اعتبر وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى خطاب رئيس الجمهوري عبد العزيز بوتفليقة، خلال ملتقى الوسطية، أمس الاثنين، بأنه "قوي وصريح استنهض الأئمة والدعاة والأمة جميعا لرفع راية الإسلام وتقديم الصورة الصحيحة عنه"، فيما دعا المسلمين إلى إشعال "فوانيسهم وشمس محمد صلى الله عليه وسلم" قبل "محاولة إطفاء شمعة الآخرين"، وذلك في رد على المهاجمين على المحتفلين من المجتمع الإسلامي بأعياد الميلاد. وقال عيسى في تصريح للإذاعة الوطنية، اليوم الثلاثاء، إن " كلمة رئيس الجمهورية كانت قوية لأنها تناولت بشكل صريح ما يحدث اليوم في العالم الإسلامي من إرادة بعضها نابع من حقد وبعضها من جهل في تشويه صورة الإسلام باتهامه بأنه دين الفوضى ودين القتل والعنف وبث الكراهية". وأضاف الوزير :" رئيس الجمهورية كان وسطيا في توجيه اللوم للعالم الآخر الذي يتهم الإسلام بهذه التهم في حين هو بريء وعلامة براءته هي تلك الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة التي ساقها خطابه، والتي تدل، كما قال السيد الرئيس، دلالة واضحة على براءة الإسلام من العنف والتقتيل والتشريد والصورة الفوضوية التي يراد إلصاقها به. لذلك نادى فخامة الرئيس بطريقة صريحة علماء الإسلام بان يرفعوا راية الإسلام عالية وأن يستلهموا من كتاب الله وسنة نبيه الكريم المبادئ السمحة للإسلام وتقديم الصورة الحقيقية عن الدين الإسلامي الحنيف". وتابع:" أعتقد أن خطاب الرئيس كان صريحا لأنه استنهض الأئمة وأصحاب الرأي بأن يضطلعوا بدورهم لأن غيابهم سمح لأدعياء الدعوة بتقديم صورة سلبية ومشوهة عن الإسلام. كما استوقف الخطاب الأمة جميعا لما يحدث في دول الجوار، فأشار بطريقة صريحة لما يحدث من سفك للدماء في ليبيا واليمن وسوريا والعراق التي ضربت باسم الدين وباسم الطائفية والنحل والمذهبية، وهذه دعوة من فخامته لنعود إلى وسطية الإسلام". كما كشف وزير الشؤون الدينية عن تنظيم برنامج تكويني يمتد لأشهر يخضع خلالها الأئمة والقيمون لفترات تكوينية لمواكبة التحديات الجديدة، مشيرا إلى أن الندوة الأولى المقررة شهر جانفي المقبل ستتناول خطاب الرئيس في ملتقى الوسطية من أجل ترقية الوسطية والدفاع عنها على حد تعبيره. وأوضح عيسى أن "مواكبة الخطاب المسجدي للواقع معادلة صعبة لأن الواقع يتطور بسرعة والدليل أنه قبل سنوات قليلة لم يكن الهم اليومي ما يتعلق بنظافة المسجد أو المحيط أو غيرها من مواضيع الساعة، بل كان الهم الدفاع عن الوطن ضد الهمجية الإرهابية والسعي لتوفير الأمن حيث كان الأئمة، رفقة قوات الجيش والأمن ورجال الإعلام وغيرهم، في طليعة الساعين لاسترجاع الأمن وقد قضى نحو 100 إمام نحبهم وهم في منابرهم ومحاريبهم و هم ينتقلون إلى مساجدهم أو يعودون منها". وشدد على أن الآن الأئمة الذين اضطلعوا بتلك المهمة يجب أن يواكبوا التحديات الجديدة التي أشار إليها رئيس الجمهورية في ملتقى الوسكطية وهي إعطاء الصورة الحقيقية للإسلام في نظرته للحياة والعمل والإنتاج والرفاه والجمالية والنظافة والمحبة والرقي على حد قوله. وأضاف:" الحق يقال إن بعض الأئمة تكيفوا تلقائيا مع المرحلة الجديدة لأنهم خضعوا لتكوين جيد، لكن البعض الأخر وجدوا قبل أن تنشأ منظومة التكوين في 2008 ، ونحن بصدد إخضاع جميع الأئمة لهذا التكوين سعيا منا لترجمة نداء رئيس الجمهورية إلى أعمال، فقد طلب فخامته أن ينبع من ملتقى الوسطية الذي ينظمه أسبوع القرآن الكريم برنامج عمل من أجل ترقية الوسطية والدفاع عنها. وفي هذا الإطار فإن الندوة الأولى التي ستنعقد في جانفي المقبل ستتضمن نداء فخامة الرئيس من أجل الدفاع عن الوسطية و رفع راية الإسلام". وعاد وزير الشؤون الدينية والأوقاف إلى خطابات الاستهجان التي تطالب بعض العائلات التي تسعى للاحتفال بأعياد الميلاد ما يخالف العادات والثقافة الجزائريتين ليؤكد أن حالة الفراغ والتردد والتيه التي يعيشها العالم الإسلامي هي التي جعلت بعض الأبواق و أشباه المثقفين والعلماء يحاربوا الفرحة والبهجة والفن والجمال في بلاد المسلمين.وأوضح:" نحن لا نلوم المسيحيين لأنهم احتفلوا بميلاد السيد المسيح عيسى عليه السلام، فهو نابع من ثقافتهم. هل اللوم على بعض العائلات الجزائرية التي تحتفل بذلك لأننا لم نعطها نحن الأئمة والدعاة والنخب والمثقفين ووسائل الإعلام، فرصة للفرح والتعبير عنه، فعندما تتواتر الفتاوى ضد مولد النبي عليه الصلاة والسلام ويُحرم مجرد الاحتفال بمولده ويُبدّع ويُفسّق ويُشتم ويُلعن أولئك الذين يحتفلون بميلاد خير البرية صلى الله عليه وسلم لمن نترك إذن فرصة إدخال البهجة في قلوب الجزائريين سوى لهؤلاء الذين تمكنوا من أن يبدعوا في الاحتفال بنبي الله عيسى عليه السلام؟.وأستطرد: " أظن أن حالة الفراغ والتردد والتيه التي يعيشها العالم الإسلامي الذي أصبح يستنهض بعض الأبواق وبعض أشباه المثقفين وأشباه المفتين والعلماء في أن يحاربوا الفرحة والبهجة والفن والجمال في بلاد المسلمين هو الذي جعل عائلاتنا تنكفئ عن الأفراح الأصيلة إلى أفراح دخيلة. في تقديري عوض أن نهاجم هؤلاء ونطفئ شمعتهم علينا أن نشعل فوانيسنا وأنوارنا وشمسنا التي هي شمس النبي محمد صلي الله عليه وسلم".