التمست النيابة العامة لدى مجلس قضاء العاصمة توقيع عقوبات ببن 18 شهرا و20 سنة سجنا نافذا في حق أفراد عصابة أسسوا جمهورية موازية لتزوير أختام الدولة كان ضحيتها هيئات رسمية ووزارات. وكانت محكمة الجنايات بمجلس قضاء العاصمة، قد فتحت ملف القضية المتعلق بفضيحة من العيار الثقيل، والتي عصفت بعديد المؤسسات العمومية والهيئات الرسمية، أبرزها وزارتي التربية الوطنية والسكن والعمران، فضلا عن عدد من البلديات والدوائر الإدارية بالعاصمة، ووكالة عدل، كان وراءها عصابة شكلت جمهورية موازية لتزوير ملفات طلبات سكن وطلبات تأشيرة، على غرار تزوير الملفات القاعدية لملفات "الفيزا"، وشهادات مدرسية وشهادات نجاح وكشوفات نقاط، تضمن انتقال وتحويل تلاميذ راسبين، وأخرى شهادات ميلاد "أس 12" وشهادات إقامة، وحسابات بنكية وكشوفات أرصدة، باستعمال أختام مزورة، مقابل مبالغ مالية متفاوتة، ويوجد في قلب الفضيحة 16 متهما، أبرزهم ضابط بالجيش وقاضية تحقيق مزيّفين، وموظف ببنك الجزائر، وعون أمن بملحقة بلدية سيدي أمحمد ومديرة ثانوية "آيت مسعودان" بدرارية، مديرة ثانوية بسعيد حمدين "ب.صورية". وتعود وقائع القضية حسب قرار الإحالة التي تحوز "النهار أونلاين" على نسخة منها، إلى تاريخ 3 نوفمبر 2013، حين تقدمت إلى مصالح الشرطة رئيسة مصلحة الحالة المدنية بملحقة "عبد الله هروس" لبلدية سيدي امحمد، المسماة "ز.حميدة"، لترسيم شكوى بخصوص تزوير إمضائها وتقليد ختمها الشخصي على شهادة إقامة، اكتشفت أمرها بتاريخ 13 أكتوبر 2013، أثناء مزاولة عملها لما تقدم إلى مكتبها عون أمن ووقاية بملحقة بونسراق احسن بسيدي امحمد، المدعو "ك.بلال"، حاملا شهادة إقامة ليطلب منها استخراج له شهادة أخرى مطابقة، حيث وبعد تفحصها لها تبين أنها مزورة، وعليه تم السماع إلى المعني الذي صرح في محضر سماعه، أن الوثيقة المزورة تخص طبيبا بمصلحة الطب الشرعي بمستشفى مصطفى باشا، كان يريد استخراج شهادة مطابقة لها ببلدية سيدي امحمد، فأخبره أنه يعرف شخصا يعمل بالبلدية بغرض جلبها له، ويتعلق الأمر بعون أمن في نفس الملحقة والبلدية المسمى "ب.حسن"، الذي تسلم منه ورقة بيضاء تحمل معلومات عن الطبيب غير مرفقة بعنوان إقامته، مضيفا أن بعد مرور حوالي شهر سلم له العون "ب.حسن" شهادة إقامة باسم الطبيب "ر.جعفر" عليها ختم مصالح بلدية سيدي امحمد، وإمضاء رئيس المصلحة، وهذا بغرض استئجار شقة بالعنوان المدوّن بالشهادة المستخرجة، قبل أن يعود إليه بعد أيّام فقط لأجل استخراج بطاقة رمادية لزوجته وشهادة تحويل إقامة من بلدية ذراع بن خدة تيزي وزو إلى بلدية سيدي امحمد، عندها تقدم إلى رئيسة المصلحة لأجل تسليمها الوثيقة التي أخبرته وقتها أنها مزورة، فأخبرها بأنه تسلمها من العون "ب.حسن"، وبعد استغلال المعلومات، تمكن محققو الفرقة الجنائية للمقاطعة الوسطى للشرطة القضائية التابعة لأمن ولاية الجزائر، في اليوم الموالي، من توقيف المشتبه فيه الذي اعترف منذ الوهلة الأولى بالأفعال الموجهة إليه، مقرا بهوية المتهم الرئيسي وهو مسبوق قضائيا يدعى "خ.ارزقي"، هذا الأخير الذي تم توقيفه على متن مركبة بمعية سيدة وابنتها تبين أنها مديرة ثانوية بسعيد حمدين "ب.نورة صورية"، وبعد عملية التفتيش تم العثور على ملفين خاصين بطلب السكن الاجتماعي، حيث أقرت الموقوفة التي كانت رفقته أنها تعرفت عليه عن طريق صديقة لها تعمل كقاضية تحقيق بمجلس قضاء العاصمة، التي قصدتها إلى الثانوية التي تديرها قبل سنتين لتسجيل أبنائها "ب.إبراهيم" و"ب.