كتب ابن خلدون عن العمران فأبدع في وصفه وربطه بتطور الأمم أو تخلفها، ولم ينس حظ الأعراب من الذكر حين قال مقولته الشهيرة "إذا عربت خربت" ومهما قال عن أعراب عصره يبقى أعراب ذلك الزمان أعظم شرفا وولاءً للأخلاق من أعرابنا اليوم فأعراب اليوم برعوا في تجميل المؤخرات وعقدوا لأجلها الندوات وأنشئوا لها القنوات والفضائيات وجعلوا من تطور المؤخرات من تطور الأمم وحضارتها.. كما جعل ابن خلدون من رقي العمران من رقي الأمم. قنواتنا التي يسيرها الأعراب بتفكير أبا جهل وعقل أبا لهب أضربت عن الفكر وأطبقت عليه صمتا بل وتعكف على إنشاء جيل جديد يعتمد على الرقص بالمؤخرة، فصار الرقص الشرقي الذي يعتمد فيه على تحريك المؤخرة فنا وإرثا حضاريا خالصا للعرب وجب تطويره والنهوض به من أجل مؤخرة أفضل ونشره بين الأمم، بل أوصلوه إلى روسيا وأقاصي الغرب لنحدث بدعة حضارية لم يسبقنا بها حتى ابن خلدون بمقدمته الشهيرة وهي علم المؤخرات. من أعاجيب العرب والأعراب وما بينهما من بدو وحضر أن يصل تفكير نخبنا وكتابنا إلى الاهتمام بالمؤخرات التي أصبحت علما قائما وفنا وذوقا جميلا، وادخلوا نوادي عرض الأزياء واحكموا بأنفسكم، واسألوا أهل الفن كيف صيرهم الرقص أشهر من نار على علم. إن رقي أي أمة لا يقاس بعمرانها فقط كما ورد في مقدمة ابن خلدون ولكنه يقاس بنخبها المفكرة، فابن خلدون كتب مقدمته الشهيرة في عصر كان للأمة فيه شأن رغم المكائد ورغم الهجمات ومحاولة تقويض أركانها، وها هي اليوم في ذيل ترتيب الأمم بعد شعوب الزولو أنكاتا في أدغال إفريقيا وشعوب في أدغال الأمازون وبطبيعة الحال يكون أمرنا غريب أن نتحدث عن مقدمة ونحن في المؤخرة، فالعلاقة بين التطور والتأخر والتقدم علاقة طردية كما يقول علماء الرياضيات، فكلما كانت الأمة في الصدارة يكون كل شيء فيها يتحدث عن مقدمة ما، ليست بالضرورة مقدمة ابن خلدون وكلما كانت الأمة في الهاوية يكون للمؤخرة شأن عظيم بل حدثا أبرز، ولو لم يكن الأمر كذلك لما صنع أعرابنا اليوم من المؤخرات حضارة تضاهي حضارة بنو الأحمر في الأندلس.