وجه أبو محمد عاصم المقدسي الأب الروحي لتنظيم ''القاعدة'' والمرشد الروحي للجماعات الإسلامية بالعالم والوطن العربي، رسالة ''إبراء ذمة'' مما يرتكب في حق المسلمين بمختلف الأصقاع من تقتيل بدعوى الدين، وبالجزائر بشكل خاص، وتأتي هذه التبرئة التي أصدرها مفتي تنظيم ''القاعدة'' . بعد أن بلغه ''أبو الوليد الجزائري''، وهو أحد ناشطي الجماعات المسلحة الجزائرية استقر في أفغانستان قبل سنوات، بالوضع الذي آلت إليه الجماعات الإسلامية المسلحة في الجزائر وبخاصة تنظيم ''القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي'' الذي يعتمد على الفتاوى التي أصدرها لتنفيذ العمليات الانتحارية ضد المدنيين التقى ''أبو الوليد الجزائري'' الذي استفاد قبل أشهر من تدابير ميثاق السلم والمصالحة الوطنية بصفته عضو سابق في ''الجماعة الإسلامية المسلحة'' ولاحقا عضو في مجموعة إرهابية تنشط خارج التراب الجزائري'' قبل أسابيع بالشيخ أبو محمد المقدسي في الأردن وانتزع منه رسالة خطية إلى عناصر الجماعات الإسلامية المسلحة في الجزائر يدعوهم فيها إلى الرشد وعدم تأويل الفتاوى التي أصدرها. وقال المقدسي في رسالته الموجهة إلى عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي''، تلقت ''النهار'' نسخة منها، والصادرة منذ أسبوعين وبالضبط أواخر شهر ربيع الثاني 1430ه، بعمان بالأردن، أنه قد بلغه من بعض المشايخ أن بعض المتساهلين والمتلاعبين بأرواح المسلمين ودمائهم وأعراضهم يستدلون للوصول الى مآربهم ببعض كتاباته وفتاواه، ويعودون إليه الارتكاب أعمالهم التي لا تمت بصلة للدين، وأوضح المقدسي في رسالته أنه وجب عليه التنبيه بعد أن أصبحت كتاباته تؤخذ على محمل التحريف ويستغل العائدون إليها جزء منها دون الآخر، بدعوى التحريف، قائلا ''إن بعض الغلاة والمتسرعين في أموال المسلمين ودمائهم وأعراضهم يستدلون لباطلهم ببعض كتاباتنا، فلزم هذا التنبيه لإبراء الذمة، فإني ولله الحمد ما كتبت حرفا إلا لنصرة دين الله وشريعته ولم أكتبه لهوى متبع أو لاستباحة حرمات المسلمين''،ويرى متتبعون للشأن الأمني أن هذا التنبيه الذي وجهه المقدسي للجماعات الإسلامية وما يعرف بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، بعد أن أصبح يتحجج في تنفيذ مجازره ضد الجزائريين الأبرياء العزل بفتاوى المقدسي، من خلال الاعتماد على بعض الفتاوى دون الأخرى، تحقيقا للمصالح التي تخدمها،وأضاف المقدسي في سياق رسالته، أنه لا يتحرج من البراءة من الباطل، بحكم أن ما يجري ببعض أرض المسلمين باطل لا ينبغي السكوت عنه، حيث قالوأنا لا أتحرج من البراءة من الباطل والزيغ والضلال والخطأ ولو صدر من أقرب قريب، وقد اعتدنا أن نقول الحق، ولا نخشى في الله لومة لائم ولو كلفنا ذلك ماكلفنا..''، واستدل المتحدث برسول الله صلى الله عليه وسلم، حين بلغه أن خالد سيف الله المسلول قد سارع في قتل من أظهر علامة تشير الى الإسلام ،فقال اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد، ومن هذا المنطلق أوضح المقدسي أن يتبرأ دون أي حرج من كل من يستدل بشيء من كتاباته القديمة أو الحديثة لسفك الدماء أو هتك الأموال أو الأعراض المعصومة، ونصح أبو محمد الشباب بالعودة إلى بعض كتاباته التي يحذر فيها من الانحرافات في الجانب