وجه رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح كلمة شديدة اللهجة من خلال رسالة ألقاها، يوم السبت، بشرم الشيخ أمام الدورة ال26 لمجلس الجامعة العربية على مستوى القمة كلمة بصفته ممثلا لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة. إليكم الرسالة الكاملة : " أصحاب الجلالة والفخامة والسمو،أصحاب الدولة والمعالي،معالي الأمين العام لجامعة الدول العربية،أصحاب السعادة،حضرات السيدات والسادة، يطيب لي أن أتوجه في البداية، بخالص الشكر والامتنان لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة وحسن الوفادة، معربين لفخامته عن تهانينا الصادقة بالتفيق في تحمل مسؤولية رئاسة دورة قمتنا هذه. كما أتشرف بأن أنقل لفخامته ولأصحاب الجلالة والفخامة والسمو، تحيات أخيهم فخامة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة وتمنياته بأن تتوج أشغال هذه القمة بالنجاح والتوفيق. و لا يفوتني أن أجزل خالص الشكر والعرفان لحضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت على جهوده المخلصة والمقدرة التي بذلهافي تحمل مسؤولية رئاسة القمة ورفع رهانات النهوض بالعمل العربي المشترك. والشكر موصول إلى السيد الأمين العام لجامعة الدول العربية على ما بذلهمن جهود حثيثة في الإعداد لهذه القمة وإنجاحها. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، السيدات والسادة، تنعقد قمتنا، وعالمنا العربي يجتاز مرحلة فارقة من تاريخه، مرحلة تعج بتحديات غير مسبوقة، تضع إرادتنا الجماعية على المحك في طرق التعامل مع خصوصيات الظرف الراهن،فالديناميكية المنبثقة عن مسارات التحول التي شهدتها بعض بلداننا، والتي انبعثتمن التطلعات المشروعة لشعوبنا، أثبتت حيوية منطقتنا العربية وقدرتها على التكفل بتبني مشاريع وخطط تنموية شاملة في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بما ينسجم والقيم الإنسانية التي تتقاسمها شعوب وأمم العالم. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو، على رأس هذه التحديات يأتي خطر التنظيمات الإرهابية، التي تسللت إلى منطقتنا بين ثنايا التوترات و الاحتجاجات الاجتماعية هنا و هناك و تطورت من مجموعة أفراد إلى إعلان دولة و جيش بتمويل من عوائد الفدية و السطو و الاستيلاء على الموارد الطبيعية و الاتجار في السلاح و المخدرات. إن الجزائر التي اكتوت بنار الإرهاب لعشرية كاملة، لطالما حذرت من مخاطر هذه الظاهرة ، كما أن المقاربة الجزائرية للقضاء على هذه الآفة العابرة للأوطان، لم تقتصر فقط على البعد الأمني، بل تعدته إلى تفعيل الحوار والمصالحة الوطنية عبر طرح بدائل واعتماد استراتيجيات شاملة. و في هذا الصدد فإننا نرى أن صيانة الأمن القومي العربي تشكل احد أهم التحديات التي تواجه امتنا العربية، و تفرض علينا تضافر جهودنا لإيجاد النية كفيلة بالتصدي للتهديدات التي تتربص بأوطاننا، و قد ثمنت الجزائر من حيث المبدأ إنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة تضطلع مستقبلا بمواجهة مخاطر الإرهاب على أن تحظى بمزيد من البحث و التعمق المتأني من جهات الاختصاص، مع مراعاة مقتضيات السيادة لكل بلد، بما يضمن فرص تجسيد هذا المشروع. كما نُثمن ما تضمنه إعلان الجزائر الذي توّج اجتماع مجلس وزراء الداخلية العرب في دورته الأخيرة بالجزائر ونتطلع إلى أن يستجيب مركز الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب إلى الدعوة التي وجهها إليه المجلس لبرمجة ملتقى دولي لمكافحة الإرهاب واقتراح السبل الكفيلة بمواجهته.
