أرجأت جنايات العاصمة، أمس، قضية الإرهابي المزيف الذي حاول تحويل طائرة "بوينغ" من مطار تندوف إلى إسبانيا، إلى الدورة المقبلة، المتابع بجناية محاولة تحويل طائرة عن طريق استعمال العنف والتهديد بالقيام بأعمال إرهابية والإشادة بها والتزوير واستعمال المزور في أوراق نقدية ومحررات رسمية، وجنح التزوير واستعمال المزوّر في محررات إدارية ومصرفية وانتحال هوية الغير والتهديد بالقتل، بسبب انسحاب الدفاع احتجاجا على التأخير الذي تسببت فيه تشكيلة المحكمة في انتظارها لجلب المتهم من المؤسسة العقابية الحراش. قضية المعوق الانتحاري المؤجلة، ما هي إلا واحدة من القضايا التي تفننت فيها العناصر الإرهابية بواسطة الأحزمة الناسفة، لكن هذه المرة بحزام ناسف محشو بتمر الغرس مربوط بأسلاك كهربائية. وجدير بالذكر أن هذه القضية تم التحقيق فيها بمحكمة الأقطاب بسيدي أمحمد بالعاصمة، لتتحوّل لجناية وتحال على محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة، فالمتهم فيها مسبوق قضائيا في قضايا عدة بدول ألمانيا، إيطاليا والنرويج، نذكر منها التزوير، النصب والاحتيال، قضايا المخدرات ومخالفة التشريع، بالإضافة إلى إرساله لرسائل تهديدية باسم الجماعات الإرهابية المسلحة لوزير الداخلية والجماعات المحلية يزيد زرهوني، رفقة المدير العام للأمن الوطني العقيد علي تونسي. هدد بتفجير نفسه إذا لم يستجب القائد لمطلب تحويل الطائرة وتعود خيوط قضية الحال إلى بداية مارس 2008، حين انطلقت طائرة من نوع "بوينغ" تابعة للخطوط الجوية الجزائرية من مطار هواري بوميدن متجهة إلى تندوف، مرورا بمطار بشار. وبعد إقلاعها بعشرين دقيقة، انتهز المتهم "خ.عبد الحق" 59 سنة، الفرصة للقيام بما خطط له لأكثر من شهرين، وهو تحويل الطائرة إلى جزر "تيني ريف" بإسبانيا، حيث طلب هذا الأخير من مضيفة الطائرة أن تسلم رسالة إلى قائد الطائرة، فسلمتها إلى رئيس المضيفين الذي تولى مسؤولية إيصالها ولاحظ وجود كتابة بالفرنسية عليها "تيني ريف"، غير أن قائد الطائرة رفض استلامها، ففتحها رئيس المضيفين ويقرأ محتواها المكتوب باللغتين العربية والفرنسية والموقّع من قبل "الجماعة السلفية للدعوة والقتال"، والتي تتضمن أمر تحويل مسار الطائرة إلى جزر "تيني ريف" بإسبانيا، وإلا سيفجر الراكب "خ.عبد الحق" نفسه باستخدام حزام ناسف يحوي 15 كلغ من المتفجرات، باعتباره "انتحاريا تابعا للقاعدة"، مؤكدا أنه لن يخسر شيئا كونه معوق. وبعدها، توجه رئيس المضيفين إلى صاحب الرسالة، فقام بالكشف تحت معطفه عن الحزام الناسف المزعوم الذي كان يرتديه، به جيوب عدة تحتوي على صفائح متصلة بخيوط كهربائية وبيده زر التحكم عن بعد وهدد بتفجير نفسه إذا لم يستجيبوا لمطالبه، خاصة أنه لا يخسر شيئا باعتبار أن أفراد عائلته رهائن لدى الارهابيين بالشريعة الذين أمروه بتنظيم هذه العملية، فطلب منه هذا الأخير الهدوء وسارع إلى إخبار قائد الطائرة الذي طلب منه إبلاغ السلطات بتندوف، وبقيت المضيفة تقنع "الانتحاري" بأن الوقود لا يكفي للتوجه نحو الجزر البعيدة جدا، إلا أنه أخبرها بالمسافة بينها وبين مطار تندوف بشكل أخافها منه وأعلمها بأن الطائرة شحنت الوقود ببشار. كما أكد لها نيته في تفجير الطائرة بالجزائر، إلا أنه عدل عن موقفه بعد رؤيته للسياح. وبعدها، عمد رئيس المضيفين إلى إقناعه بضرورة التوقف في تندوف لشحن الوقود، وتنفيذ طلباته فيما بعد. وبعد 25 دقيقة من الرعب والمفاوضات في الطائرة، وافق الانتحاري المزعوم على نزول الركاب من الطائرة ليبقى وحده، وفي هذه الأثناء تم إلقاء القبض عليه من قبل عناصر الأمن. وبعد تفتيشه، تبيّن أن الحزام الناسف عبارة عن 5 صفائح من تمر الغرس بوزن 1 كلغ للواحدة، تم صنعها بدقة متناهية على شكل متفجرات مربوطة بخيوط كهربائية وموصولة بجهاز تحكم، وعثر بحوزته على مسدسين بلاستيكيين. اختار 11 مارس نسبة لتفجيرات 2001 للفت الرأي العام في البداية، حاول المتهم تضليل عناصر الأمن بالإدعاء أنه مبعوث من قبل "القاعدة"، ثم اعترف بأنه خطط للعملية وحده في شهر فيفري وهذا للفت الانتباه بسبب التهميش الذي يعاني منه وطرده من مسكنه رفقة عائلته، واختار تاريخ 11 مارس للفت الرأي العام نسبة لتفجيرات 11 سبتمبر 2001 التي هزت الولاياتالمتحدةالأمريكية. وكان يهدف للوصول إلى إسبانيا من أجل طلب اللجوء السياسي. وتبين بعد أخذ بصماته، أنه انتحل هوية ابن عمه الذي يحمل نفس الإسم وتعرض لعملية اختطاف سنة 1994. وعن طريق تلك الهوية ارتكب عدة جرائم بالخارج، حيث تم طرده من ألمانيا بسبب تهم التزوير ومن إيطاليا بسبب سرقته شيكات والنصب والاحتيال والتزوير ومخالفة التشريع الخاص بالأجانب، ومن النرويج عن تهمة المتاجرة في المخدرات والذهب والسرقة والتزوير. أرسل رسائل تهديدية للمسؤولين واتضح من خلال تفتيش منزل المتهم "خ.عبد الحق" أنه بعث بعدة رسائل تهديدية لعدة أشخاص، منهم محاميته وشرطي بالحراش، وكذا وزير الداخلية والمدير العام للأمن الوطني، وهو الشيء الذي أكده المتهم خلال التحقيق معه.