أعلنت فرق الإغاثة التابعة لمديريات الحماية المدنية بعدة ولايات شرقية ، حالة طوارئ قصوى على خلفية الأمطار الطوفانية التي تهاطلت باستمرار على المناطق المذكورة طيلة الأيام الثلاثة الفارطة ، وكانت نتيجتها إجلاء مئات العائلات إلى مواقع آمنة بمؤسسات تربوية ومراكز عبور ، بعد انهيارات عشرات المباني و غرق عديد الأحياء والمداشر التي غمرتها الأمطار. عاشت عنابة في غضون الأيام الأخيرة ، على وقع احتجاجات عارمة فجرها مئات المواطنين بعدة نقاط في مختلف أنحاء الولاية ، لكن أكثرها اشتعالا هي تلك الانتفاضة الساخنة التي شبت بحي سيدي إبراهيم حين أقدم المحتجون على غلق كافة المنافذ و المداخل المؤدية إلى وسط المدينة بواسطة المتاريس و الحجارة و إضرام النار في العجلات المطاطية ، ما تسبب في حرق مركبتين تابعتين للخواص و كذا ثلاث واجهات لمحلات تجارية بالمحطة البرية لنقل المسافرين ، ولم يخل المتظاهرون المكان إلا بعد تدخل قوات مكافحة الشغب و قدوم والي الولاية الذي طلب من الغاضبين تعيين ممثلين عنهم نقلوا إليه استياءهم من عيوب التهيئة و انفجار قنوات تصريف المياه القذرة التي اختلطت بمياه الشرب و عبروا له عن امتعاضهم من الانقطاعات المتكررة للتيار الكهربائي و اقتلاع أجزاء معتبرة من الأرصفة ، وحسب المحتجين فإن النقطة التي أفاضت الكأس هي اقتحام مياه الأمطار المتساقطة لمنازلهم التي انهارت بعض أجزائها. وندد الغاضبون في أحياء "لاسيتي اوزاس" ، "لاكولون" ، "السانكلو" ، "لابلاص دارم" ، ريزي عمر وغيرها ، بمشاريع "البريكولاج" التي تفنن فيها المسؤولون والمنتخبون المحليون ، وطالبوا بالتحقيق في مشاريع جديدة انتهت أشغالها حديثا ، لكن العيوب الكثيرة ظهرت عليها ، معتبرين ذلك بالاحتيال و النصب الذي لا يكون ضحاياه سوى غلابى المواطنين و المال العام الذي تهدره أيادي المحتالين. وأفادت مصادر مسؤولة بالحماية المدنية لولاية عنابة في تصريحات ل"الأمة العربية" أن" مصالحها تدخلت لإغاثة 108 عائلة في مناطق متفرقة غمرتها الأمطار التي تراوحت كميات تساقطها ما بين 72 و 80 ملم ، ما تسبب في انهيار بنايات قديمة تأثرت بموجة التقلبات الجوية الأخيرة ، فبنهج بغدادي فريخ وسط عنابة تهاوت عمارة مكونة من 6 طوابق وأسفرت عن جرح شخصين و تشريد سكانها ، و بحي المحافر الشعبي نجت 17 عائلة من الموت بأعجوبة بعد أن فرت من تحت الأنقاض عقب انهيار أجزاء بنايتين قديمتين، ولا تزال هذه العائلات بدون مأوى بعد أن وجد أفرادها أنفسهم في العراء، مطالبين السلطات المحلية بالإسراع في إسكانهم. وفي حي مارس عمار ببلدية الحجار ، حولت السلطات المحلية 17عائلة إلى مدارس ابتدائية بعد أن جرفت السيول منازلها. وهو الأمر الذي تكرر أيضا مع عائلات أخرى تقطن بيوتا قصديرية في حي دراجي رجم أتى الطوفان عليها . وببلدية العلمة انتفضت 29 عائلة تسكن بمواقع قريبة من ورشات الطريق السيار شرق-غرب ، احتجاجا على الأوحال التي صنعها مشهد تدمير شبكة الطرقات السابقة من طرف شركة كوجال اليابانية وتزامن ذلك مع البرك التي خلفها تساقط الأمطار ، وطالبت تلك العائلات بإدماجها في حصة السكنات التساهمية. كما نجحت فرقة الغطاسين التابعة للحماية المدنية في إنقاذ 6 بحارة من موت محقق في عرض مياه البحر الهائج التي حاصرتهم و هم على متن ثلاثة زوارق صيد ، من كل جانب بفعل التقلبات الجوية . و شكل الوالي محمد الغازي خلية أزمة تتابع عن كثب التكفل بمشاغل المواطنين و حل المشاكل التي دفعت بهم إلى الشوارع. وبولاية الطارف فضحت الأمطار المتساقطة على قلتها ، مشاريع التهيئة التي يتبجح بها المسؤولون المحليون ، حيث غمرت المياه التي اختلطت بقنوات الصرف الصحي الشوارع الرئيسية للبلديات الكبرى كالقالة ، الذرعان ، البسباس و بوثلجة ، وشلت الحركة تماما، أما الحي الإداري الجديد الذي يضم مقرات