قمعت الشرطة الموريتانية، أمس، مسيرة شبابية نظمها شباب 25 فيفري الذي ينشط منذ نحو عام ضد نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز ويطالب بإصلاحات سياسية واجتماعية جذرية، وقبيل ذلك تم إحراق ثلاث حافلات تابعة لشركة النقل العمومية. وكان شباب 25 فيفري ينوون استئناف أنشطتهم النضالية المتعطلة منذ فترة بعد أن تشظت حركتهم إلى مجموعات بعضها أصبح داعما للنظام الحالي وتخلى عن التظاهر في الشارع للمطالبة بالإصلاحات السياسية والاجتماعية. واعتقلت الشرطة نحو 17 متظاهرا من بينهم ثلاث شابات شاركن في مظاهرة، أمس، كما أطلقت وابلا من مسيلات الدموع على المتظاهرين الذين كانوا يحملون صفارات إنذار وبطاقات صفرا للتحذير من مخاطر الوضعية التي تعيشها البلاد في ظل النظام الحالي. وقال بيان لحركة الخامس والعشرين فيفري إن نحو عشرين من شبابها جرحوا ونكل بهم وأدخلوا "سجون الظلم والطغيان" فداء للوطن وتضحية من أجله، حسب بيان الحركة الشبابية. وقبيل انطلاق المظاهرة الشبابية أضرم مجهولون النار في ثلاث حافلات تابعة لشركة النقل العمومي، وفتحت الشرطة الموريتانية تحقيقا في ملابسات الحادث دون أن توجه أصابع الاتهام حتى الآن لأي جهة معينة.ونفت حركة الخامس والعشرين أي صلة لها بإحراق الحافلات، واتهمت النظام بالمقابل بتلفيق وفبركة تهمة إحراق الحافلات من أجل تشويه نضال شباب الحركة، وقالت "إن عليه أن يعلم أن زمان التلفيقات والسيناريوهات المستهلكة ولى إلى غير رجعة". وتزامنت تلك التطورات مع اشتباكات في محيط جامعة نواكشوط بين الشرطة التي فرضت طوقا قويا على مباني الجامعة، وطلاب رافضين لإجراء الامتحانات الفصلية، في الوقت الذي يعتقل ويفصل فيه زملاء لهم بسبب مشاركتهم في ما تقول السلطات إنها أعمال شغب وفوضى. وقد ندد حزب التكتل الذي يترأسه زعيم المعارضة أحمد ولد داداه بقمع المسيرة الشبابية، وطالب بإطلاق سراح الموقوفين على الفور، كما دعا كل القوى الحية في البلاد للوقوف في وجه ما يصفه ب "النظام القمعي لمحمد ولد عبد العزيز، وتماديه في تكريس نظام دكتاتوري أحادي في البلاد". ونظم عدد من البرلمانيين والنشطاء الحقوقيين وقفة أمام أحد مراكز الشرطة التي يعتقل فيها بعض الموقوفين، مطالبين بإطلاق سراحهم والسماح لهم ولذويهم بالاتصال بهم ومعاينة الظروف التي يوجدون بها، وسمحت السلطات لاحقا للفريق البرلماني بمعاينة المعتقلين والتحدث إليهم. وقال النائب البرلماني عبد الرحمن ولد ميني للجزيرة نت، إن النواب لاحظوا خلال معاينهم المعتقلين أن أحدهم مصاب في ظهره إصابة لم يستطع تحديد مستواها وما إذا كانت خطيرة بالفعل، كما أن من بينهم أحد الطلاب الذي يجري امتحاناته الفصلية في هذه الأيام. وتأتي تلك التطورات وسط موجة من التصعيد السياسي والإعلامي تقوم بها المعارضة الموريتانية ضد نظام الرئيس محمد ولد عبد العزيز، فيما ترى أحزاب وقوى الأغلبية أن ما تصفه بالنهج الإصلاحي الذي يسير عليه النظام الحالي حمى البلاد من تداعيات الثورات التي عاشها عدد من البلدان العربية.