"درهم وقاية خير من قنطار علاج"، قد يكون هذا مثل يحفظه الجميع لكن ما يعانييه الكثر من الجزائريين هذه السنوات هو عدم تمكنهم من الحصول على الوقاية نتيجة غياب وانعدام الثقافة الصحية وعدم تمكنهم من العلاج الناجع والمفيد لهم في ظل غياب تأمين صحي وضمان اجتماعي لحالاتهم ما يدفعهم لأساليب من التحايل على صناديق الضمان الاجتماعي والصيدليات وفي حالات أخرى التوجه نحو العلاج العشبي الرائج شعبيا برغم خطورته في حالة الاحتمالات العالية جدا سوء التوجييه أو الخطأ التشخيص. العديد من الجزائريين يجهلون إصابتهم ببعض الأنواع من الأمراض العضوية وحتى النفسية وهذا راجع لغياب الثقافة الصحية والتوجه إلى الطبيب والمختص بقصد نيل الكشوف الطبية اللازمة وقد يرجع هذا البعض في أنهم يجهلون السبب أو قد يتجاهلون بعض الأعراض الخطيرة كانخفاض الضغط الدموي أو ارتفاعه بالإضافة إلى نوبات الدوار والصداع التي يكتفون ببعض العلاج الطبي المعروف ك"الإسربين" أو الاكتفاء ببعض الأدوية التقليدية ك "الشاي" ، "الزعتر"، وقد يكون هذا خطير على من أصيب بمرض مزمن شائع وله مضاعفات جد مزعجة كالسكري، ارتفاع الضغط الشرياني.. قد يكون السبب هو غياب ثقافة الرعاية الطبية لدى الجزائريين من جانب ولكن ما استطلعته "الأمة العربية" عبر حوارها مع العديد من المواطنين هو أن ضعف القدرة الشرائية لديهم وغلاء بعض الأدوية حتى عدم تحصل العديد من المواطنين على فرصة التأمين الاجتماعي، جعلهم عرضة لهذا البلاء الخطير والذي تكون له مضاعفات جد خطيرة ناهيك عن إمكانية لجوء العديد من المواطنين إلى حالات تزوير الوصفات الطبية ودفعها بأسماء أشخاص مؤمنين سواء من أقاربهم أو جيرانهم وأصدقائهم ممن حظيوا بهذه الفرصة. جولة سريعة لبعض المستوصفات بالأحياء الشعبية للعاصمة كشفت لنا عن مدى انتشار هذه الظاهرة، فالعديد غير مؤمنين والعديد يلجأ لحيل بقصد تعويض تكاليف العلاج الباهظة في حالات بعلم من الأطباء، وفي حالات بتجاهل واضح منهم لمساعدتهم . السيدة "خديجة " امرأة في الخمسين من العمر تقربنا منها وتحدثنا معها عن الأمر فقالت لنا بأن العديد من قاصدي المستوصف يلجأون لتغيير الوصفات أو يطلبون من الطبيب المعني وضع أسماء غير أسمائهم بقصد تعويض أموالهم . وهذا هو سبب قدومها إلى المستوصف اليوم، السيد" جيلالي" والذي التقينا به بإحدى العيادات الجوارية المتعددة الخدمات، أكد لنا من جانبه أنه هو كذلك لا يقدر على تعويض أدويته التي يقتنيها من الصيدليات، فلم يكن مطلقا مؤمنا بل لم يعمل عملا مستقرا طيلة حياته بالرغم من بلوغه سن 45 عاما، وهذا ما يدفعه بكتابة اسم الوصفات باسم أخيه المتقاعد والذي أضحى من السهل عليه استخراج الأدوية بواسطة دفتر التأمين. تكاليف العلاج عالية جدا الكثير من المواطنين والمرضى أكدوا لنا الحالة ومدى انتشار هذا السلوك ولأسباب مختلفة لعلها كلها تتمحور حول عدم تمكن العديدين من تعويض تكاليف العلاج التي تعد في بلادنا عالية جدا بالنسبة للشخص غير المؤمن، خاصة إذا كان من أصحاب الأمراض المزمنة غير المؤمنة، أحد الأطباء بهذه العيادات العمومية رفض لكشف عن اسمه قال لنا بأنه لا يجد بدا في تغيير أسماء هؤلاء المرضى على أشخاص مؤمنين اجتماعيا ويمكنه تعويض دوائهم أو الحصول على دواء بشكل مجاني، فأغلب من يقصدوني لهذا الأمر هم بقصد الحاجة وليس بقصد التزوير كاشفا أنه لا يقوم بهذا الفعل إلا عند تأكده من عوز المريض، وأضاف إن العديد من المرضى في الجزائر غير مؤمنين خاصة من الرجال ما يدفعهم لسلوك هذا السبيل حتى إنني لأجد بعد المرضى المزمنين وغير مؤمنين ما يجعلهم يعانون مع مضاعفات مرضهم ومع عدم تمكنهم من الحصول على الأدوية في الوقت الضروري، بسبب عدم تمكنهم من توفيره لأنهم لم يعملوا بشكل منتظم طيلة حياتهم. مؤكدا أن عدد المرضى المزمنين مرتفع في بلادنا بحسب ما نقرأه من تصريحات هنا وهناك.. وللتذكير فقد سبق للسيد" نور الدين بوستة" رئيس الفدرالية الوطنية لمرضى السكري كمثال عدم الاهتمام والتكفل بالشريحة غير المؤمنة المصابة بداء السكري والتي يصل تعدادها لحوالي ال 50 بالمائة من مرضى السكري والتي يقارب تعدادهم الإجمالي حوالي 3 ملايين مصاب حسب إحصاء للفدرالية الوطنية لداء السكري. هذا في ظل حديث الوزارة عن أنباء تؤكد إصابة 1200 إصابة جديدة كل سنة، وإذا كان هذا هو دأب بعض الجزائريين ممن حظيوا فرصة لمن يساهم معهم في خفض تكاليف العلاج والدواء الباهظة عن طريق مساعدتهم بما يروه ملائما في التأمين الصحي، فإن العديد من الجزائريين لم يحظوا بهذه الفرصة خاصة من المواطنين الذين يقطنون بالمناطق الداخلية وممن يعانون جميعا من عدم تغطية تكاليفهم الصحية عن طريق الضمان الاجتماعي هذا ما يدفعهم في الغالب للجوء للطرق التقليدية في العلاج والتطبيب عن طريق الأعشاب وحتى اللجوء لمن يظنونهم مختصين في العلاج الشعبي والعشبي.