يبقى بن شيخة عبد الحق رمزا من رموز نجاح المدربين الجزائريين خارج الوطن، حيث صنع ملحمة مع النادي الإفريقي التونسي وأعاده إلى أيام الزمن الجميل، عندما توج بلقب البطولة الموسم الماضي كاسرا الحصار الذي فرض على فريق "باب الجديد" طيلة سنوات عديدة، ولا يختلف إثنان أن بن شيخة نجح سواء الموسم الماضي أو خلال الموسم الجاري في بعث روح قتالية في لاعبيه، مكنتهم من تجاوز فقر التعداد وعدم إمتلاكهم أسماء كبيرة تحمل ألوان المنتخب التونسي مثل الترجي أو النجم الساحلي. بن شيخة الذي سمي "الجنرال" والذي تقول الصحافة أن تدريباته هي بمثابة "مناورات" وأنه بارع جدا في بعث العزيمة القوية وشحن لاعبيه عبر رسائل قوية المفعول، سمي أيضا "مورينو العرب" وسرق أنظار الجميع بإحترافيته وأخلاقه كذلك، حيث أشاد به برنامج "سويعة سبور" الرياضي لما قرر أن يتكلم إلى الصحافة فقط عندما ينهزم الفريق ويترك مساعده الكوكي يتكلم عند فوز الإفريقي...عندما تتحدث عن بن شيخة في تونس فإنك تتحدث عن شخص نزيه ونظيف، وهو إعتراف يأتيك من عند العدو والصديق يجعلك تعتز كجزائري، بن شيخة الذي التقيناه تحدثنا معه مطولا عن سبب فشله في العديد من التجارب في الجزائر وعدم مكوثه في بعض الفرق سوى لأيام، مقابل نجاحه في تونس، أين يطلب كل مناصري "الكليب" بقاءه للعام الثالث على التوالي، فشخص الأسباب وتحدث عن وصفة النجاح في تونس وأسباب الفشل محليا. "مشكلتنا في الجزائر أن الشارع هو الذي يسير، والمناصر هو المدرب" بن شيخة قال: "في الجزائر لدينا الشارع الذي يتحكم في تسيير الفريق، كما يحدث في النوادي الشعبية مثل المولودية التي دربتها، وكان هناك نوع من المناصرين يحبون التدخل في أمور أكبر منهم، هذا الشيء لا أثر له في تونس، حيث أن هناك فعلا الشارع الذي ينتقد ويوجه اللوم للمدرب، عندما لا ينجح مثلما وقع معي في بداية مسيرتي مع الإفريقي خلال المباريات الأولى العام الماضي التي كانت صعبة جدا، لكن هذا الشارع لا يتدخل في أمور تسيير الإدارة ولا يفرض على الرئيس أي شيء مثلما يحدث عندنا، ويجعل الرئيس يتصرف ويقدم على الإطاحة برأس المدرب، من باب التضحية، حتى لا يسقط رأسه هو،كما أن هناك مناصرون يتحولون من المدرجات الى مدربين ويقحمون أنفسهم في الخيارات وتسمعهم يطالبون بإدخال فلان أو علان. بالإضافة الى ذلك،هناك ضغط رهيب على المدربين في الجزائر بسبب إستعجال الجميع للنتائج في غياب أي إستراتيجة، الأمر الذي يؤدي إلى ردات فعل صعبة جدا من الجمهورتجاه المدرب بما يجعل التعايش صعبا وبما يجعل أيامه معدودة، هذا الموسم مثلا فريقي إنهزم في رادس 3-1 أمام حمام الأنف وهو أحد فرق وسط الترتيب،أياما فقط بعد فوزنا بالداربي العاصمي، وهي الهزيمة التي أضعنا بها المرتبة الأولى (لا زالت ضائعة الى اليوم)، ولو حدث هذا الأمر في الجزائر لما هضمه أحد وقامت القيامة". "التخلاط سبب كارثتنا، ورئيس الإفريقي يتمسك بي أكثر عند النتائج السلبية " وإضافة إلى هذا وذاك، قال بن شيخة أن هناك أمرا آخر يجب الإشارة إليه، وهو "التخلاط" في بعض الفرق الجزائرية، حيث هناك أطرافا كثيرة تكون قريبة من الإدارة وهم في أغلبهم مسيرون قدامى أو مناصرون معروفون، عندما لا يعجبهم المدربين في أول فرصة يبحثون عن إسقاطه من خلال الإتصال بمدربين آخرين وتهيئة الأرضية لهم، وقال بن شيخة أن هناك نوع من المدربين "يحفرو" أيضا ويحسدون أصدقاء مهنتهم على مناصبهم وقد يفعلون أي شيء للإطاحة بهم، مشيرا الى أن المحيط العام بشكل أخص من أسباب فشل المدربين الجزائرين، وفي هذه النقطة ثار قائلا :"هناك محيط متعفن، هو سبب تردي أوضاع الكرة الجزائر، فلو كان نظيفا كل واحد منا أمام بيته لما وصلت الأمور الى هذه الدرجة من السوء عندما يصل الأمر ببعض من لا علاقة لهم بكرة القدم لإنتقاد خيارات مدربين ومساءلتهم عند أي نتيجة سلبية، كما وقع معي عدة مرات، وهذا لا يعني أنه في تونس لا يوجد ضغط، لكن الإختلاف في درجة التعصب، والنوايا والأغراض، وإضافة الى كل هذا أنا شخصيا أحوز على ثقة رئيس الفريق التي تجعلني أتخطى أي ضغوطات، فلا أنفي أني مررت بمراحل صعبة، ووجدت فيه السي كمال إيدير السند القوي، الذي ساعدني كثيرا خاصة لما كانت النتائج غائبة، وهذا نادرا ما يحدث عندنا".