العلمي والاعتقاد، وكذاا لأخطاء التي ترتكب في الجاني العملي، على غرار كتاب ''الثلاثينية في التحذير من أخطاء التكفير''، وكذا كتاب ''وقفات مع ثمرات الجهاد بين الجهل في ا لشرع والجهل في الواقع''، وحسب متتبعين للملف فإن الرسالة موجهة للتنظيم الإرهابي لما يعرف بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، بعد أن استباح دماء المسلمين وأحل حرماتهم وأعراضهم، مرتكزا في عملياته على فتاوى المقدسي، مغتنما فرصة غياب المقدسي عن الأضواء، لتحريف الفتاوى عن نصابها الشرعي وتوجيهها بما يخدم التنظيم والنشطين ضمنه. وذكرت مصادر متتبعة للملف أن أبو الوليد الجزائري أوصل الرسالة إلى بعض المعاقل بالجبال لتوزيعها على العناصر النشطة ضمن ما يعرف بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي ،سعيا منه لإطفاء نار الفتنة ووقف المجازر التي يرتكبها التنظيم في حق الجزائريين العزل، خاصة بعد أن صدرت من الأب الروحي للحركات الجهادية'' في العالم. '' قضى 14 سنة في السجن، خالف الزرقاوي وكفّر الدولة السعودية أبو ''محمد المقدسي'' منظر العصر للجماعات الجهادية في العالم الإسلامي هو أبو محمد عاصم بن محمد بن طاهر البرقاوي، المقدسي شهرةً، العتيبي نسبا، متزوج من امرأتين وله العديد من الأبناء، ولد شهر مارس سنة 1959 بقرية برقة بفلسطين، تركها بعد ثلاث سنوات مع عائلته متوجها إلى الكويت، حيث مكث فيها وأكمل دراسته الثانوية، ثم درس العلوم في جامعة الموصل بشمال العراق بناء على رغبة والده، وهناك تسنى له الاتصال بالجماعات والحركات الإسلامية، وبعدها تنقل إلى المملكة العربية السعودية، وكان له هنا وهناك احتكاك واتصال بطلبة العلم، وبعض المشايخ الذين أخذ عنهم بعض مفاتيح العلم حول الواقع وتنزيل الأحكام الشرعية الصحيحة عليه، عكف على مطالعة كتب شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيّم، وكتب الشيخ محمد بن عبد الوهّاب وتلاميذه وأولاده وأحفاده من أئمة الدعوة النجدية، فكان لهذه الكتب بالتحديد أثر كبير في توجهه بعد ذلك، وهناك انخرط في تيار أهل الحديث الثوريين، ورثة تيار جماعة ''جهيمان العتيبي'' التي احتلت الحرم المكي عام 1979، وكانت هذه الجماعة ناشطة في الكويت، وكان المقدسي ناشطا ضمنها في فترة الثمانينات إلا أنه اختلف مع بعض رموزها خصوصا حينما بالغ في مسألة التكفير. سافر أبو محمد المقدسي إلى باكستانوأفغانستان مراراً، وتعرّف خلالها على جماعات كثيرة من أنحاء العالم الإسلامي، وشارك ببعض الأنشطة التدريسيّة والدعوية هناك، وهناك كان أوّل طبعة لكتاب ''ملّة إبراهيم'' الذي كتبه في تلك الفترة، كما كانت له جولات ومواجهات مع بعض غلاة المكفّرة تمخّضت عن بعض المصنّفات لعل من أهمها ''الرسالة الثلاثينية في التحذير من الغلو في التكفير''، الذي ينتقد فيه أخطاء فكرية وسلوكية يقع فيها أبناء حركته ، لكنه بلغ مرحلة متقدمة وحساسة في النقد عندما بدأ الحديث عن أخطاء الزرقاوي وجماعته وعن الاختلافات المنهجية بينه وبين الزرقاوي، كما كان له جولات أخرى ومواجهات مع بعض جماعات الإرجاء تمخّضت عن عدّة كتب منها ''إمتاع النظر في كشف شبهات مرجئة العصر '' ''الفرق المبين بين العذربالجهل والإعراض عن الدين''. وقد استطاع، أبو محمد المقدسي، من خلال قدرته وموهبته