الأسرة التربوية غير راضية ومسؤولون عن التجاوازات أنهيت مهامهم يثير تسيير أموال الخدمات الاجتماعية الخاصة بعمال قطاع التربية والملايير التي تصب سنويا في الصندوق الخاص بذلك الكثير من الجدل وسط المستخدمين الذين تقتطع من أجورهم نسبة 3 بالمئة في إطار الاستفادة من هذه الخدمات، حيث يؤكد هؤلاء على وجود تلاعبات كبيرة وهدر للأموال التي تذهب لغير أهلها في العديد من الولايات ويطالبون بفتح تحقيق معمق لمعرفة الطريقة التي تسير بها هذه الأموال فيما تؤكد اللجنة الوطنية أن 70% من عمال التربية استفادوا من الصندوق. كلما تحدثت إلى واحد من الأسرة التربوية عن لجنة الخدمات الاجتماعية إلاّ ووصفها بغير العادلة، وقلما تجد من يقول عنها خيراً، حيث يشكّل تسيير هذا القطاع هاجساً كبيراً بالنسبة للأسرة التربوية التي يجمع ممثلوها على أن واقعها لم يعد بخير، حيث يعيب الساخطون على تسيير هذا القطاع عدم التحكم في استهلاك الميزانية المعتبرة التي تخصص سنويا لهذا الجانب، ويؤكدون وجود تجاوزات مخالفة للقوانين المعمول بها خاصة على المستوى المحلي حيث يصعب الاطلاع على ما يجري في بعض الولايات التي اكتشفت بها تجاوزات بالإضافة إلى صعوبة التدقيق في عمل وحسابات اللجنة الوطنية واللجان الولائية التي تحول إليها الملايير من خلال الاقتطاع شهريا وبصفة آلية من أجور العمال. ولم يخف بعض الأساتذة الذين التقتهم "المساء" بمقر لجنة الخدمات الاجتماعية للجزائر الوسطى الكائن بالقرب من سوق علي ملاح بساحة أول ماي تذمرهم من تسيير الخدمات الاجتماعية المختلفة منها قرض الحصول على السيارة الذي تقدم بشأنه الكثير من التظلمات وأرهق كثيراً طالبيه، منهم أستاذة قالت أن الاقتطاع من أجرتها لم يتوقف رغم أنها دفعت ثمن السيارة بكامله، فضلاً عن مطالبتها المتكررة بغلق هذا الملف لتسعد بالسيارة التي انتظرتها طويلا على غرار زميلها بإحدى ثانويات العاصمة الذي قال انه استفاد من قرض سنة 2003 بعد تدخل أحد معارفه ليقتني السيارة التي كان يحلم بها مثله مثل عدد من العاملين في القطاع الذين مكنهم القرض من شراء سيارة تكون في بعض الحالات هدية للأبناء، ومن هؤلاء أستاذة بالابتدائي بدت غير راضية لأن اسمها لم يكن ضمن قائمة المستفيدين من طلب القرض للحصول على سيارة للمرة الثانية. وعلى العكس من زميليها لا زالت أستاذة ثانوية بالعاصمة تسعى لاستعادة أكثر من أربعة ملايين سنتيم دفعتها سنة 2005 من اجل رحلة إلى مصر لم تتم بسبب وفاة والدها ما جعلها تطرق كل الأبواب للحصول على تعويض، حيث لا زالت إلى الآن تطالب بحقها في حين يستفيد - كما قالت- أشخاص من خارج قطاع التربية من رحلات للخارج تكون في بعض الأحيان مجانية، كما قال أستاذ بإحدى المدارس الابتدائية بالعاصمة انه لا يسمع بها إلا سعيد الحظ. وخلافا لهؤلاء فإن الحظ حالف أستاذة باحدى المتوسطات التي استفادت السنة الماضية من رحلة واستجمام بمركز المعالجة بالمياه المعدنية "طالاسو" بسيدي فرج لمدة أسبوع مقابل 1500 دينار بالاضافة إلى قرض قيمته10ملايين سنتيم للحصول على سكن في إطار البيع بالإيجار. وحسب أستاذ بإحدى إكماليات ولاية المسيلة التقته"المساء" خلال ندوة نظمت بثانوية حسيبة بن بوعلي بالقبة فان الخدمات تسير بمراسيم قديمة وأن هناك أموالا عمومية كبيرة لا تسير بطريقة دقيقة بسبب وجود فراغ قانوني حيث تخصص قيمة0.5 بالمئة للتقاعد المسبق ونفس القيمة لصندوق معادلة الخدمات الاجتماعية الذي يسير بقانون خاص بينما تبقى 2 بالمئة دون قانون يسيرها ولا يعرف الأستاذ إلى أين يذهب.
