لما اتخذت السلطات الأمنية في الجزائر قرار منع استيراد سيارات القديمة من نوع "زاد أش"، لم يفهم من كانوا يقتنونها سر هذا الإجراء، السيارات كان مصدرها الأول بلجيكا، حيث تتواجد مصانع الأسلحة الخفيفة التى يديرها يهود إسرائيل. في هذا المنوال، كانت المصالح الأمنية المختصة وعلى رأسها مصالح الدرك قد اكتشفت أمر تزويد جماعات الموت في الجزائر بكميات هامة من الأسلحة كانت مصدرها دولة بلجيكا، وبعض الدول الأخرى. الأسلحة التى تم حجزها لدى عناصر "الجيا"، مكنت المصالح الأمنية المختصة من التوصل إلى اكتشاف الكيفية التى تم بها إدخالها إلى الجزائر، حيث ركزت في تحرياتها على قضية تهافت بعض المستوردين على جلب السيارات القديمة القادمة من بلجيكا، التي كانت تعتبر الزبون الأول للجزائر في هذا المجال. وعلى إثر معلومات موثوق بها، تمكن الأمن الجزائري من اكتشاف أسلحة متنوعة، منها مسدسات على شكل أقلام، تم تهريبها في محركات سيارات "زاد أش" البلجيكية، كانت تأخذ طريقها بسهولة إلى الجماعات الارهابية بتواطؤ بعض أعوان الجمارك. مثل هذه العمليات لم تكن أبدا بعيدا على أعين مخابرات الدول الأوروبية، التي لم يكن يهمها الأمر طلما أن تجارتها في تصدير تلك الأسلحة إلى الجزائر على الخصوص، يجلب لها أموالا طائلة. فتجار السلاح المهندسون لصفقات الأسلحة، ينتمون إلى عالم من الأسرار والعمليات الخفية التي تجري وراء الكواليس، عالم تتقاطع فيه مصالح الدول والحكومات والمجموعات المسلحة، مع مصالح خفية من السماسرة والوكلاء والمغامرين الذين يحبكون علاقات خاصة مع كافة الأجهزة والمؤسسات والشخصيات الرسمية، ولا يعني ذلك أن هؤلاء السماسرة يفتقدون لمركز ثابت ينطلقون منه في نشاطاتهم ويشكّل لهم الغطاء القانوني. في هذا الإطار، كانت بروكسل عاصمة بلجيكا المركز العالمي لتجار الأسلحة بمختلف أنواعها. تعتبر يروكسل نقطة تقاطع لكل أنواع الأسلحة الخفية، الأوروبية منها وغير الأوروبية، وما تمتلكه مدينة "بوردو" الفرنسية كعاصمة عالمية للنبيد، تمثله بروكسل كعاصمة عالمية لمبيعات الأسلحة. ووفقا لبعض التقارير، فإن جزء من الصفقات السرية الأمريكيةلإيران قد مرت عبر بروكسل عبر شركة نيجيرية، مركزها العاصمة البلجيكية بروكسل. أما الجزء الأكبر من هده الصفقات، فقد أنجز بشكل غير مباشرة عبر إسرائيل، وغالبا ما تجري الصفقات بقيام البائعين والمشترين سواء بموافقة الحكومات المعنية أو بعدم موافقتها بترتيب وثائق خاصة في بروكسل، بهدف إخفاء الأطراف الحقيقية المتورطة في هذه الصفقات، والتي لا ترغب لأسباب سياسية الظهور في هذا السوق العالمي لتجارة الأسلحة التي تباع وتشترى بالوثائق من توقيع السماسرة والوكلاء. في هذا السياق، كانت بروكسل منذ زمن طويل تزدهر بتجارة الأسلحة الخفيفة، أين تتواجد بها مصانع تنتج على سبيل المثال بنادق "فال" Fall والمدافع الرشاشة "ماغ" Mage (58) الحاملة لعلامة شركة فابريك ناسبوغال هيرستال البلجيكية التي تحظى بإعجاب الكثير من الزبائن، كالقبائل الصومالية ومهربي المخدرات في ميامي. نفس الأمر بالنسبة للمسدسات البلجيكية التي تنتجها شركة "بين أند سانر"BINTE ANDE SANER. وحسب تقارير أمنية، فإن إبرام صفقات أسلحة الموت، عادة ما تتم في الحانات والغرف الجانبية المنتشرة في شارع الحانات ببروكسل. وبهذا الشأن، كشف خبير أوروبي في شؤون الإرهاب، بأنه بإمكان أي كان شراء ما يريده ببروكسل من المدافع الرشاشة البلجيكية الصنع، إلى منصات إطلاق الصواريخ الأمريكية