في الكتابة إعادة إنتاج كثير من مصادر ثقافته ومعرفته الشرعية، بما في ذلك تأثره بسيد قطب وخبرته ومعايشته للتجربة الأفغانية وتنقله بين الجماعات الإسلامية في أقطار مختلفة، وبدأ يبني رؤيته وأفكاره على هذه المصادرمع امتلاكه للغة مندفعة متوهجة قادرة على تحريك المشاعر واستفزاز الشخص المخاطَب، فألف العديد من الملزمات والأدبيات بدأها بمؤلفات تظهر بوضوح الطريق الصعب الذي سيسلكه لبناء الحركة والتيار الذي يتبنى هذا الخطاب الراديكالي، تصريحاته والحوارات التي أجراها حملت الكثير من الدلالات والمؤشرات حول التحول في رؤيته وتصوره للعمل الإسلامي والأخطاء التي ارتكبها أتباع ما يسمى بالتيار السلفي الجهادي في الفترة الأخيرة. لكن كان هناك إصرار واضح من قبل المقدسي على عدم بتر علاقته مع التيار الذي ساهم شخصيا في توجيه أتباعه وأنصاره في مختلف بقاع العالم وتأسيسه وقيادته في الأردن، ويعتبر المفهوم الرئيسي الذي تقوم عليه أفكار المقدسي مفهوم ''الحاكمية السياسية''، واعتبار أن كل التشريعات والحكومات التي لا تقوم على التشريع الإسلامي وحده، هي تشريعات وحكومات كافرة، لا علاقة لها بالإسلام ولا يجوز القبول بها والعمل في إطارها السياسي والقانوني، وبناء على هذه العقيدة اعتبر المقدسي أن الحكومات والدساتير والبرلمانات والأحزاب والمؤسسات العلمانية العربية الحالية هي ''أنظمة كافرة'' لا يقر بها الإسلام ولا يجوز القبول بها والعمل في منظومتها، بما في ذلك الجيش والشرطة ووزارة الأوقاف وحتى مؤسسات التربية والتعليم. هكذا التقى المقدسي ب''أبو مصعب الزرقاوي'' وهكذا بدأ الفكر المتطرف عاد أبو محمد المقدسي إلى الأردن سنة 1992 حيث ساهم في تقديم عدد من الدروس، واتصل هناك بعدد من العناصر التي كانت لها مشاركة في الحرب الأفغانية ضد الاحتلال السوفياتي. وفي سنة 1994 اعتقل منظر الجماعات الإسلامية، مع عدد من المواطنين الذين كان أبو محمد المقدسي قد أفتاهم بجوازالقيام بعملية ضد قوات الاحتلال الصهيوني في فلسطين بمتفجرات وفرها لهم، وكان ضمنهم ''أبو مصعب الزرقاوي''، واسمه الحقيقي، أحمد فضيل نزال الخلايلة، حيث تمت إدانتهم بتهمة إطلاق تنظيم جهادي أطلق عليه ''بيعة الإمام''، وكانت هذه المرة الثانية، التي يلتقي فيها أبو محمد المقدسي بأبي مصعب الزرقاوي، بعد أن التقيا للمرة الأولى في أفغانستان عام 1989، ودامت فترة الاحتباس إلى غاية سنة 1999، وخلال هذه الفترة التي قضاها المرشد الروحي للجماعات الإسلامية بالسجن، استطاع الزرقاوي أن ينتزع القيادة من ''المقدسي'' في السجن، لينطلق في التنظير للفكر الجهادي المتطرف قبل ان يعود الى أفغانستان، وقد وجه المقدسي رسالة إلى ''أبو مصعب الزرقاوي''، اعتبرها رسالة ''مناصرة ومناصحة'' كتبها من داخل السجن بعد خلافه معه حول العمليات الاستشهادية، حيث اعتبر المقدسي العمليات الاستشهادية هي وسيلة استثنائية وليست وسيلة تقليدية أصيلة في العمل الجهادي، وتحفظ فيها على مسألة قتل المدنيين، وضرب الكنائس ومساجد الشيعة، ''إن صح أن من يقوم بها الزرقاوي، فعلمي بالزرقاوي ومن يحمل فكره أنهم لا يقتلون الناس لأجل القتل ولايبيحون دماء الناس بالجملة، بل هم يتورعون على قتل أي نفس دونما حق''، وحثّ أبو محمد المقدسي الزرقاوي على توخي الحذر في