قصد إعادة الاعتبار لمهنة السياقة في النقل الجماعي وإعطاء نوع من الراحة لمستعمليه، ستقف الأطراف الفاعلة في قطاع النقل بولاية وهران على مراقبة نشاط أصحاب المركبات ونوعية الخدمات المقدمة، تزامنا مع اقتراب قمة "جي أن أل 16" للغاز الطبيعي المميع، إذ ستشرع مصلحة المراقبة التابعة لمديرية النقل بوهران خلال الأيام القليلة القادمة في حملات مراقبة وتفتيش واسعة عبر مختلف خطوط النقل الحضري الناشطة وسط المدينة خاصة على مستوى خط U، 4G، 13، 1، C، 101، 103.... وستشمل هاته العملية الوسيلة والناشطين على مستواها انطلاقا من السائق إلى القابض من حيث الهندام، نظافة الحافلة داخليا وخارجيا وما تتوفر عليه من شروط السلامة والأمان. في الوقت الذي يتخبط فيه قطاع النقل بولاية وهران عبر كافة بلدياتها الريفية وشبه الحضرية، وخاصة قطاعاتها الحضرية باعتبارها المرآة العاكسة للولاية في جملة من النقائص ومشاكل عدة، زادت من حدتها تدني مستوى ونوعية الخدمات المقدمة عبر مختلف وسائل النقل الجماعي وانعدام ثقافة السياقة عند معظم الناشطين، في ظل انعدام الرقابة وسوء التسيير وانعدام سياسة واضحة في ترشيد القطاع، ما انعكس سلبا على الحركة الاقتصادية والتجارية والتقدم السريع للمشاريع التنموية التي يشهدها إقليمالمدينة المتوسطية التي سيحتضن ترابها بعد أيام معدودات القمة ال 16 للغاز الطبيعي المميع، ما جعل هذا القطاع الخدماتي الهام يصطبغ بالفوضى العشوائية وتحول عن خدمة الصالح العام إلى خدمة المصالح الخاصة بعدما صار ذو طابع تجاري حر يذر على أصحابه عبر مختلف وسائل النقل الجماعي أموالا معتبرة على حساب صحة وسلامة المواطن ومسعى السلطات العليا، ضاربين بعرض الحائط قواعد تنظيم المهنة وشروط الممارسة، وهو ما دفع بالكثير من المواطنين إلى مقاطعة العديد من الخطوط التي تنشط على مستواها مركبات أقل ما يقال عنها إنها خردة متنقلة، لا تتوفر على أدنى شروط الأمان والحماية ولا حتى على وسائل النجدة والإطفاء، ناهيك عن مشكل انعدام النظافة والوقاية وعدم احترام المقاييس والقوانين المنظمة للمهنة والمحددة في دفتر الشروط والتي يعتبرها مخالفة من الدرجة الثانية ويتعرض مقترفوها إلى إجراءات تأديبية تتنوع بين دفع غرامات مالية وحجز المركبة إلى أكثر من 30 يوما بالحظيرة، ونفس الإجراء يتخذ في حالة استعمال المذياع والموسيقى الصاخبة دون موافقة الزبون. هذا، واقتسم جميع من تحدثنا إليهم من المواطنين تذمرهم واستياءهم الشديدين من السلوكات السلبية والممارسات الاستفزازية الناجمة عن السائق والقابض عبر خطوط النقل الريفي وشبه الحضري وحتى الحضري، جراء انعدام الثقافة المرورية ومبادئ السياقة من عقلية الناشطين الذين يسعون من خلال تصرفاتهم غير المسؤولة إلى اكتناز الأموال على حساب المواطن بعدما سطر هؤلاء قوانين خاصة بهم وخريطة نقل تتماشى وأهواءهم، فارضين منطقهم بحكم ضيق هامش المناورة أمام المواطن، خاصة في الفترة الصباحية والمسائية، أين يتفادى السائقون الدخول إلى المحطات النهائية لتقليص المسافة والاقتصاد في البنزين، ما جعل الكثير من المحطات الرئيسية تعاني من نقص حاد في الحافلات ووسائل النقل الجماعي، وفرض ضغط رهيب على مستوى محطات الوقوف الثانوية. كما لا يفوتنا أن نشير إلى مشكلة السرقات والتصرفات اللأخلاقية بعدما صارت الحافلة الملجأ الأول والأخير للصوص والشواذ، الذين يستغلون فرصة الاكتظاظ للسرقة والاحتكاك بالنساء اللواتي صرن تتفادين التنقل عبر العديد من الخطوط على غرار خطU ، 11، 51 ،34... وكثيرة هي المناوشات والاصطدامات التي قادت إلى حوادث مميتة وعاهات مستديمة. ولا يقتصر هذا على هاته الفئة المريضة من المجتمع، بل تعداه إلى السائق والقابض الذي يعمل تحت مبدأ "العصا لمن عصا"، حتى الأطفال والشيوخ والنساء لن يسلموا من سوء المعاملة، خاصة في حالة ما إذا لم يكن الراكب محملا بثمن التذكرة ولراحة المواطن وسلامته عوامل أخرى ولا يمكن إلقاء اللوم إلا على السائق والقابض، بل إن نقص المحطات وهياكل الاستقبال والفوضى التي تتخبط فيها الناشطة منها، على غرار انعدام الأمن والكراسي وأماكن الحماية، زادت من حدة تفاقم مشاكل القطاع وشوهت صورة الولاية التي تستقبل سنويا مئات السواح من الداخل والخارج. وبدورهم، الناشطون على مستوى معظم الخطوط بوهران خاصة الريفية وشبه الحضرية منها، عبّروا عن مدى تنغصهم وتذمرهم من الاهتراء الكبير الذي طال شبكة الطرقات وما ينجر عنها من خسائر كبيرة في قطع الغيار والعجلات وحوادث المرور المميتة، ناهيك عن الضرر الذي يلحق بالمرضى وكبار السن جراء الاهتزاز الكبير والغبار المتطاير. وإلى أن تطبق بنود دفتر الشروط وتتحرك الجهات الفاعلة في القطاع، يبقى المواطن يدفع ضريبة التقاعس والإهمال واللامسؤولية.