النقابات: 500 مليار دينار ذهبت مهب الريح!! وحسب بعض النقابات الناشطة في القطاع فإن تجاوزات عديدة تم اكتشافها خصوصا ما تعلق بالسيارات التي تقتنيها لجان الخدمات الاجتماعية لفائدة عمال التربية والرحلات للخارج، كما يستشهدون على ماأسموه ب "التلاعب بأموال الخدمات الاجتماعية" بما حدث في "قضية الخليفة"التي التهمت حسب مسؤولي النقابة المستقلة لعمال التربية والتكوين والنقابة الوطنية لعمال التربية 500 مليار دينار تم إيداعها لدى البنك في عهد رئيس اللجنة السابق (ف.ت.ع) الذي حكم عليه بالسجن بتهمة تحويل هذا المبلغ إلى الخليفة بنك. وفي هذا الصدد أشار الأمين العام للنقابة الوطنية لعمال التربية للجزائر وسط حكيم أيت حمودة أن قضية إيداع أموال عمال التربية في بنك الخليفة هي القطرة التي أفاضت الكأس بعد المطالبة المتكررة بإعادة النظر في تسيير هذه الأموال التي يمكنها حل مشاكل عديدة في القطاع إذا أحسن استعمالها، وذكر الأمين الولائي للنقابة المذكورة السيد محفوظ برزوان أن هناك تلاعبات وتحويلات كبيرة لأموال السيارات التي يصعب الحصول عليها أحيانا بسبب قلة الحصة التي تقدر بثماني سيارات في كل نوع تسلم كل شهرين بالنسبة للعاصمة التي عرفت مشكل سيارة "سبارك"التي طلب من الراغبين في اقتنائها دفع سبعة ملايين إضافية عن مبلغ27 مليون التي تم دفعها كحصة أولى، مما أدى بالعديد من طالبيها إلى التراجع عن الاستفادة، كما تتميز باقي الخدمات بعدة نقائص منها المحفظة التي تقدم في بداية الموسم الدراسي في إطار الخدمات الاجتماعية حيث يصفها مسؤولو هذه النقابة "بالمحفظة اليتيمة" كون القيمة المالية للوازم المدرسية المعلن عنها وهي2500 دينارلا تعكس القيمة الحقيقية للأدوات التي لا يتجاوز ثمنها 500 دينار، كما انتقدوا منحة الوفاة ومنحة التقاعد التي لا تعكس حسبهم الجهد الحقيقي للأستاذ الذي يفني حياته في خدمة التعليم. وحسب رئيس النقابة المستقلة لعمال التربية والتكوين السيد بسطي عبد المجيد فإن الخدمات الاجتماعية لعمال التربية هي الوحيدة التي لا تزال تسير بمراسيم صدرت سنة1987 إلا انه راض عن طريقة تسييرها في الولايات خاصة أن نقابته طلبت من مناضليها الاستفادة من مختلف الخدمات وعدم تفويت الفرصة بالمطالبة بحقهم فيها. أما رئيس النقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية السيد بلعموري غليظ فقد اعتبر القانون الحالي الذي يسير الخدمات الاجتماعية مجحف ولا يجسد التعددية النقابية وأن هناك تجاوزات كبيرة تحدث على مستوى الولايات.
اللجنة الوطنية: مسؤولون أنهيت مهامهم بسبب التجاوزات من جهته لم ينف رئيس اللجنة الوطنية للخدمات الاجتماعية لعمال قطاع التربية السيد عمر درويش في رده على الانشغالات المتعلقة بتسيير هذه الأموال وكشف عن إنهاء مهام مسؤولين بالخدمات الاجتماعية على مستوى الولايات ارتكبوا أخطاء، حيث تدخلت هيئته في الوقت المناسب - كما قال - لوضع حد لأي تجاوز، لكن المسؤول الأول على لجنة الخدمات الاجتماعية نفى في حديث خص به"المساء"وجود تسيب وتحويل أموال كبيرة اقتطعت من أجرة العمال وأرجع ما حدث في بعض الولايات إلى أخطاء مهنية غير مقصودة لا تصنف ضمن تحويلات لأموال الخدمات الاجتماعية، كما نفى وجود تمييز في الاستفادة التي يعد الانتماء لقطاع التربية الوثيقة الوحيدة المعتمدة وأن لا علاقة للانتماء النقابي أو السياسي بالاستفادة من مختلف الخدمات التي استهلكت ميزانية قدرت ب300 مليار سنتيم سنة 2008 وذلك بتغطية أكثر من 350 الف استفادة أي أن70 بالمئة من العمال استفادوا من النشاطات التي تسيرها اللجنة الوطنية عبر خمسين لجنة على المستوى الوطني منها ثلاث لجان للعاصمة التي تضم ثلاث مديريات للتربية. ويتم توزيع الاعتمادات المالية على الولايات حسب عدد عمال قطاع التربية في كل ولاية حيث تسهر اللجنة الوطنية حسب رئيسها الذي أوكلت له مهمة رئاسة اللجنة منذ سنة ونصف على المتابعة