بدأ الصراع السياسي الدائر حالياً في ليبيا يأخذ بُعداً أوضح مع دعوة الإسلاميين رئيس الحكومة الموقتة علي زيدان إلى الاستقالة، بعد يوم واحد من اتهامه خصوماً سياسيين لم يسمّهم بمحاولة «الانقلاب على الشرعية»، على خلفية قيام مجموعة مسلحة بخطفه لساعات في طرابلس. وجاء الجدل السياسي المتصاعد في وقت شهدت بنغازي، عاصمة الشرق الليبي، احتجاجات قام بها إسلاميون على قيام قوة خاصة أميركية بخطف القيادي في «القاعدة» نزيه الرقيعي (أبو أنس) من العاصمة طرابلس يوم السبت الماضي. ورفع المحتجون أعلاماً ل «القاعدة» وصوراً لزعيم التنظيم الراحل أسامة بن لادن.وفي ما بدا رداً على مواقف زيدان في مؤتمره الصحافي أول من أمس والتي هاجم فيها خصومه الذين يريدون إسقاطه، قال رئيس حزب «العدالة والبناء» المنبثق عن جماعة «الإخوان المسلمين»، محمد صوان، إن رئيس الحكومة فشل وثمة حاجة لاستبداله. وقال صوان في مقابلة هاتفية مع وكالة «أسوشيتد برس» من بنغازي، إن المؤتمر الوطني العام الليبي «يبحث جدياً عن بديل» لعلي زيدان. ورأى أن سوء الإدارة من قبل حكومة زيدان ربما أدى إلى «تصرفات غير مسؤولة» من قبل أشخاص، في إشارة إلى حادثة خطف زيدان يوم الخميس على أيدي مجموعة «غرفة ثوار ليبيا» و «جهاز مكافحة الجريمة».و «الإخوان المسلمون» ممثلون في حكومة زيدان ويشغلون حقائب عدة، لكنهم يختلفون معه في قضايا عديدة وجاهروا برغبتهم في تغييره، من دون أن ينسحبوا من حكومته. وتصاعد الخلاف بين الطرفين بعد قيام الجيش المصري بعزل الرئيس «الإخواني» محمد مرسي. وصدم زيدان الإسلاميين الليبيين المتضامنين مع «الإخوان» المصريين بقيامه بزيارة القاهرة واجتماعه مع مسؤولي الحكم الجديد.لكن القشة التي قسمت ظهر البعير بدا أنها مرتبطة بما زُعم عن موافقة ضمنية من جهة ما في حكومة زيدان على قيام الأميركيين بخطف «أبو أنس الليبي» ونقله إلى خارج ليبيا. وقال صوان ل «أسوشيتد برس» في هذا الشأن: «هذا (التصرف الأميركي) خرق فاضح للسيادة الوطنية»، مضيفاً أنه «تسبب في مشاكل كبيرة وتداعيات خطيرة».ولم يسم زيدان في مؤتمره الصحافي الجمعة الخصوم السياسيين الذين قال إنهم يريدون إطاحته في «انقلاب» بطريقة غير شرعية، على رغم أن الأنظار اتجهت إلى الإسلاميين على وجه الخصوص. وقال صوان بهذا الصدد: «كنت أتمنى لو أنه سمّى الحزب السياسي الذي يعتقد أنه وراء العملية (خطفه)»، مؤكداً في الوقت ذاته أن زيدان قال لنواب حزب العدالة والبناء إنه لا يقصد «الإخوان المسلمين».ونقلت وكالة الأنباء الليبية من روما أن الاتحاد الأوروبي دعا السلطات الليبية إلى العمل من أجل إقامة هياكل الدولة من دون أي تأخير. ونسبت إلى متحدث باسم الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون دعوته إلى بناء «عملية سياسية شاملة» في ليبيا، وأن تقوم كل الأطراف «باحترام سيادة القانون». وفي إطار مرتبط قالت نائبة المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماري هارف، رداً على سؤال عما إذا كانت واشنطن قلقة من الوضع في ليبيا لدرجة تدفعها لإرسال قوات، «إن ما نركز عليه هو مساعدة شركائنا في ليبيا والعمل معهم على بناء قدراتهم الأمنية وقدراتهم على مواجهة الإرهاب».