استهداف المدنيين، وقد أثارت هذه الرسالة استياء كبيراً في أوساط مناصري الزرقاوي، الذين فسروا بها عملية الإفراج الأخير عنه. تم إلقاء القبض على أبو محمد المقدسي من جديد بنفس التهمة بتاريخ28 نوفمبر 2002، رفقة 11 شخصا آخر بتهمة التخطيط لمؤامرة قصد ارتكاب أعمال إرهابية، وجاء هذا الاعتقال الثاني عقب تصريحات المقدسي لوسائل الإعلام الأردنية والعربية التي برر فيها شرعية الانتفاضة في الأراضي الفلسطينية وأدان فيها السياسة الأمريكية في العالم العربي، وبعد إحالته على محكمة أمن الدولة، في القضية التي عرفت ب''تنظيم المفرق'' أصدرت في حقه حكما يقضي بالإفراج عنه بتاريخ 27 ديسمبر 2004، ورغم ذلك لم يطلق سراحه، وظل معتقلا لمدة 6 أشهر، ليتم الإفراج عنه بتاريخ 28 جوان 2005، بعد تقديم سلسلة من التعهدات، أبرزها عدم إجراء أي مقابلات صحفية،وبالفعل رفض المقدسي'' كل العروض التي تلقاها من وسائل الإعلام لإجراء مقابلات. المقدسي كفّر الدولة السعودية في كتابه ''الكواشف الجلية'' واصل المقدسي دعوته بالسجن، التي قضى بها 14 سنة، قبل أن يفرج عنه في 12 مارس 2008، وكتب العديد من رسائله بالسجن، وكان من أول ما كتبه في السجن سلسلة ''يا صاحبي السجن أأرباب متفرّقون خير أم الله الواحد القهار''، كما أصدر ألف رسالة بعنوان ''هذا ما أدين الله به'' عقب الضربات التي مست الولاياتالمتحدةالأمريكية بتاريخ 11 سبتمبر، تحدث فيها عن مشروعية هذه العمليات، ثم كانت عمليات عدة ضد القوات الأمريكية بالمنطقة العربية ، فكتب رسالته الشهيرة ''براءة الموحدين من عهود الطواغيت وأمانهم للمحاربين''. كما أصدر الرجل كتاب ''ملة إبراهيم''، وهو كتاب يقوم على فكرة بسيطة مفادها الأخذ بملة النبي إبراهيم الذي أمرنا الله بالاقتداء به كما في نص الآية الكريمة، ''لقد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده''، هذا الأخذ يتمثل في الكفر ''بالطاغوت'' حسبه والبراءة منه، حيث يقول المقدسي أن الطاغوت يعتبر الكفر به عروة الإيمان الوثقى، ''وهذا الكفر يتجلى في صور كثيرة، أهمها من لم يحكم بما أنزل الله، كما قالت الآية القرآنية ''ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون''، يضيف وبما أن الحكومات لا تحكم بما أنزل الله، حسبما يرى المقدسي، فهي إذن طاغوت من الطواغيت التي أمرنا بالكفر بها والبراءة منها، أسوة بإبراهيم النبي، ومن هنا جاء اسم الكتاب. ولم يكتف المقدسي بمجرد الإعلان اللفظي للكفر بالطاغوت،بل تدخل في تحديد أشكال هذا الكفر، إذ لا يجوز أن ينخرط المسلم في وظائف الطاغوت وخصوصا في السلك العسكري، ولاحقا أفتى المقدسي بكفر القوات الأمنية العربية كما كان أتباعه يؤكدون. غير أن أخطر كتاب ألفه أبو محمد المقدسي، كتابه التكفيري الذي هاجم فيه السعودية وتم تهريبه بكثافة إلى داخل المملكة العربية السعودية بعد أن طبعه بباكستان، حيث يعد من أخطر الأدبيات التي صاغت التيار الجهادي السعودي، وهو كتاب ''الكواشف الجلية في كفرالدولة السعودية''، حيث كفَّر المقدسي الدولة السعودية لسببيْن، أولهما تشريعاتها الداخلية المنافية للشريعة الإسلامية حسب فهمه لها، وثانيهما علاقاتها الخارجية المبنية على ما يخالف الجهاد كما يفهمه. كما يعتبر ''منبر التوحيد والجهاد'' على الأنترنت من أشهر