الإدارات المحلية والمديريات التنفيذية فقد تحول إلى بحيرات وبرك مائية غمرت حتى المقر الجديد للولاية، ما جعل منتخبين محليين بالمجلس الشعبي الولائي للطارف ، يقودهم منتسبون إلى كتلة جبهة التحرير الوطني، يطالبون السلطات المحلية والمركزية بفتح تحقيقات معمقة في مشاريع الإنجاز التي وصفوها بأكبر فضيحة غش واحتيال استنزفت الملايير من خزينة الدولة في مشاريع بناء و تهيئة سرعان ما كشفت عيوبها الأمطار المتساقطة ، وذكر متحدث باسم الاتحاد الوطني لما يسمى بتنظيمات و أقطاب المجتمع المدني في تصريحات أدلى بها للجريدة أمس أنه من غير المعقول أن تغمر المياه حيا إداريا ضخما صرفت عليه الدولة أغلفة مالية طائلة ، متهما مسؤولين محليين ومدراء تنفيذيين بالتواطؤ مع مقاولين ومرقين عقاريين ، للعبث بمشاريع البرنامج الخماسي للرئيس عبد العزيز بوتفليقة. إلى ذلك ذكرت مصادر متطابقة أن أزيد من 38 عائلة ببن مهيدي و داغوسة وقرى ومداشر ببلديات بوثلجة وبوحجار وبحيرة الطيور ،شردت وباتت في العراء بعدما جرفتها المياه. وهو ما وقع أيضا لحي 30 مسكن بأم الطبول الذي غرق في الأوحال والمياه. وشهد الطريق الوطني رقم 44 الرابط بين ولايتي الطارف وعنابة ، في منطقتي واد الحوت وكبودة ارتفاعا لمنسوب المياه ، أوقف حركة المرور لساعات طويلة. وعرفت الولاية احتجاجات عديدة فجرها الموطنون الغاضبون على السلطات المحلية على غرار سكان قرى أولاد بوعائشة والسناينية والنواورة وفيض الشعير ببوثلجة الذين ثاروا ضد الأوحال و البرك المائية التي تسببت فيها أشغال الطريق السيار "شرق/غرب" حيث لم تراع شركة "كوجال" اليابانية المعايير التقنية المتعامل بها ، إذ سجل أحسن أوسياف رئيس مكتب الجمعية الوطنية لترقية الريف و عضو المجلس الشعبي الولائي للطارف ، عدم إنجاز قنوات تصريف المياه و أحزمة خاصة و كذا جسور صغيرة. كما طالب عدد من المحتجين بتعبيد الطريق البلدية بالشكل الذي يحول دون عزلهم بسبب الفياضنات التي أتت على الأخضر واليابس . أما ولاية قالمة فإن مياه الأمطار أتت على عشرات الهكتارات من الأراضي الزراعية وجرفت حقول البطيخ ببلديات الفجوج ووادي الزناتي وعين بن بيضاء والخزارة ، ما جعل مصالح الفلاحة تعلن حالة طوارئ في ظل تخوفات من موسم فلاحي أبيض وكارثي سيضرب قالمة.وبحي حريدي السعيد ببلدية بن جراح ، جرفت المياه البويت القصديرية ورمت بسكانها إلى العراء. شأنهم في ذلك شأن سكان حي رابح لوصيف بوادي الزناتي الذين قضوا الساعات الأولى لصباح أول أمس في العراء حين تدفقت المياه إلى بيوتهم القصديرية. و بوسط مدينة قالمة ، عاش سكان أحياء "البطوار" ، مرابط مسعود ، ليلتي الأربعاء و الخميس على أعصابهم بفعل تدفق مياه الأمطار التي غمرت مساكنهم ، و انتشرت روائح كريهة بعدد من الشوارع الرئيسية بسبب انفجار بالوعات الصرف الصحي و اختلاطها بالماء الشروب .. و خرج سكان حي قرقور بأعالي مدينة قالمة من جهتهم إلى الشارع ، و أقدموا على غلق الطريق المؤدي إلى وسط المدينة صبيحة يوم الخميس باستعمال الحجارة والمتاريس وكذا أغصان الأشجار وإضرام النيران في العجلات المطاطية احتجاجا على تدهور شبكة الطرقات التي تضررت بفعل الأمطار المتساقطة ليلة الأربعاء مما أدى إلى تسرب المياه التي غمرت المدرسة الابتدائية للحي و عددا من المقرات الإدارية ، ما جعل المواطنون يصعدون من لهجة غضبهم التي لم يطفئها سوى تدخل رئيسي البلدية والدائرة الذين وعدا بالتكفل الفوري و التام بانشغالات السكان. ولم تكن أحوال سكان حي سهيلي محمد ببلدية بلخير بأحسن حال من سكان المناطق المنكوبة و المذكورة آنفا. و علم أن السلطات المحلية التي حذرت السكان من خطر فيضان الوادي الكبير الذي يعبر عاصمة الولاية على وجه الخصوص ، شكلت خلية أزمة لمتابعة تطورات الوضع القائم و التكفل التام بمعاناة المواطنين.