- مساء الخير، كنت أفكر فيك، أترين لدينا نفس الإحساس، ولربما روح واحدة.. لم ترد سمية التعليق على كلامه، كانت فقط تود أن تطمئن عليه.. - متى تمتحن؟ - غدا، على الساعة العاشرة! هل ممكن أن تمتحني مكاني؟ أعلم أنني سأتحصل على أعلى العلامات إن أجبت أنت. ابتسمت سمية، وأنهت المكالمة بعد أن وعدته بأنها ستأتي إليه على الساعة الثانية عشر لتراه.... خرجت إلى الشرفة، استندت على الحائط، كانت تشاهد المارة وحركة سير السيارات، تراءى طيفه أمامها، وكأنه بجانبها، أحست عندها أن مراد تمكن من الاستحواذ على كل مشاعرها وتفكيرها.. لم ترد أن يكون هو فتى أحلامها، لكن الصدفة جمعتهما سويا وبدون سابق إنذار كان موعد لقائهما في ميموزا، بدأت تتذكر اللقاء الأول عندما رأته لأول مرة وشبهته إلى صديقها شيغي.. حتى ولو لم تكن تقابل بطلها العزيز.. أغمضت عينها.. وبصوت مرتفع تساءلت: لكن كيف لي أن أعيش قصة حب، ومع من؟ مع إنسان مستهتر، إنه حتى لم يوفق في دراسته، أما والده فحدث ولا حرج، لا، فأنا لا أطيق حتى النظر إليه، تقدمت إلى سريرها ورمت بنفسها عليه.. أيعقل؟ أنا دوما هكذا، يا إلهي أقدم على خطوات غير مدروسة؟ أبي محق في وصفه لي بالطائشة والمجنونة، لكن هذه المرة الأمر يختلف، يجب أن أفكر بعقلانية، أنا إنسانة ليس لدي شعور ولا إحساس.. لو كانت سلمى لما دخلت القصر بعد الذي حدث لأمي.. تذكرت سمية مشهد والدتها المؤلم الذي دوما يؤرقها في منامها ليلا وينغص عليها نهارها خصوصا، تنهدت قليلا، استرجعت أنفاسها، ثم أخذت كتابا يتناول مغامرات شي غيفارا، الذي كثيرا ما ينسيها همومها... خرجت في الصباح الباكر إلى العاصمة للقاء إحدى صديقاتها التي وصلت مؤخرا من باريس، اختارت قاعة الشاي "لا رونيسونس" الواقع بشارع ديدوش مراد.. لقد اختارت هذا الصالون لتكون قريبة من الجامعة المركزية التي يدرس فيها مراد، تبادلت مع صديقتها ليلى الحديث حول آخر المستجدات، لكن سمية أخفت عنها قصة حبها الجديد مع مراد، لم تكن تود أن تقول شيئا حول هذا الموضوع، اعتبرته سرا خاصا بها.. رن هاتف ليلى، أخذت نقالها ولم ترد أن تكمل حديثها أمام سمية، انتقلت إلى مكان آخر.. شربت سمية فنجان القهوة، لكن أحست الوقت قد مضى وليلى لم تعد بعد.. كانت محتارة وقلقة لم تعرف إلى أين ذهبت.. نهضت من على الكرسي، وجابت بنظرات حائرة جميع أركان القاعة علها ترى صديقتها.. لكن فجأها مشهد عندما فتح باب قاعة الشاي، ودخل شخص لم تتوقع أن تراه في هذا المكان إنه والدها، والسيدة الشقراء التي كانت قد تعرفت عليها سمية بالمنزل وقدمها والدها على أساس أنها صديقة المرحومة والدتها مريم...