يخضع المسافرون المتوجهون من الجزائر نحو فرنسا على متن الرحلات الجوية، إلى عدة إجراءات غريبة، فور وصولهم إلى الأراضي الفرنسية، حيث يجري رشهم بمبيدات خاصة بالحشرات الضارة كالقمل والبق، في إجراء لم يسبق أن جرى التعامل به في أي دولة من الدول، وحتى في الدول الآسيوية، برغم ما عرفته من أوبئة فتاكة وأمراض مستعصية على العلاج،مثل أنفلونزا الطيور الذي أثار خلال العامين الماضيين جدلا كبيرا ومخاوف واسعة، رافقتها إجراءات احتياطية غير مسبوقة في كافة بلدان العالم. الغريب والمثير في ''خرجة'' السلطات الفرنسية وتعاملها مع كل ما هو جزائري أو قادم من الضفة الجنوبية، أنها ألزمت منذ أشهر، كافة شركات الطيران التي تعمل على الخطوط الجوية الرابطة بين المطارات الجزائرية ونظيرتها في فرنسا، بتطبيق ما تعتبره ''إجراءات وقاية وسلامة'' بمجرد وصول الطائرة إلى مطار فرنسي، حيث يتم رش المسافرين القادمين من الجزائر بمبيدات حشرية من طرف مضيفي الطيران، الذين هم مجبرين في مطلق الأحوال على تنفيذ التعلميات و''إجراءات الوقاية'' الفرنسية، مهما كانت صفة المسافرين، أو وضعياتهم الصحية، حيث يخضع لهذا الإجراء الغريب كافة المسافرين القادمين من الجزائر، حتى ولو كانوا مصابين بأمراض حساسية مزمنة، أو كانوا من ''علية القوم'' مثل كبار المسؤولين، رجال الأعمال، والوزراء. ويسبب تطبيق هذه الإجراءات والتعليمات وقوع العديد من الحوادث التي عرفتها طائرات كانت متوجهة من الجزائر نحو فرنسا، إثر محاولة أحد المسافرين رفض رشه بالمبيدات الحشرية، مثل المشادات والتلاسنات، إلى جانب إصابة الكثير من المصابين بعسر أو مشاكل في الجهاز التنفسي أو بالحساسية بأعراض ونوبات سعال حاد إثر تعرضهم للرش بتلك المواد الكيماوية، الخاصة بإبادة الحشرات الضارة. وحسب شهادة لإحدى مضيفات الطيران تحدثت ل''النهار'' بخصوص الإجراءات الوقائية'' المطبقة من قبل الفرنسيين على الطائرات المحملة بالمسافرين القادمين من الجزائر، فإن عناصر أطقم كافة الطائرات التي تصل المطارات الفرنسية قادمة من الجزائر، مجبرين على تطبيق تعليمات السلطات الفرنسية المختصة، ممثلة في هيئة الطيران المدني الفرنسي، لتوضح المضيفة بالقول أنالسلطات الفرنسية بالمطارات تخضع المسافرين القادمين من الجزائر لأسئلة بمجرد وصولهم تستفسر فيها عما إذا كانوا قد خضعوا لعمليات رش بالمبيدات الحشرية أملا، في إجراء رقابي صارم لمعرفة مدى التزام أطقم شركات الطيران بتطبيق تعليمات ''السلامة والوقاية'' الصحية. وتذكر هذه الإجراءات والتشديدات المتخذة من قبل السلطات الفرنسية بحق الجزائريين والقادمين من دول الضفة الجنوبية، أو ''الدول المتخلفة'' بحسب تعابير اليمينيين والراديكاليين في فرنسا، بإجراء ات أخرى مشابهة من ناحية إهانة الإنسان والحط من قيمته، كان يتم التعامل بها مع الجزائريين على وجه الخصوص، إبان سنوات التسعينات، في كافة المطارات الفرنسية، عندما كان يتم إخضاع كل ما هو قادم من الجزائر وكل من يحمل صفة جزائري جنسية أو أصلا لإجراءات تفتيش لم ترد في أيمنظومة أمن في أيدولة، حيث كان يتم تجميع الجزائريين القادمين من الجزائر باتجاه فرنسا في مخازن بالمطارات الفرنسية أقرب إلى المستودعات، معزولين عن باقي المسافرين. '' ياسين عبد الباقي طيارو الخطوط الجوية الجزائرية يعترفون ل''النهار'' رائحة المبيد كريهة.. وتثير اشمئزاز الجزائريين عمليات رش الجزائريين وإهانتهم غالبا ما تثير حالات استنفار ومشادات داخل الطائرة عبر العديد من