المنابر والمنصات التي تنطلق منها كتابات المقدسي، كما خص القدس بكتاب أطلق عليه ''القدس في القلب فهل آن لحقوقها أن تظهر على الجوارح''، حيث دعا فيه أنصار التيار الجهادي لتقديم الملموس لفلسطين في ظل التكالب الفلسطيني، وقال أن التيار مقصر عمليا في حقها لأسباب عدة. وألف المقدسي كتابا حول ''مشروع الشرق الأوسط الكبير''، تدورمحاوره حول ماتنادي به أمريكا من دعوات للإصلاح في بلاد المسلمين على المقاس الأمريكي، معتبرا الأمر مجرد بهتان، لتحقيق المصالح الإسرائيلية في المنطقة، كما كتب أيضا كتاب ''وقفات مع ثمرات الجهاد'' قدم فيها خلاصة نصحه لأبناء هذا التيار الجهادي. كما أطلق ''المقدسي''موقعاً الكترونياً يعد مرجعاً شرعياً للعديد من التنظيمات السلفية والجهادية في العالم، ليصل اليوم إلى حقيقة بديهية مفادها عدم شرعية الجهاد بالجزائر وهي رسالة خص المقدسي بها النهار'' التي تنشرها كاملة، حيث جاء فيها عدم شرعية العمل المسلح بالجزائر باعتباره بلدا مسلما. أكاديمية عسكرية أمريكية تقول أنه أخطر من بن لادن والظواهري المقدسي أبرز منظري التيار الإسلامي المتطرف وأكثرهم تأثيرا يقول مسؤولون في جهاز المخابرات الأمريكية ال''سي.أي.أي'' أن المقدسي منظر بارز للتيار الجهادي، لديه تأثير على الفكر الإسلامي لأبعد مما يصل إليه نشطاء بارزون آخرون مثل أسامة بن لادن وأيمن الظواهري، ووصفت دراسة أعدها مركز دراسات خاص تابع لأكاديمية ويست بوينت العسكرية الأمريكية عام 2006 المقدسي، وهو مثقف إسلامي علم نفسه بنفسه، بأنه أكثر المنظرين الإسلاميين الأحياء تأثيرا، وتفيد مصادر قريبة من ملفه بأن المقدسي،الذي تؤجج منشوراته وموقعه الإلكتروني، حماس أنصار الفكر المتشدد، اتجه للتراجع عن أفكاره بعد مراجعة مع الذات، له علاقة مع العديد من الجماعات الجهادية'' في العالم، وكذلك العالم العربي والإسلامي وخصوصاً في منطقة الخليج العربي، وهو بمثابة المرشد الروحي لمن قاموا بتفجيرات عدة، ويعتبر المقدسي من أبرز منظري ''التيار السلفي الجهادي'' في العالم وله عشرات الكتب والعديد من الرسائل والفتاوى، وله أعداد كبيرة من المناصرين والأتباع،وأصبحت كتبه بمثابة الأدبيات الرئيسة للعديد من الخلايا التابعة للتيار، وشهد عام 2005 خلافاً بين المقدسي والزرقاوي حول أسلوب العمل والدعوة،حيث تبنى الزرقاوي منهجا متشددا في العمل وظهر ذلك بصورة كبيرة إبان زعامته لتنظيم ''القاعدة'' في العراق واستخدم أساليب عنيفة من أبرزها العمليات الانتحارية واستهداف الشيعة والمدنيين، وهو الأمر الذي أدى إلى ظهور الخلاف مع شيخه ''المقدسي'' الذي أصدر رسالة بعنوان ''الزرقاوي: آمال وآلام، مناصرة ومناصحة''، والتي انتقد فيها ممارسات الزرقاوي العنيفة كالتوسع في العمليات الانتحارية وقتل المدنيين، ثم ألف كتاباً موسعاً بعنوان ''وقفات مع ثمرات الجهاد'' فصل فيه موقفه من مجمل القضايا الخلافية مع الزرقاوي وانتقد معظم التجارب الجهادية في العالم والأردن، وأظهر موقفاً سلمياً في الدعوة واستراتيجيات التغيير، وعقب مقتل الزرقاوي في جوان 2006 ظهر تياران داخل السلفية الجهادية الأردنية، أحدهما يتبنى السير على خطى الزرقاوي والآخر مناصر للمقدسي، إذ ظهر حديثاً عدد من الكتابات من قبل الطرفين تكيل التهم إحداهما للأخرى، واستطاع