كوثر"، ومن ثمة توطدت العلاقة بينهما وأصبحت تستقبلها في منزلها، بعدما أخبرتها أنها تربطها علاقات واسعة مع أشخاص نافذين، كون والديها إطاران بالجيش، مما يمكنها من تسوية بعض مشاكلها الإدارية العالقة، كالحصول على سكن، مضيفة أنها في العام الماضي اتصلت بها لأجل تسجيل أبناء أخ أحد معارفها النافذين، يعد ضابطا ساميا بالجيش بثكنة غرمول واستقباله، وهو ما حصل فعلا، حيث استقبلته بمكتبها ولبت طلبه وسجلت التلميذتين بالثانوية، وهي الفرصة التي وجدتها المديرة لأجل طلب مساعدته لها في تسوية بعض الملفات الإدارية على مستوى مفتشية الوزارة، بعد قبولها لتلاميذ راسبين بثانويات أخرى للاتحاق بالأطوار العليا بالثانوية التي تديرها، من بينهم تلميذين من ثانوية بالدويرة وأخر من ثانوية بالعناصر في القبة، أين طلبت من المتهمة "ب.نبيلة" رقم هاتف الضابط المزيف المدعو "خ.أرزقي"، حيث أخبرتها الأخيرة أنه بإمكانه مساعدتها من خلال تزوير عبارة "يعيد السنة" المدونة في شهادة الانتقال، باستبدالها بعبارة "ينتقل"، وهو ما حدث فعلا، حيث تقدم العسكري المزعوم إلى الثانوية وتسلم منها الملفات الإدارية الأصلية، مطالبة منه تزوير 3 كشوفات نقاط، و3 شهادات تحويل وشهادة انتقال، في أقرب وقت، تفاديا لمشاكل قد تنجم عن مفتشية الوزارة، نافية تسليمه مقابل مالي، واستكمالا للتحريات تمكنت ذات الفرقة من تحديد هوية المشتبه فيها " ر.نادية" التي تبين أنها مجرد بائعة مجوهرات، وأنها انتحلت الصفة ولم يسبق لها أن عملت في سلك القضاء إطلاقا، وذلك بإقرار من طليقها. وأسفرت عملية تفتيش منزل المتهم الرئيسي على حجز 5 ملفات إدارية تربوية، بغرفة نومه، كان قد تسلمها لتزوير شهادات البكالوريا وشهادات الانتقال، وظرفين مدون عليها بلدية سيدي امحمد، شهادات إقامة، شهادات ميلاد، شهادات الحالة العائلية، إلى جانب ضبط جهازي إعلام آلي، طابعتين متعددة الوظائف، يستعملها في تزوير ملفات الحصول على تأشيرة، وملفات طلبات سكن، بالإضافة إلى استرجاع ملفات إدارية فارغة عليها أختام دائرية ومستطيلة، وأخرى على بياض لعدة جهات إدارية، جهاز سكانير، آلة تقطيع الورق، ثلاثة أختام خاصة بالأفراد والشركات الخاصة، فضلا عن 4 جوازات سفر وعدة ملفات إدارية، بينها شهادات وفاة باللغتين العربية والفرنسية، بطاقات عائلية، شهادات إقامة، نسخ من سجلات عقود الزواج، وشهادات الميلاد بالعربية والفرنسية، والإسبانية، حيث أقر المتهم أنه كان يقوم بتزوير الوثائق لإيداعها في ملفات طلبات سكن وطلبات "فيزا"، لأجل الحصول على تأشيرات سفر إلى دول أجنبية منها إسبانيا وفرنسا، وهذا مقابل مبالغ مالية متفاوتة تترواح بين 500 دج و10 آلاف دج.. وخلال الجلسة، أنكر جل المتهمين الوقائع المنسوبة إليهم، وتمسكوا بأقوالهم خلال مجريات التحقيق، وعلى رأسهم المتهمة التي انتحلت صفة قاضية تحقيق "ريحي نبيلة"، التي اعترفت أنها مجرد بائعة مجوهرات، وأنها تقربت من المتهم الرئيسي من أجل تمكينها من شهادة ميلاد فرنسية لابنها ولتواجدها خارج الوطن كلفت زوجها، نافية انتحالها أي صفة، أما مديرة الثانوية "ب.صورية نورة" فصرحت أنها تعرفت على المتهم الرئيسي بواسطة المتهمة "ر.نبيلة" وأخطرتها بأنه عسكري من أجل تسوية وضعية بعض التلاميذ الراسبين، كشهادات الانتقال، وشهادات التحويل وكشوف النقاط، مشددة على أنها ملفات صحيحة وليست مزورة، وهذا بغرض مساعدة تلاميذ وتمكينهم من الدراسة. ويذكر أن المتهمين أحيلوا على العدالة بتهم ثقيلة تراوحت بين جنايات تكوين جماعة أشرار وتقليد ختم الدولة وتزوير المحررات الرسمية والتزوير في محررات تجارية ومصرفية والتزوير واستعماله في محررات إدارية والتدخل بغير صفة في الوظائف العمومية والمشاركة في تقليد ختم الدولة والمشاركة في التزوير واستعماله في المحررات الإدارية والمصرفية والتجارية، وبالمقابل تأسس كل من مديرية التربية غرب وبلديات بلوزداد وسيدي أمحمد وسيدي مروان بولاية قسنطينةوالجزائر الوسطى وبجاية وتيزي وزو وبرج الكيفان والمحمدية وحسين داي ودرارية والمدية وسيدي راشد بولاية تيبازة، القرض الوطني الشعبي وبنك الجزائر وسيتي بنك كطرف مدني.