الشيخ المقدسي في الصورة الكبيرة * رسالة "تحت الضغط" لإيجاد تبرير شرعي أم صحوة ضمير طلب المدعو عبد المالك درودكال (أبو مصعب عبد الودود) الأمير الوطني للتنظيم الإرهابي المسمى "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" في رسالة خاصة الى الشيخ محمد المقدسي، أحد أبرز منظري الجهاد في العالم ومفتي تنظيم "القاعدة" والمعروف ب"الأب الروحي" للجهاد العالمي، بعض التوضيحات والفتاوى والأحكام الشرعية في نشاطاته... * * وقال "درودكال" في الرسالة التي نشرها موقع منبر التوحيد والجهاد الخاص بالشيخ المقدسي على الانترنيت "نطلب منكم أن تكون هذه بداية المواصلة المباشرة بيننا وبينكم وأن تأذنوا لنا إن لم يكن في ذلك ضرر بكم أو إحراج لكم في أن نكتب لكم بعض النوازل التي تحتاج إلى أن توضحوا لنا أحكامها وتزيلوا عنا اللبس فيها، نسأل الله أن ينفع بعلمكم". * وتعد هذه الرسالة الأولى من نوعها التي حاول فيها "درودكال" أن يستفتي الشيخ المقدسي في دماء الجزائريين في ظل طعن أغلب علماء الأمة بمن فيهم منظري الجهاد في العالم في شرعية ما تقوم به جماعة درودكال، خاصة ما تعلق بالاعتداءات الانتحارية التي اعتمدتها في السنوات الأخيرة واستهدفت بشكل أكبر المدنيين، حيث اعترف الأمير الوطني للتنظيم الإرهابي "الجماعة السلفية" أنه يقوم بالاتصال بأول مرة بالشيخ المقدسي الذي يعد منظر الجهاد في العالم، وأبرز مفتي تنظيم "القاعدة"، وسبق أن أفتى بعدم جواز الاعتداءات الانتحارية التي كان يقوم بها تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" تحت إمرة "أبو مصعب الزرقاوي"، ولم تقم قيادة "درودكال" منذ إعلان انضمامها الى تنظيم "القاعدة" وإعلان تغيير تسميتها الى "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" باستفتاء عالم دين أو منظر واعتمدت بشكل مركز على أيمن الظواهري الساعد الأيمن لأسامة بن لادن كمرجعية لها قبل أبو يحيى الليبي، وحاول "درودكال" تبرير هذا التأخر بالقول "إنا لنعتذر إليكم عن تأخر هذه الرسالة؛ فلقد كنا نتمنى أن تكون وصلت إليكم قبل هذا ولكن لم يشأ الله ذلك لظروفنا وظروفكم، ونود أن نحيطكم علما بأننا كنا حريصين على التواصل معكم منذ زمان قديم منذ فترة القائد أبي إبراهيم مصطفي ولكن الله لم يقدر ذلك"، أي منذ سنة 2004 عندما كان نبيل صحراوي المدعو (أبو إبراهيم مصطفى) أميرا "للجماعة السلفية للدعوة والقتال" خلفا لحسان حطاب الذي انسحب من إمرة التنظيم. * لكن متتبعين لمسار التنظيم الإرهابي "الجماعة السلفية" يدرجون هذه الرسالة ضمن بحث جماعة "درودكال" عن سند شرعي لنشاطه ومنفذ من حالة الضغط التي تواجهها اللجنة الشرعية للتنظيم الإرهابي من طرف بعض أتباعها الذين يطالبون في الأشهر الأخيرة بإلحاح تبريرات شرعية صلبة مقابل الاستمرار في النشاط المسلح، خاصة الاعتداءات الانتحارية التي راهنت عليها قيادة "درودكال" وأصبح العديد من المرشحين لها يترددون في تنفيذها لغياب سند شرعي، ولا