش يختار الوقت والمكان الذي يناسبه أما إذا كان هناك شهود فأغلبهم يختارون الصمت خوفا من فقدان وظائفهم خاصة الذين يعملون بنظام العقود المتجددة. وطالبت اللجنة على لسان رئيستها من وزير العدل بمادة تكفل حقوق الشاهد وتضمن حمايته وتمكّن الضحية من حقها في التعويض المادي لأن نص المادة 341 من قانون العقوبات المعدلة بالمادة 341 مكرر التي تعاقب المتحرش وتجرم التحرش الجنسي وتدين الفاعل، تبقى غير كافية ويجب وضع قوانين رادعة تساهم في إيقاف مثل هذه الظواهر الخطيرة. أما الأستاذ حسين زغوان رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان فقد ألح على ضرورة أن تتكلم المرأة للدفاع عن نفسها وألا تختار الصمت ويحب على الجمعيات النسوية أن تهيكل نفسها وتنظمها لأنها المعنية الأولى بظاهرة العنف والتحرش الجنسي وعليها مواجهة الأمر بكل حزم وإيجاد طرق كفيلة بحمايتها.