السيد الرئيس، فيما يخض القضية الفلسطينية التي تظل على رأس اهتماماتنا وانشغالاتنا باعتبارها قضيتنا المركزية، فإننا إذ نعرب عن أسفنا لفشل مجلس الأمن الدولي في تمرير مشروع القرار الفلسطيني-العربي الرامي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المسلوبة وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، نعبر عن استغرابنا للمبررات الواهية التي احتجت بها الدول الرافضة أو الممتنعة عن التصويت، وندعو مجلس الأمن الدولي على وجه التحديد لتحمل مسؤولياته. وإن بلادي لتعرب عن كامل دعمها و مساندتها للخطوة التي انتهجتها القيادة الفلسطينية بتوقيعها على طلب الانضمام إلى عديد الاتفاقيات والمعاهدات الدولية، بما فيها محكمة الجنايات الدولية. وترى الجزائر آن الحل الوحيد الممكن لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، يأتي بالسلام العادل والشامل الذي يقوم على انسحاب إسرائيل من الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف على حدود 1967 طبقًا للشرعية الدولية ومرجعيات السلام والمبادرة العربية للسلام. وإذ نجدد دعمنا المستمر و اللامشروط للقضية الفلسطينية فإننا نعلن عن تسديد الجزائر لكافة التزاماتها المالية تجاه الشعب الفلسطيني مساهمة منها في التخفيف من معاناته في ظل ما يواجهه من مصاعب واحتياجات ملحة فرضتها الأوضاع الاقتصادية والظروف الاجتماعية تحت سلطة الاحتلال. ممثل رئيس الجمهورية يدعو الى دعم ورعاية الحوار بين الاطراف الليبية إن الشعب الليبي الشقيق لجدير اليوم بأن يحظى بتضامننا كما أن مسؤولياتنا تملي علينا إحاطة جولات الحوار المتواصلة بكل الدعم والرعاية . وفي هذا النطاق بذلت الجزائر في إطار آلية دول الجوار جهودًا كبيرة لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء الليبيين، وتهيئة الظروف الملائمة لجمع الأطراف، باستثناء الجماعات المصنفة على لوائح الإرهاب فاستضافت مؤخرا اجتماعًا في إطار الحوار الليبي الذي ترعاه الأممالمتحدة، خرج فيه المشاركون باتفاق مبدئي لتشكيل حكومة وطنية تمهيدا لبناء المؤسسات الدستورية و يتضمن ترتيبات أمنية لجمع السلاح، و التأكيد على ضرورة الحل السياسي ورفض التدخل الأجنبي. السيد الرئيس، بشأن الأزمة السورية لم تلوح -بعد- بارقة أمل لانفراجها، فالوضع يزداد تدهورًا إن على المستوى الأمني أو على المستوى الإنساني. وإن بلادي التي دعت منذ بداية الأزمة إلى حل سياسي توافقي عبر الحوار الشامل، تجدد اليوم دعوتها إلى ضرورة تكثيف الجهود لوضع الصراع على طريق الحل السياسي. و في هذا السياق نعرب عن كامل دعمنا للمبعوث الأممي "ستيفان دي مستورا" لمساعيه وجهوده التي بذلها مع كافة الأطراف السورية والقوى المؤثرة في الأزمة للتوصل إلى الحل السياسي المنشود. كما ننوه بمبادرة دولة الكويت الشقيقة لاحتضان المؤتمر الثالث على التوالي للمانحين لدعم الوضع الإنساني في سوريا.
ممثل رئيس الجمهورية يدعو الى ترجيح كفة العقل والحكمة وتغليب لغة الحوار لتجاوز الظرف العصيب في اليمن السيد الرئيس، إن تطور الأوضاع في اليمن يدعونا إلى ترجيح كفة العقل والحكمة وتغليب لغة الحوار لتجاوز هذا الظرف العصيب الذي يمر به اليمن الشقيق، ودعوة كافة الفرقاء اليمنيين إلى نبذ أسلوب العنف المسلح و التصعيد و التشدد في المواقف و العودة إلى طاولة الحوار وفق المرجعيات الأساسية للعملية السياسية و المتمثلة في المبادرة الخليجية و مخرجات الحوار الوطني الشامل. و في هذا الصدد نثمن الدعوة الكريمة للملكة العربية السعودية لاستضافة مؤتمر الحوار الوطني اليمني بالرياض، كما ننوه بجهود مبعوث الأممالمتحدة السيد جمال بن عمر، آملين في أن تفضي كافة هذه الجهود و المساعي الخيرة إلى إيجاد حل سياسي توافقي بين كافة الأطراف اليمنية يمكن من تحقيق المصالحة الوطنية, ويحفظ وحدة وسلامة وسيادة اليمن وتماسك نسيجه المجتمعي. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو. السيدات والسادة, ونحن على أرض الكنانة, اغتنم هذه المناسبة لأعرب عن ارتياحنا العميق للخطوات التي قطعتها العملية الديمقراطية في مصر, وعلى الجهود الجبارة التي تبذلها الحكومة في سبيل مرافقة هذه المكتسبات بانجازات تنموية واعدة. كما أشيد بالانجازات الكبيرة التي حققتها تونس الشقيقة, وهي انجازات فتحت الآفاق لمرحلة جديدة, يتعزز بها الأمن والاستقرار وتتحقق بها متطلبات التنمية للشعب التونسي الشقيق, ولا يفوتني هنا أن أجدد للشقيقة تونس قيادة وشعبا تضامننا الكامل معها (وتعازينا الصادقة) مؤكدين وقوفنا إلى جانبها في تصديها للإرهاب الهمجي المقيت. أصحاب الجلالة والفخامة والسمو, السيدات والسادة, في الأخير يجدر التأكيد على أن المسؤولية الملقاة على عاتق منظومة العمل العربي اليوم تتطلب تكيفا مدركا لمتطلبات المرحلة من خلال منهجية عمل عربي يعتمد على النجاعة في التكفل بانشغالات شعوبنا ويحقق طموحاتنا في الرقي بهذه الهيئة العربية العريقة. وبهذا الصدد نشيد بالجهود التي بذلتها اللجنة المكلفة بملف إصلاح وتطوير الجامعة العربية.