طياري الجوية الجزائرية عن تذمرهم واستيائهم الشديدين، من الوضعية السيئة التي آلت إليها الرحلات الجوية المبرمجة باتجاه الدول الأوروبية، خاصة بعد توقيع مصالح شركتهم لاتفاقية مع المنظمة العالمية للصحة، يتم بموجبها رش المسافرين بمبيدات مضادة للحشرات. وكشف هؤلاء الطيارون ممن تحدثت إليهم ''النهار''، عن حالات استنفار قصوى طالت عشرات الرحلات الجوية المبرمجة من مطار الجزائر إلى مطارات الدول الأوروبية ،أبطالها مسافرون، منهم من دخل في مشادات كلامية حادة وصلت بهم إلى شن هجومات على مضيفي ومضيفات الطائرة، الذين يتكفلون بمهمة رشهم بالمبيدات المضادة للحشرات، ومنهم من تعرض لحالات إغماء كون الحالة الصحية للمسافر لا تسمح له باستنشاق الرائحة الكريهة للمبيد، خاصة ممن يعانون من أمراض الربو، وهي رائحة قال عنها محدثونا بأنه حتى الذين يتمتعون بصحة جيدة لا يتحملون استنشاقها، بمن فيهم فئة الطيارين التي أصبحت تنفرمن الرحلات التي يلزم فيها مسافريها برشهم بهذا النوع من المبيدات. وأوضح هؤلاء الطيارون، بأنه في حال رفض المسافرين لرشهم بالمبيد ''ذي الرائحةالكريهة''، فإنه يستحيل عليهم الإقلاع من أرضية المطار في حالة ما إذا قاموا المكلفين بالمهمة بأدائها قبل عملية الإقلاع، أما إذا كانت الطائرة قد أقلعت، وقوبل الرش من قبل المسافرين حينئذ بالرفض، فإنهم -أي الطيارين- يتلقون صعوبات في عملية الهبوط على أرضيات مطار الدول الأوروبية، بدعوى أن كل رحلةجوية يتم إرفاقها بقائمة مفصلة تتضمن أسماء المسافرين ممن تم رشهم بالمبيد، وتثبيت لاصقة في القائمة حتى يتأكد المراقبون الطبيون الموزعون على مستوى مطارات الدول الأوروبية، أن الرحلة سليمة ولا تثير تخوفات من انتشار الحشرات المسببة لداء الملاريا واللشمانيوز، الأكثر انتشار بالدول الإفريقية. حبيبة محمودي الرئيس المدير العام للخطوط الجوية الجزائرية: ''لست المسؤول عن رش الجزائريين بالمبيدات'' قال الرئيس المدير العام للجوية الجزائرية، وحيد بوعبد الله، أن اللجوء إلى رش مسافري الرحلات الجوية المبرمجة من مطار الجزائر باتجاه دول أخرى بموجب الاتفاقية الموقعة بين الجهة الوصية والمنظمة العالمية للصحة، خارجة عن نطاق دائرة اختصاصه، وتدخل في دائرة اختصاص مديرية النقل الجوي التابعة لإدارة المطار الدولي، وحاولنا الاتصال بعد ذلك ببعض اطارات المديرية هذه، التي نصحنا بها محدثنا لكن ''لا حياة لمن تنادي''، لنحاول الاتصال مرةأخرى وبإلحاح مستمر بمديرية الطيران المدني الناشطة بوزارة النقل لكنه أيضا ''لا حياة لمن تنادي''. حبيبة محمودي الخطوط الجوية الفرنسية: الإجراء إجباري على كل شركات الطيران في اتصالنا بالخطوط الجوية الفرنسية، أكدت المكلفة بالإعلام الآنسة وسيلة بوبكر، أن الخطوط الجوية الفرنسية ملزمة بتطبيق قانون الطيران الدولي المدني، والذي ينص على إخضاع الرحلات الجوية القادمة من المطارات الإفريقية لجملة من الإجراءات والتدابير الوقائية، من أجل حفظ سلامة الصحة وشروط النظافة، وأكدت أن الإجراء ينص على رش مبيدات الحشرات على أمتعة اليد المرافقة للمسافرين في مقصورة الطائرة، موضحة أن مصالح الخطوط الجوية الفرنسية لم تسجل أي شكوى أو حالة إصابات بسبب المبيدات منذ بداية العمل بهذا الإجراء سنة 2003، وفي ذات السياق أكدت الآنسة بوبكر أن كلال خطوط الجوية وشركات النقل الجوية ملزمة بتطبيق نفس الإجراءات وبكل الرحلات المتوجه من المطارات الإفريقية باتجاه المطارات الأوروبية وبعض البلدان الأمريكية. سامي. س