المقدسي أن يستأثر بمعظم الأنصار والأتباع حيث صدر بيان موقع من 26 شخصاً من رموز ''السلفية الجهادية'' في الأردن، يؤيدون فيها منهج المقدسي. وكان المقدسي عقب خروجه الأخير من السجن قد بدأ عملية نقد ومراجعة للتيار ''السلفي الجهادي'' في الأردن يطالب بعدم القيام بأي عمل مسلح وينادي باتباع طريق الدعوة السلمي. بسم الله الرحمن الرحيم إبراء للذمة الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد.. فقد روى الإمام البخاري رحمه الله تعالى حديثا عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما؛ أن رجلا سأله عن مسائل تتعلق بعثمان بن عفان من عدم حضوره لغزوة بدر، وأنه فر يوم أحد وعدم حضوره لبيعة الرضوان فأجابه عبد الله بن عمر بالايجاب، إلا أنه لم يتركه يذهب فرحاً بهذا الجواب الذي ربما أثار فتنة على الإمام، حتى فصل له وبيّن أسباب ذلك كله، فذكر في الأولى أنه تخلف لمرض زوجته ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة، وفي الثانية أن الله غفر له ولأمثاله كما في القرآن، وفي الثالثة أن رسول الله صلى الله عليه ولسلم كان قد بعثه إلى مكة رسولا له إلى قريش، وأنه صلى الله عليه وسلم قد بايع عن عثمان في تلك البيعة. ففي هذا الحديث فائدة أن الحق أو الصدق إن ذكر أو أخذ ناقصا، فلربما أسيء فهمه أو استغله أهل الزيغ والضلال. وعليه فقد بلغني من بعض المشايخ الناصحين والنصيحة مقبولة ممن جاء بها، أن بعض الغلاّة والمتسرعين في أموال المسلمين ودمائهم وأعراضهم يستدلون لباطلهم ببعض كتاباتنا، أو يتكئون على بعض استدلالاتنا.. فلزم هذا التنبيه إبراء للذمة.. فإني ولله الحمد ما كتبت حرفا إلا لنصرة دين الله وشريعته، ولمأ كتبه لهوى متبع أو لاستباحة حرمات المسلمين.. وأنا لا أتحرج من البراءة من الباطل والزيغ والضلال والخطأ، ولو صدر من أقرب قريب، وقد اعتدنا أن نقول الحق ولا نخشى في الله لومة لائم، ولو كلفنا ذلك ما كلفنا.. وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لما بلغه أن خالد سيف الله المسلول، قد سارع في قتل من أظهر علامة تشير إلى الإسلام ولو من بعيد، وهي قولهم ''صبأنا صبأنا ولم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ''اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد'' وعليه فأنا أبرأ إلى الله دون أدنى حرج من كل من يستدل بشيء من كلامي أو كتاباتي القديمة والحديثة، ليسفك دماً حرماً أو يهتك عرضاً معصوماً أو يسلم مالاً لمعصوم. ولقد كنت نصحت الشباب عموما في كتابين مهمين أوجّه أنظارهم إليها: الأول: كتابي ''الثلاثينية في التحذير من أخطاء التكفير''..حذرت فيه من كثير من الإنحرافات في الجانب العلمي الاعتقادي، وبينت فيه الشروط والموانع والأصول التي ينبغي أن تراعى في ذلك. والثاني: كتابي ''وقفات مع ثمرات الجهادين الجُهّل في الشرع والجهل في الواقع''؛ حذرت فيه من الأخطاء التي قد ترتكب في الجانب العملي، وهو من آخرما صنفت وكتبت. أنصح الشباب بقراءتها والإعتناء بهما تصفية لعقيدة أهل السنة والجماع، وتميزا وتنقية للجهد وحقناً لدماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم... وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. وكتبه أبو محمد المقدسي عمان غزة ربيغ الثاني.1430 ه