بعد الاستقلال وقعت كل بلديّات الجمهورية في قبضة إدارة "لاساس" الاستعمارية التي كان من ضمن أعوانها حركى وخونة، تسلّلوا وأبناءهم إلى الإدارات العمومية بعد الاستقلال. أصبح لوبي الحركى يسيّر ليس فقط الجماعات المحلية، بل مواقع حساسة ضمن جهاز التحكم عن بعد تنفذ عبر مراحل الضعف التي عاشتها الجزائر. بلدية سيدي علي بمستغانم هي عينة فقط على مدى قوة هذا اللوبي المتحكم في مصير مئات الآلاف من المواطنين بعقلية الاستعباد الاستعماري. "الأمة العربية" تكشف في هذا التحقيق الانفرادي خلقيات تنصيب مير بالتزوير والكيفية التي تمت بها مغالطة السيدة الوالية. تميزت فترات حكم أمثال هؤلاء بتجاوزات خطيرة كتحويل المال العام ومنح الصفقات بطرق ملتوية وغيرها، والخطير أن لعبة التزوير كانت ومازالت هي العملة التى مكنتهم من الوصول إلى المناصب، وهو ما وقفت عليه "الأمة العربية" ببلدية سيدي علي بمستغانم أين قامت جماعة أبناء الحركى بوبقرة وبتواطؤ من الإدارة، بالسطو على إرادة أكثر من 40 ألف مواطن عبر تزوير انتخابات مكنت قائمة المدعو "أ.ب" من الحصول على أربعة مقاعد بتسخير إمكانيات البلدية ودخول الإدارة المحلية ضمن منظومة الدعاية لهذا المرشح. وكان ابن الحركي المدعو "ب.أ" قد دخل السّباق انتخابات 29 نوفمبر الماضية بعد نهاية عهدته الأولى على رأس بلدية سيدي علي، مكن من خلالها أشقاءه من تولي مناصب مالية هامة، وقتها راسل المواطنون جميع الجهات من أجل منع ترأس هذا الشخص لبلديتهم، ولكن لا أحد من المسؤولين حاول تلبية رغبة هؤلاء المغلوبين على أمرهم، لأن الحاكم له نفوذه المتمكن بالولاية والدائرة مكنه للمرة ثانية من البقاء على رأس السلطة، رغم عدم حصوله على النصاب القانونية، بحيث حازت قائمته الحرة على أربعة مقاعد من أصل 11. وبهذا الخصوص، التقت "الأمة العربية" بالمواطنين والمنتخبين الفائزين بالأغلبية، فكشفوا لها عن حجم الخيانة التى تعرّضوا لها من طرف الإدارة المحلية. شهاداتهم أجمعت كلها على أنه خلال الحملة الانتخابية لعام 2007، تم تسخير جميع وسائل البلدية من أجل التأثير على المواطنين، شارك فيها حتى الأمين العام للبلدية الذي تحوز "الأمة العربية" على شريط يظهر فيه وهو ينشط أحد تجمعات "ب.المير". المنتخب "م.ك" من التحالف قال "كان يقوم خلال الحملة بتجسيد وعوده في اليوم الموالى لإجراء التجمع، بإدخال الكهرباء لبعض القرى.."، مشيرا إلى أنه يوم التصويت اعترضت جميع الأحزاب على تركيبة المؤطرين، إلا أنه تمكن من تعيين 742 مؤطر من أقاربه وأقارب المرشحين معه، كالمدعو بحيح علي الذي تولى مهام رئيس مركز تصويت بدوار قشقاقشة أين تم اكتشاف اختفاء 400 ورقة تصويت خاصة بقائمة بوبقرة، قدمت بشأنها طعون، ولكن لا حياة لمن تنادي. المنتخبون الجدد اكدوا ل "الأمّة العربية"، أنه حتى الموتى شاركوا في هذا الاقتراع الذي أريد له أن يكون حسب المقاس، رغم عدم حصول قائمة بوبقرة على أغلبية المقاعد، بحيث فاز حزب الأرندي بأربعة مقاعد وحزب جهة التحرير الوطني بثلاثة. المدعو "ب.إ" قبل توليه منصب المير بسيدي علي عام 2002 ضمن قائمة حرة، كان مسؤول توزيع قارورات الغاز بالمنطقة بشركة نفطال، مكن طيلة عهدته السابقة عدة مقاولين من الظفر بعدة صفقات بالتراضي، كالسوق البلدي الذي منح امتياز استغلاله للمقاول "ق.ب" المنضوي تحت قائمته الحرة، وذلك قبل انتهاء العهدة بأشهر قليلة. مصادر أكدت أن المير قام بحذف بعض البنود من دفتر الشروط، لتمكين صديقه من هذه الصفقة. القائمة التي اخترها المير الجديد سماها المواطنون ب "قائمة المقاولات"، ضمت عددا من كبار المقاولين كالمدعو "سباحي" وآخرين، كما ضمت ذات القائمة المدعو "ب.