يستبعد أن يكون درودكال قد وجه هذه الرسالة "تحت ضغط أتباعه المعارضين لمنهجه التكفيري"، بينما أشارت أوساط أخرى على صلة بالملف الأمني الى احتمال بحث قيادة "درودكال" عن منفذ لتبرير توبة محتملة في صفوفها على خلفية أن الشيخ أبو محمد المقدسي لن يقوم بتزكية اعتداءات جماعة "درودكال" استنادا الى حوار حديث أجري معه، حيث سئل عن خلفية الرسالة التي كان قد وجهها في وقت سابق لأمير تنظيم "القاعدة في بلاد الرافدين" أبو مصعب الزرقاوي تحت عنوان "رسالة مناصحة ومناصرة"، وقال المقدسي في جوابه أنها "ليست رسالة نقد وتجريح، بل هي من باب غيرتنا على هذه الدعوة والعاملين بها... وخلافي مع "أبو مصعب" في العمليات الاستشهادية ليس خلافا حول مشروعيتها أو عدمه، بل كتبت برسالتي المناصحة بأن العمليات الاستشهادية هي وسيلة استثنائية وليست وسيلة تقليدية أصيلة في العمل الجهادي، وتحفظت أيضا على مسألة قتل المدنيين، وضرب الكنائس ومساجد الشيعة، إن صح أن من يقوم بها الزرقاوي، فعلمي بالزرقاوي ومن يحمل فكره أنهم لا يقتلون الناس لأجل القتل ولا يبيحون دماء الناس بالجملة، بل هم يتورعون على قتل أي نفس دونما حق". * وتأتي هذه الرسالة برأي متتبعين أيضا كخطوة استباقية "لقطع الطريق" أمام مبادرة ما يعرف ب"قيادة أركان" حسان حطاب، حيث كان هؤلاء قد وجهوا رسالة الى الشيخ أبو محمد المقدسي طلبوا فيها منه لقاء لإطلاعه على حقيقة الوضع الأمني في الجزائر بهدف انتزاع موقف شرعي نظرا لتأثيره على المسلحين، ومما ورد فيها "نود ترتيب لقاء معنا لنوضح لسماحتكم، التعفن الذي وصلت إليه الأمور في الجزائر من تقتيل جماعي بواسطة التفجيرات ذهب ضحيتها أطفال ونساء وشيوخ"، وتخشى قيادة درودكال أن يعلن المقدسي على ضوء هذا اللقاء على موقف شرعي يجرد التنظيم الإرهابي من أي غطاء ديني. * وحرص "درودكال" في هذه الرسالة على الثناء على المقدسي ومغازلته بأوصاف مثل "الشيخ الشهم الثابت الصادع بالحق، الناصح لأمته في وقت قلّ فيه الناصح، الأمين المؤيد للجهاد في سبيل الله في وقت كثر فيه المخذلون والمرجفون، المعرض عن الدنيا ولذاتها في وقت أقبل عليها فيه المتعالمون الجشعون". * لكن الرسالة حملت رسائل مشفرة عندما يقول "درودكال" للشيخ المقدسي "وإياكم والغرور، وتذكروا أن بمواقف العالم تحيى أمة وتهلك أمة، ولكم في موقف الإمام أحمد رحمه الله أعظم عبرة، والحذر الحذر من تلك الأيادي الماكرة والوجوه الكالحة، تلك الوجوه التي يحاول أصحابها جاهدين أن يوقعوكم في شرك التراجع والانتكاس أعاذنا الله وإياكم من الحور بعد الكو"، وهي رد ضمني على الحوار الذي أجرته صحيفة "السبيل" الأردنية مع المقدسي وبين فيه الشروط والموانع والأصول التي ينبغي مراعاتها في القتال وأكد "أن الشرع الإسلامي عظّم من حرمة المسلم دمه وماله وعرضه وأن علماء الإسلام نصّوا على أن استباحة دماء المسلمين خطر عظيم، مؤكداً أنه لا يجوز التهاون بدماء المسلمين المعصومين بأي شبهة أو بحجة الجهاد أو غيره".