الشواطئ الصخرية غير المحروسة.. أو ذلك الموت الذي يتربص بشباب العاصمة قد تكون الشواطئ الصخرية الغربية للعاصمة هي الأكثر جلبة واستقطابا لهذه الفئة بالرغم من إدمان البعض الآخر على بعض الشواطئ الصخرية الشرقية على غرار "جومبار". فما إن تشتد حرارة أي يوم من أيام الصيف حتى ينطلق هؤلاء الفتية المراهقون وحتى الشباب وبعض الأطفال باتجاه هذه الشواطئ والتي ما أكثر منها ما هو غير محروس ابتداء من فرونكو، باينام، ميرامار، وصولا إلى شواطئ عين البنيان ، وسبيلهم في الغالب الحافلات التي غدا أصحابها يتحاشون نقلهم بالنظر للجلبة والفوضى العارمة التي يحدثونها، خاصة وأنهم يتنقلون بشكل جماعي، والتي تزعج في الغالب باقي الركاب، كما أن هؤلاء الأطفال والمراهقين لا يقومون في كثير من الأحيان بتسديد تذاكر تنقلهم، حيث تجدهم يتحاشون قابض التذاكر إلى غاية وصولهم إلى شاطئهم، كما أن منهم من يلجأ على استجداء واستعطاف الركاب كي يسددوا عنه تذكرته بدعوى أنه لا يملك شيئا. ما إن يحط هؤلاء رحالهم حتى تجدهم متهافتين على الشواطئ الصخرية والتي تتيح لهم شيئا من المغامرة التي يصبغ عليها نوع من التحدي والمنافسة البينية، وحكمتهم في ذلك البحث عن "الخلوي" عبر الصخور المترامية رغم كل الأخطار التي تحدق بهم ضاربين عرض الحائط كل التحذيرات من مغبة ما قد يلقونه فيها، في ظل غياب رقابة حماية حراس الشواطئ ورقابة الأولياء الذين يسعون في الغالب منع تنقلهم لمثل هذه الأماكن الخطرة التي أضحت تشهد كل موسم اصطياف قصة لضحية فقدت حياتها بشكل أو بآخر. رحلة بعيدة عن رقابة الأولياء لو أخذنا في تعداد أخطار هذه الأماكن فسنجدها بالكاد منتهية، فبدءا مما قد يتعرض له البعض وبخاصة الأطفال من ضربات الشمس والتي تضر بهم وتتسبب في حرق جلودهم بالنظر لافتقار هذه الأماكن للمظلات الشمسية وانعدام أماكن يستظلون بها من حر الشمس المحرقة بها طيلة فترة مكوثهم هناك والتي تمتد لساعات طويلة من النهار، والتي قد تستمر في بعض الأحيان إلى الليل وما بعد الغروب. تنقلت "الأمة العربية" إلى بعض هذه الشواطئ لنقل يوميات هؤلاء الشباب عن قرب، لنلتقي ب "رفيق" ذو 14 ربيعا هو أحد عشاق شاطئ "ميرامار" الصخري حيث أنه بالرغم من تحذيرات والديه من التوجه إلى الأماكن الصخرية إلا أنه ينطلق خلسة إلى تلك الشواطئ برفقة بعض زملائه ورفاق الحي مدعيا أنه يتجه إلى الجانب المحروس من الشاطئ والذي يعد عشرات الأمتار عن غايته، ولما سألناه عن سبب إقبالهم على هذه الأماكن بالرغم من خطورتها كشف لنا بأن الهدوء وعدم وجود "الغاشي" هو الهدف، وقال " هنا نجلس بعيدا عن أعين الناس ومن هذه الصخور المرتفعة نسبح كما نريد وكيف نريد" . كما أن اقترابنا إلى هؤلاء الفتية نبهنا إلى أن أكل "هواة الروشيات" في الغالب قد يعرضهم لتسممات غذائية حادة، فبإكتفائهم بما قد أحضروه من المنزل والذي لا يتعدى أن يكون خضرا مقلية بطاطا، طرشي ..أو بالإضافة إلى الجبن وبعض العصير والمشروبات الغازية في أحسن الأحوال أو ما قد يشتروه من بعض محلات الأكل السريع، مواد قد تفقد ذوقها وتفقد سلامتها من تعرضها المباشر لأشعة الشمس الضارة. وللمخدرات والكحول نصيب... وتعتير هذه الأماكن بالإضافة إلى كونها مكانا للاستجمام ومتنفسا بعيدا عن ضوضاء المدينة والحي مكانا مثاليا، للمدمنين على المخدرات والكحول وأكبر دليل على ذلك هو العدد الهائل لعلب الخمر المترامية على هذه الصخور أو المتواجدة بالبحر، كما أن البعض من هؤلاء المراهقين الذين وقعوا في فخ المخدرات لا يتوانون عن إحضارها معهم إلى هنا وتعاطيها، وهذا ما أكده لنا "فريد" أحد الشباب كثير الإقبال على شاطئ "جومبار" ب"عين طاية" حيث صرح لنا بأن الحبوب المهلوسة والقنب الهندي وعددا لا بأس به من أنواع المخدرات تصاحب الشباب لدى قدومهم إلى البحر، ولمن نفذت لديه فهناك أيضا من يبيعها، وأضاف وما إن تجد أحدهم قد بلغت به النشوة مداها وقام المخدر بمفعوله حتى تجده يرقى أعلى الصخور ويقفز منها، كما تجد بعضهم يحاول السباحة بعيدا عن الشاطئ ، ما أدى بكثيرين منهم للغرق وفارق عدد منهم الحياة. إن هذه الوضعية وبرغم تفاقمها في شواطئ العاصمة وحتى للولايات الساحلية الأخرى تدفعنا للنظر مليا في دور أولياء هؤلاء المراهقين وخاصة الأطفال والذين يقبلون يوميا ودوريا إلى هذه الشواطئ برغم ما تحمله من أخطار على أرواحهم من البحر أو من المنحرفين الذين يجدون في"الروشيات" ملاذا لهم، والذين لا يتوانون في الإضرار وأذية كل من تطاله أيديهم وهم في نشوة مسكراتهم، والتي تدفعهم في بعض الحالات إلى سرقة أمتعة وهواتف الآخرين أو حتى التحرش الجنسي بالأطفال ومحاولة اختطافهم. خاصة وأن هذه الشواطئ غير المحروسة من الحماية المدنية، غير محروسة في الغالب أيضا من أفراد الشرطة والأمن.