توّجت سنة 2010 المنجلية بمدالية بسنة الفضائح وذلك نظرا لروائح الفساد النتنة المنبعثة من مختلف القطاعات وعلى رأسها القطاع الإقتصادي باعتباره عصب التنمية في الجزائر، فقد كشفت حملة الحصاد السنوي من خلال التحقيقات الأمنية التي استكملت وحولت ملفاتها على أروقة المحاكم والعدالة، في حين لا يزال معظمها عالقا بحكم أباطرتها المتواجدين في حالة فرار والذين لهفوا آلاف الملايير واتجهوا نحو وجهة مجهولة. ولعل أبرز الفضائح ذات العيار الثقيل والتي كان لها صدى على المستوى الوطني والدولي هي فضائح "الهولدينغ" التي أضحت لا تحصى ولا تعد وذلك بسبب الأضرار المادية التي ألحقتها هزات الفضائح التكتونية التي باتت تهزها ولا تنهار، فالتحقيقات الأمنية خاصة التي حركتها الأقلام الإعلامية المحاربة بدورها للفساد والعبث بالمال العام، ناهيك عن الرسائل المجهولة من أيادي العبث وفقا لمعادلة "منكم وإليكم ويا عيني عليكم" أسفرت عن المستور وقامت بقطف بعض الثمار الفاسدة، كما قامت أيضا بنشر الغسيل الوسخ للمترعرعين على عرش "الهولدينغ" عصب الإقتصاد الوطني، والذين لا يمكننا تحديد أبطالها ولا الأدوار التي تقمصتها...، ف "الهولدينغ" شهد خلال العشرية الأخيرة تلاعبات في تبديد المال العام التي حددت قميتها، لكن السنة المنجلية بلغت سياسة التبديد والتلاعب أوجّها نظرا للحالة الشاذة في التسيير، ما جعل "الهولدينغ" يتخذ سمة شبه دولة في دولة تسن قوانينها الخاصة التي لا تلزم إطاراتها الكبار الذين أسسوا إمبراطورية لهم وجمهورية لأتباعهم بالقوانين المسطرة والتي يخضع لها كامل الشعب. فقد تفجرت عشرات الفضائح المالية التي هزت "الهولدينغ" وفروعه وانتهت بالإطاحة ب 7 إطارات بما فيهم المدير العام لنشاط المصب " أفال" والمدير العام "S.T.H"، في حين لا يزال التحقيق متواصلا مع إطارات عدة بالوطن والبحث جار عن البقية الذين غادروا الوطن. فضائح أحدثت ضجة عارمة أمام الرأي العام الوطني وكذلك الدولي بسبب أيادي العبث ورؤوس الفساد التي خولتها السلطة الإستبدادية واستغلال المهام المصحوب بالنفوذ استباحة ثروات 35 مليون نسمة، إذ أضحت تغرق وتجني صفقاتها وعائداتها ما أرادت ووقتما شاءت. هذا ما يتنافى والأهداف التي كانت من المفروض أن تحفز إطاراتها وأباطرتها بإنعاش الإقتصاد والمضي قدما نحو ركب الحضارة والتنمية بإعتبار المحروقات التي يسيرها "الهولدينغ" تعتبر القلب النابض وعصب الاقتصاد الوطني، كما تجدر الإشارة إلى أن مسلسل الفضائح اللامتناهي والذي أصبح حديث العام والخاص دفع بالإدارة العامة إلى استحداث جهاز تسيير جديد لوقف النزيف الحاد واستئصال الأعضاء الفاسدة من مجمع سونطراك لإعادة قاطرة الشركة إلى سكتها الصحيحة مع إصدار توجيهات صارمة وسبل نجعية لمكافحة الفساد وقطع وريد الرشوة واستغلال المهام وتسخيرها لأغراض مصلحية. وسائل الإعلام المكتوبة و الرسائل المجهولة تحرك كبريات قضايا الفساد بالهولدينغ آخر فضيحة هزت سلك الشرطة هي التي كان بطلها