والمراقبة والتفتيش وتنظيم بعض النشاطات مثل الاستفادة من العمرة التي استفاد منها السنة الماضية أربعة ألاف شخص بالإضافة إلى نشاطات أخرى منها المخيمات الصيفية للأطفال التي استفاد منها 20 الف طفل تم توزيعهم على 45 مركزا بكل الولايات الساحلية بالإضافة إلى توزيع محافظ ولوازم مدرسية على أبناء عمال القطاع، الاستفادة من العمليات الجراحية من خلال الاتفاقيات المبرمة مع عيادات مختصة في الجراحة واتفاقيات أخرى مع الحمامات المعدنية منها مركز المعالجة بمياه البحر بسيدي فرج وحمام بوحنيفية بمعسكر وقروض لشراء سيارة نفعية تصل قيمتها الى 300 الف سنتيم لكل مستفيد. وعكس بعض الآراء التي استقيناها من أساتذة ونقابات أعطى المتحدث صورة ايجابية عن تسيير الخدمات الاجتماعية مصنفا ما يقال حول سوء التسيير والتلاعب بأموال ضخمة في خانة "التهويل وتضخيم الأرقام" إذ هناك ضوابط عامة -كما قال- تضبط النشاط على مستوى الولايات وذلك في شكل دليل يشمل شروط الاستفادة ويحددها حتى تكون هناك عدالة بالنسبة لمختلف الولايات التي تقدم سلفية للزواج، السكن،البناء تتراوح بين 10و20 مليون سنتيم بالإضافة إلى منحة الكوارث، التقاعد، الوفاة، وتكريم أبناء العمال الناجحين في امتحانات آخر السنة وهي عمليات تتم بنفس الطريقة في خمسين لجنة عبر الوطن. وعن الطريقة التي تتم بها مراقبة تسيير ميزانية أموال الخدمات الاجتماعية بالولايات فند المتحدث وجود اختلاس للأموال التي تراقبها اللجنة الوطنية بطريقة غير مباشرة من خلال المقارنة بين الاعتمادات المخصصة والحصيلة المالية السنوية لكل ولاية، كما تتم بطريقة مباشرة من خلال المفتشين الذين يقفون على سير العمل على مستوى اللجان الولائية وبطريقة دورية، مما أدى إلى اكتشاف ما أسماها ب"أخطاء ناتجة عن سوء تقدير بسبب نقص الكفاءة والاختصاص لدى الموظفين" الذين تتخذ ضدهم إجراءات في حالة اكتشاف ثغرات بعد تبليغ السلطات المعنية المتمثلة في الاتحادية الوطنية لعمال التربية ووزارة التربية الوطنية باعتبارها الوصي الأول على القطاع. وقد تحفظ المتحدث عن ذكر المسؤولين الذين تم توقيفهم على مستوى الولايات واكتفى بعد إلحاحنا بذكر ولايات تيبازة، البويرة وقسنطينة، مضيفاً ان الوصاية تبذل مجهودا كبيرا لتحسين صورة تسيير الخدمات وتوزيع الاستفادات بصفة عادلة على المستخدمين الذين أعرب الكثير منهم عن عدم رضاهم عن الوضعية الحالية التي تسير بها الخدمات التي اعترف السيد درويش أن أشخاصا من خارج قطاع التربية استفادوا منها خاصة العمرة حيث يتم ذلك بناء على طلب من المستفيد الذي يدفع مرافقه كل المستحقات. أما بخصوص عدم التعويض في حالة التراجع في آخر لحظة عن الذهاب في رحلة للخارج فأرجع ذلك إلى التكاليف الباهظة التي تدفع في حالة السفر إلى بلد أجنبي كمصر مثلا التي تكلف تذكرة السفر وحدها حوالي خمسة ملايين سنتيم ، كما أن الإجراءات المعمول بها في هذا المجال تحرص على احترام مواعيد السفر وتقديم مبرر في حالة عدم إتمام الرحلة.
المطالبة بلجنة مستقلة للتسيير ويطالب عمال قطاع التربية والنقابات المختلفة بإشراكهم في تسيير أموال الخدمات الاجتماعية التي لا يزال يشوبها حسبهم لبس كبير وأكدوا على ضرورة إسناد تسييرها إلى لجنة مستقلة منتخبة من القاعدة لوضع حد للنزيف الذي تتعرض له أموال الخدمات الاجتماعية وكذا تعديل القانون المسير للخدمات الاجتماعية وإعطاء الحق للموظفين لاختيار ممثليهم في الولايات التي تحدث بها التجاوزات وتكليف مسيرين ومقتصدين مختصين بتسيير الأموال التي تصب سنويا في خزينة اللجنة الوطنية ومنها إلى اللجان الولائية. كما تطالب بعض النقابات منها النقابة الوطنية لعمال التربية بفتح تحقيق في الأموال التي ذهبت لغير مقصدها وإيفاد لجنة للنظر في طرق تسيير الأموال على مستوى عدة ولايات مشيرة الى ان الميزانية التي تستهلك سنويا تفوق بكثير المبلغ المعلن عنه من قبل الجهات المعنية.