ص" مهندس بوزارة الأشغال العمومية بالدائرة من أصدقاء المقاولين المحتكرين لصفقات إنجاز الطرق وما شابهها. لم تقتصر الممارسات المشبوهة للمدعو بوبقرة على هذا الحد، بل وصلت إلى غاية تمكين أشقائه من الوصول إلى مناصب المسؤولية. وبهذا الشأن، ذكرت مصادرنا يوم زيارتها للبلدية أن المدعو "ب.ع" أخ المير أصبح منذ مدة مسؤولا عن المطاعم المدرسية وصفقات تموينها. "ب.ب" تولى هو كذلك يضيف المصدر رئاسة الجمعية الرياضية، ليصبح محله الخاص ببيع الألبسة الرياضية محتكرا دون غيره في تمويل الجمعية بفواتير خيالية. السكان والمنتخبون كشفوا أن المير القديم الجديد يتلقى الدعم من أشخاص لهم نفوذ إداري ومالي كبيرين، كالمدعو بوثلجة صاحب وكالة السيارات "فولزفاغن". وعن سبب دعم هذا الأخير له، أشار المتحدثون إلى أن أخ المير المدعو "ب.م" الذي كان موظفا بالبنك الوطني الجزائري المتورط مع صاحب وكالة "فولزفاغن" في فضيحة القروض المنوحة له بدون ضمان، هو خيط هذا الدعم. بعد اكتشاف الفضيحة، تم فصله من البنك، لينتقل إلى أحد البنوك الأجنبية بوهران. بحكم التحالف الذي حدث بين الأرندي وحزب الآفلان، فإن رئيس البلدية يكون حتما من الأرندي كما تقره القوانين. وثائق بحوزة "الأمة العربية" تؤكد أن الأغلبية بحوزة هذا الثنائي، إلا أنه تم تغليط والي ولاية مستغانم من طرف الإدارة وممثل الدائرة الذي هو أحد أصدقاء المير، وتم تنصيب المدعو "ب.إ" رئيسا للبلدية في غياب سبعة أعضاء منتخبين. ممثل الأرندي كشف أن يوم التنصيب المصادف ل 3 ديسمبر من عام 2007، حضر عضوان من العهدة السابقة هما "ل.م" من حماس و"ب" من الأرندي، متسائلا عن سبب وجودهما في هذه المناسبة التي نصب فيها المير ابن الحركي؟ يومها كانت الحركة غير عادية خارج مقرر البلدية، حيث تجمع المواطنون منددين بتواطؤ الإدارة مع الحركى، يومها كادت الأمور تصل إلى ما لا يحمد عقباه، لولا تدخل المنتخبين وبعض العقلاء. خلفيات وصول ابن الحركي أكدت بشأنها مصادر ولائية، أنها تمت على أساس حصول تحالف مكّن قائمة بوبقرة من بلوغ 6 مقاعد تساوى فيها مع تحالف الأرندي والآفلان، ليفوز بوبقرة حسب خطة الإدارة بالأغلبية. وبناء على ذلك، تم إنجاز محضر تنصيب على هذا النحو، وهو ما يعتبر في نظر القانون تزويرا خطيرا سلب على إثره حق المواطنين الذين يعرفون أبا عن جد تعامل والد بوبقرة مع الإدارة الاستعمارية، يحوزون على صورة له هي بحوزة "الأمة العربية" وهو جالس مع إدارة "لاساس"، حيث كان يعمل ضمن المرشدين للإيقاع بإخوانهم المجاهدين. في بيان لكتلة الأفلان المتحصلة على ثلاثة مقاعد، جاءت مساندة هذه الأخيرة لقائمة الأرندي الفائزة بأربعة مقاعد للظفر برئاسة المجلس، حيث تم الاتفاق ضمن التحالف على تعيين السيد "ق.م.ل" المنتمي إلى عائلة ثورية معروفة بالمنطقة، كمرشح التحالف لتولي أمور البلدية، ولكن إرادة التزوير والنصب أقصت الأغلبية لتكون الأقلية على رأس الحكم بقيادة ابن حركي معروف، تم سحب الثقة منه، لتبقى الأمور متعفنة لغاية الساعة، وقد حذر أحد المسؤولين الآمنين الوالي من تنصيب هذا الشخص الذي تحوز مصالحه على ملف خطير بشأن فضائح خطيرة مليء بالتجاوزات التى اقترفها حتى قبل مجيئه إلى البلدية، أين ارتكب فضائح أخطرها التزوير غضت عنه الطرف الإدارة بالولاية والدائرة، التي كانت لمدة أكثر من سنتين تسيّر من طرف ممثل وليس رئيس دائرة. فهل يعقل أن تتجاهل السلطات الإدارية عملية تزوير من هذا النوع، ولماذا سكت ممثلو أحزاب التحالف، رغم أحقيتهم في تولي أمر بلدية سيدي على السياحية؟