ضابط شرطة بالأمن الحضري السادس عشر والذي ضبط متلبسا بالمخدر الصلب "كوكايين"، حيث كان بصدد الاستهلاك الشخصي فيما أحيل ضابط الشرطة على التحقيق. اقتحمت رائحة الفساد النتنة الهيئات النظامية المسؤولة على الأمن ومكافحة الفساد، التمرد والعصيان، حيث تم إحصاء خمسة أعوان شرطة متورطين في قضايا الفساد منذ مطلع السنة الجارية، إذ دفعت بهم لعنة الفساد إلى المثول أمام الجهات القضائية واللف بين أروقة المحاكم، فقد وضعت مصالح الأمن شهر سبتمبر الماضي حدا لشبكة تزوير يقودها شرطي سابق قام بتحويل منزله إلى مركز أمن مواز به أختام خاصة بسلك الشرطة ووثائق مرفقة بمحررات تصدرها مديريات الأمن، حيث كان يقوم بالتكفل بإصدار وثائق مزورة تتعلق بتصريح ضياع لبطاقات هوية، رمادية ورخص سياقة وما شابهها والتي تتطلب ضرورة الحصول على تصريح بالضياع لدى الشرطة، حيث تولت مديرية الأمن الولائي شخصيا التحقيق بناء على تصريح بضياع كان بحوزة أحد سيدات الأعمال تبين أنه مزور من خلال عدم تطابق فهرسة الوثيقة الصادرة بالأرقام المتواجدة بمراكز الشرطة حتى تم الوصول إلى الشرطي السابق الذي كان يشتغل عون أمن ببلدية وهران، وأثناء ترصد تحركاته قامت مصالح الأمن بمداهمة شقته التي عثر بداخلها على ملفات وشهادات خاصة بالتصريح عن الضياع، بالإضافة إلى مجموعة من الأختام المختلفة والمستخدمة في سلك الشرطة وأخرى إضافة إلى محررات خاصة بالتصريح الكاذب، ولم تمض مدة أسبوعين حتى اهتز ذات القطاع الأمني للشرطة على فضيحة تواطؤ شرطي مع بارونات ذو سوابق قضائية كان يسهل لهم عملية الحصول على شهادات ضياع صادرة من مقرات الأمن الحضرية لغرض تقديمها أمام البلدية أو الدائرة لهدف الحصول على بطاقات هوية، رمادية ورخص سياقة مزورة بانتحال صفة وهوية الغير من أجل تمويه مصالح الأمن. ولعل آخر فضيحة التي يمكن وصفها بذات العيار الثقيل هي التي اهتز لها مقر أمن السانيا إثر حادث فرار أحد المبحوثين من قبل "الأنتربول" بمعية أحد أعوان الشرطة المناوب ليلة الحادث المودع الحبس المؤقت شرطي حول منزله إلى مركز مواز لإصدار الوثائق الامنية المزورة تمكنت قوات مصالح فرقة مكافحة المخدرات بالمصلحة الولائية للشرطة القضائية بأمن ولاية وهران من تفكيك شبكة إجرامية مختصة في المتاجرة بالمخدرات الصلبة "الهروين"، حيث تمت الإطاحة بالرأس المدبر، ويتعلق الأمر بشاب في العقد الثالث من عمره بحري تابع لطاقم باخرة نقل المسافرين الجزائر 2 حائز على دفتر الملاحة البحرية من المحطة البحرية الرئيسية بالجزائر العاصمة، هذا الأخير يقود شبكة وطنية لترويج "الهروين" نوع "سوبيتاكس" تمت الإطاحة به من قبل أعوان الجمارك على مستوى ميناء وهران أثناء عملية الملامسة الجسدية التي أسفرت عن حجز 42 صفيحة أقراص الهروين من نوع "سوبيتاكس" 8 كلغ ملفوفة بشريط لاصق في فخذه، حيث أفضت تحريات فرقة مكافحة المخدرات إلى الوصول لأحد شركائه الذي كان بانتظاره عند مدخل ميناء وهران ويتعلق الأمر بعون أمن