طالبت، أمس، نقابات من قطاع التربية، بإعادة النظر بشكل جذري في سياسة الأجور بالجزائر من خلال إعادة تثمينها مقارنة بالفائض الذي سجلته ميزانية الخزينة العمومية لهذه السنة والمقدر ب 4000 مليار دينار، مشيرة في ذات السياق إلى أن التبذير الذي تتعرض له الأموال العمومية وهذا بصرفها في أشياء لا تزيد في تحسين الوضع الاجتماعي للموظفين. أكد كل من الإتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين والمجلس الوطني لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، خلال ندوة صحفية نظمت بمقر "الانباف"، على "الإنهيار الفظيع" للقدرة الشرائية وغلاء المعيشة، مع الإشارة إلى أن كتلة الأجور في الجزائر تعادل 1 , 12 بالمائة من الدخل القومي، في حين أن كتلة الأجور في كل من تونس والمغرب هي على التوالي 30 و20 بالمائة. فخلال تدخل، أكد رئيس "الانباف" الصادق دزيري أن نسبة ارتفاع أسعار المواد ذات الإستهلاك الواسع التي أعلن عنها الديوان الوطني للإحصائيات والمقدرة ب 17 بالمائة بعيدة كل البعد عن الواقع، مشيرا إلى مواد مثل العدس واللوبيا ارتفعت أسعارها ب 100 بالمائة قبل أن يضيف بأن أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع أصبحت تثمن بالدولار والأورو وجهد العمال مثمّن بالدينار الرمزي. وفي هذا الإطار، أكد ذات المتحدث أن الموظفين لهم الحق في الإستفادة من 4000 مليار دينار التي سجلت كفائض في الخزينة العمومية ليكفل لهم العيش الكريم، مضيفا أن الأموال العمومية أصبحت اليوم تصرف في أشياء لا تزيد في تحسين الوضع الإجتماعي للموظف وإنما تصرف في الإحتفالات والمهرجانات الكبرى. واعتبر رئيس "الانباف"، أن الجزائر "أصبحت اليوم محل مطامع الصندوق النقد الدولي الذي يريد أن يقترض أموال الخزينة العمومية ونحن ضد هذا الإقتراض إلاّ إذا شبعنا". وفي نفس الإطار، كشف المنسق الوطني ل"الكناباست"، نوار العربي، أن أستاذ التعليم الثانوي في المغرب يتقاضى ما قيمته 8 ملايين سنتيم وفي تونس ما قيمته 5 , 7 مليون سنتيم، في حين أن الأستاذ في الجزائر لا يتجاوز مرتبه الشهري 3 ملايين سنتيم. وفي تحليله لهذه الوضعية، أوضح نوار العربي أن المغرب وتونس ورغم عدم امتلاكهما لثروات طبيعية، إلا أنهما يملكان سياسة اقتصادية ناجعة. أما في الجزائر ف "هناك تبذير للمال العام ولا توجد إرادة حقيقية واضحة المعالم لتطوير المدرسة الجزائرية فمن المنطقي أن تجد 400 ألف معلم لا يؤدون واجبهم ويقومون بأعمال أخرى غير التدريس". وأضاف ذات المتحدث أن الدولة الجزائرية "تملك أموال قارون" لكنها تتحجج بأن أموال البترول هي ملك للأجيال القادمة. وفي هذا الإطار، قال نوار العربي "فليتركوا البترول في آباره وليبحثوا عن سياسة اقتصادية ناجعة مثل تونس والمغرب لتحفظ لنا العيش الكريم"، مستدلا في ذلك بسورة سيدنا يوسف عليه السلام الذي قال لقومه "دعوه في سنبله". ومن جهة أخرى، أبدى كل من "الأنباف" و"الكناباست" تمسكهما بالإضراب الذي سينطلق يوم الأحد المقبل لمدة أسبوع قابل للتجديد، على الرغم من اللقاء الذي عقده وزير التربية الوطنية، أبو بكر بن بوزيد، مع النقابات الفاعلة داخل قطاعه والذي وصف ب"حوار مجاملة" باعتباره لم يرق إلى مستوى التفاوض. وفي هذا الإطار، طالبت النقابات بمفاوضات جادة مع الوزير الأول، أحمد أويحيى، قائلة "نحن نريد مفاوضات مع السلطات التي تملك القرارات"، في إشارة منها إلى أن بن بوزيد "لا يتمتع بهذه الخاصية"، قبل أن تضيف بأن وزارة التربية أصبحت اليوم تلعب دور الوسيط بين النقابات ومديرية الوظيف العمومي والحكومة وعن اجتماع الثلاثية المقرر شهر ديسمبر المقبل، أكدت أنها لا تمثلها وهي بريئة من قراراتها.