الفردية التي تطلق عبر الكتف. وبالرغم من أن الحكومة البلجيكية ترفض إصدار أي أرقام رسمية بشأن الصادرات البلجيكية من السلاح، إلا أن مصادر مطلعة أكدت بأن قيمة هده الصادرات تبلغ 500 مليون دولار سنويا. السيد كريستيان بروتو، كشف بعد أن تم احتجاز رهائن فرنسيين في لبنان عام 1988، أن إيران طلبت في مقابل تدخلها لحل قضية الرهائن الفرنسيين في لبنان، في هذا السياق قال: "من بين المساعي الكثيرة التي تناهى إلى مسامعنا، أن الحكومة الفرنسية اتصلت بإيران لإطلاق الرهائن، ومن أخطرها عملية تعود إلى مطلع سنة 1988، حيث أن السيد شارلوندون (CHARLANDON) الذي يعد صديقا للعديد من الشخصيات ذات النفوذ في ليبيا، قام باتصالات لمعرفة إلى أي مدى يمكن لهذه الشخصيات التدخل لحل أزمة الرهائن الفرنسيين التي اشترطت حسبه التدخل مقابل الحصول على صفقات أسلحة. وقد اشترت هذه الشخصيات عقد صفقة تخص صواريخ إيكزوسيت (EXOLET)، حيث تم التفاق بشأنها مع السلطات الفرنسية. ولإتمامها، قام السيد أوريلاك (AURILAC) الذي كان يتابع قضية اختطاف الرهائن الفرنسين عن قرب برحلة إلى دمشق، وقتها تكفل الجنرال إيمبو (IMBOT) بحل التفاصيل المتعلقة بنقل الأسلحة التى جرت يوم 08 مارس 1988. ومن الذين شاركوا في رحلة الصفقة عمران أدهم السيد "ماريشياني" والسيد غوربانيفا (GORBANIFAR) هؤلاء معروفون بنشاطاتهم في سوق الأسلحة الموازية، بدمشق إلتقى هؤلاء برجل أعمال ليبي من أبناء عمومة القذافي يدعى ADHAM KADAFI أو HELDAM GEDAFI الذي كان يملك مكاتب بباريس حيث تم الإتفاق على عقد صفقة صواريخ الايكزوست مقابل تحرير الرهائن الفرنسيين بعد أن تقوم فرنسا بيعها عبر وسيط يدعى هنري بوندولفو (PONDOLFO) المقيم بزوريخ (سويسرا)، أين يملك شركته التي تدعى "أسكوميت" (ASCOMET) حيث تكون صفقة الصواريخ هذه الموجهة في الظاهر إلى دولة وسيطة في أمريكا اللاتينية، هي الأرجنتين أو البيرو على الأرجح، بينما هي في الحقيقة لصالح ليبيا وإيران، يكون العقيد عياد ابن أخ القذافي هو الذي سيتولى بنفسه تنسيق الإتصالات بين مختلف الأطراف المشتركة في الصفقة. وأشارت مصادر مؤكدة يضيف كريستان بروتو إلى أن قصر ماتينيون (رئاسة الحكومة الفرنسية)، كان يشرف على إدارة كل هذه العملية، ممثلا في شخص السيد روسان ROUSSIN رئيس ديوان الوزير الأول جاك شراك آنذاك . وقد تحولت قضية الرهائن الفرنسية في لبنان، خاصة مع اقتراب موعد إنتخابات سنة 1988 الرئاسية، إلى موضوع للتنافس لربح مزيد من الشعبية بين ميتران ورئيس حكومته في الترشح للرئاسة، حتى أن موضوع الرهائن احتل مكانة مركزية في المواجهة التلفزيونية التقليدية التي جمعت بينهما، كما هو معمول به بين الدورين الأول والثاني من الانتخابات الرئاسية في فرنسا. في تقريره المؤرخ في 28 أفريل 1988 المتعلق بالرهائن الذي أرسله كرستان بروتو إلى ميتران، كشف هذا الأخير "بلغني من مصدر موثوق به، أن المحيطين بجاك شيراك ينصحونه بأن يستعمل ضدكم في النقاش الذي سيجمع بينكما، معلومات تتعلق بمحاولة الإليزيه التدخل في مشكلة الرهائن، حيث يدور الحديث في بيروت، أن أمين الجميّل قد اتفق مع قصر "الإليزيه" على إفشال المساعي التي تقوم بها الحكومة الفرنسية لتحرير الرهائن. ولتحقيق هذا الهدف وبدعم من المكتب الثاني اللبناني المقيم، وكان هذا التنقل يهدف إلى استرجاع أحد الرهائن مقابل فدية مالية ويبدو لنا بنسبة 80٪ أن "الفدية" قد سلمت بالفعل، لكن الرهينة لم يطلق سراحها حتى الآن".