بمديرية الحماية الإجتماعية الذي استغل سيارة من نوع "كليو" تابعة لوكالة كراء السيارات وبحوزته قطع من المخدرات ومبلغ 2040 أورو من أجل إبرام الصفقة. وبذات الخطة تمت عملية الإيقاع بباقي أفراد الشبكة المحددة عناصرها بأربعة أشخاص يتولون الترويج لمادة "الهروين" المخدرة. في ذات السياق تم وضع حد لشبكتين تتاجر في مادة "الكوكايين" على مستوى وهران يمتد نشاطها إلى ولايات مختلفة من الوطن، فالشبكة الأولى كان على رأسها رعية مغربي مقيم بطريقة غير شرعية كان يقوم بإبرام صفقات ترويج المخدرات مع بارونات المغرب لإغراق المدينة بها بمعية خمسة أشخاص من بينهم شقيقان عثر بحوزتهما على ورق اللف وحزم من الأكياس البلاستيكية الشفافة والمستعملة في لف المخدرات بما فيها الصلبة، ناهيك عن العثور على ميزان إلكتروني مع غمده اتضح من خلال إخضاعه للخبرة العلمية أنه يحتوي على آثار المخدرات الصلبة "كما تواصل لعنة الفساد بملاحقة إطارات الدولة العاملين وفقا لشعار مكافحة الفساد وقطع جذور الرشوة بإستعمال الأشواك الضارة التي قامت بفضل وخز إبرها من تفشي البيروقراطية والمحسوبية بمؤسسة ميناء وهران لغرض الظفر بمصالح شخصية، فحسب آخر الإحصائيات المستقاة من المديرية العامة للجمارك حول قضايا الفساد وعلى رأسها الرشوة، فقد مست التحقيقات الأمنية جمركيا متورطا في القضايا المذكورة في تلقّي الرشوة مقابل عملية تسليمهم لتجار عمليات التهريب، ناهيك عن السلع والأموال بالعملتين الوطنية والأجنبية، فقد مس الفساد رؤساء مصالح وأعوان جمارك، في حين شملت التحقيقات المدير العام لمؤسسة ميناء وهران الذي كان مهددا بالحبس بعد خبرة دامت لأزيد من 20 سنة جراء الثغرة المالية التي اتضحت من خلال كشف الحساب السنوي الذي وقف عند ثغرة 750 مليون سنتيم حملت شيكاتها إمضاءه حسب التحقيق القضائي الذي كشف عن القصة المحاكمة ضده والتي انتهت بالإطاحة برأس أمين الصندوق الذي سبق له وأن أدين قبل تفجير الفضيحة بخمس سنوات حبسا في قضيّة اختلاس مماثلة، فيما استفاد بعدها المدير العام لمؤسسة ميناء وهران من البراءة، بحار على رأس شبكة ترويج الهيرويين ومع ذلك تواصل مسلسل الفضائح الذي دفع بطمع وجشع أعوان الجمارك بالتصرف في المواد الإستهلاكية المحجوزة بالحاويات على مستوى الميناء الجاف "السانيا"، كالفضيحة التي تورط فيها ثلاثة أعوان جمارك بمنياء وهران أوت المنصرم بعدما قاموا بإخراج أزيد من واحد طن من الحليب الجاف الذي تمت مصاردته العام الماضي أين اكتشفت هناك خروقات وتجاوزات لمسيري شركة "سارل أغرولا" المستوردة للحليب الجاف من دولة الأرجنتين وكله بدافع الحصول على الرشوة التي أفقدتهم بصيرتهم وباتوا يتصرفون في السلع المحجوزة رغم أن الحاويات مشمعة، دون تسليط الضوء عن قضايا فساد أخرى التي لازالت قيد التحقيق خاصة حادثة الحرق العمدي لإحدى خزائن الأرشيف ومحو آثار أزيد من 60 ملف فساد متورطا فيه رجال أعمال بارزين على الصعيد الإقتصادي ستنظر فيها محكمة وهران قريبا.