محاكمة 12 إطارا متقاعدا من صندوق التعاون الفلاحي وشركة السلام للإيجار المالي تكشف: المتهمون تمت متابعتهم بتهمة تبديد المال العام واستغلال الوظيفة والنفوذ وزير الفلاحة وأمينه العام وقعا على توصيات لمنح قروض لفائدة طبيب وغرباء عن القطاع طرحت محكمة سيدي امحمد بالعاصمة، نهاية هذا الأسبوع، ملفا شائكا تم بموجبه إحالة 12 إطارا متقاعدا من مؤسسة السلام للإيجار المالي والصندوق الوطني للتعاون الفلاحي على المحاكمة بعد 6 سنوات و3 أشهر من التحقيق في القضية. هذه القضية تم تفجيرها بعد تقرير من المفتشية العامة للمالية، بعد اكتشافها خروقات قانونية في بنود العقد المبرم بين وزارة الفلاحة والصندوق الوطني للتعاون الفلاحي حول منح قرض إيجاري لاقتناء سيارات، بعدما اتضح أن القرض تم منحه لأشخاص لا ينتمون مهنيا للمؤسسة المالية ولا للقطاع الفلاحي، مما استدعى توقيف نشاط الشركة وتصفيتها. وقد جاءت محاكمة المتهمين بعد 80 شهرا من وضعهم تحت الرقابة القضائية في قضية تبديد أموال عمومية وإساءة استغلال الوظيفة واستغلال النفوذ، كشفت العديد من النقاط التي أثارها وأجمع عليها دفاع كل متهم، منها ما تطرق إليها قاضي التحقيق وأغلبها تم إغفاله بعدما ذكر في جلسة علنية، مثل استفادة إطارات سامين في الجيش، أحدهم برتبة جنرال، ومسؤولون مدنيون في الدولة، منهم وزير، وغيرهم من الغرباء عن المؤسسة المالية السلام والقطاع الفلاحي من قروض خلال عام 2001. كما ورد في إفادات الشهود والمتهمين وتقرير المصفي بعد حل شركة الإيجار المالي، أن هؤلاء المسؤولين وكبار الضباط تحصلوا على تراخيص شفهية ومكتوبة من وزير الفلاحة والتنمية الريفية آنذاك والأمين العام لوزارة الفلاحة والمدير العام للصندوق الوطني للتعاون الفلاحي. وأشار الدفاع في مرافعاته إلى أن الأمين العام للصندوق وكبار المسؤولين المستفيدين من تلك القروض لم يتم استدعاؤهم للتحقيق، مما جعل 12 إطارا متقاعدا موزعين على شركة السلام للإيجار المالي والصندوق الوطني للتعاون الفلاحي لوحدهم في قفص الاتهام، بتهم أثقلت كاهل كل متهم، على رأسهم رئيس مجلس الإدارة لشركة السلام وأعضاء مجلس إدارة ومديرين سابقين بالصندوق الوطني للتعاون الفلاحي، إلى جانب مدير المالية والمحاسبة ومحافظي حسابات. الاستفادة من قروض كانت بترخيص من المدير العام للصندوق وقد أنكر المدير العام لشركة السلام المدعو «م.م.م» التهمة المتابع بها، كونه استفاد من القرض لشراء سيارة وفقا للاتفاقية المبرمة بين وزير الفلاحة والصندوق، والتي نفذت في إطار تطبيق تعليمة المدير العام للصندوق الوطني للتعاون الفلاحي في تلك الفترة، مشيرا إلى أنه تم تسويته، وهذا ما ركز عليه باقي المتهمين الذين تداولوا على منصب المدير العام في فترات متتالية، حيث أوضح المتهم «د.ع» أنه تحصل على القرض بعد التأكد من مضمون المنشور الوزاري فيما يخص الحق الممنوح لهم للاستفادة من تراخيص الحصول على القرض الإيجاري، حسبما جاء في تعليمة المدير العام للصندوق في تلك الفترة، معربا البعض الآخر عن إخلاء مسؤولياتهم للقانون الذي صدر بعد استفادتهم من القرض، والقاضي بمنع أعضاء مجلس الإدارة من هذا الحق. أما محامي الصندوق الوطني للتعاون الفلاحي، فقد أشار إلى أن الصندوق أنشأ فرعا له بنسبة مساهمة 60,61 من المئة في مؤسسة السلام للإيجار المالي، والتي كلفت بتسديد مبلغ القرض الإيجاري لشراء سيارات باسمها في إطار العقد المبرم بين وزارة الفلاحة والصندوق لأغراض مهنية ولأشخاص تابعة مهنيا للمؤسسة، إلا أنه تم اكتشاف توزيع القرض على أشخاص غرباء كليا عن المؤسستين، مما استدعى عقد اجتماع وزاري بتاريخ 16 أوت 2008 يقضي بوقف نشاط المؤسسة المالية، ليتم حلها عن طريق مصف، هذا الأخير وبفضل تقرير المالية والمحاسبة اكتشف وقائع القضية التي تم تحريكها عام 2011، وبالتالي طالب بحفظ حقوق الطرف المدني. ضباط بالجيش وأستاذ في الطب ووزير استفادوا من قروض وكانت هيئة الدفاع قد انطلقت قبل مرافعتها في تقديم دفوعات شكلية بتقادم العقوبة لانقضاء الدعوى العمومية، مرتكزة على الإجراءات اللازم اتخاذها في حالة إخلال المستفيد من القرض لبنود طريقة التسديد بالتوجه أولا إلى القسم التجاري، ويبقى القسم الجزائي آخر حل يتم اللجوء إليه، بعد تكييف الملف على أساس تبديد أموال مرهونة وليس التكييف الحالي، فيما تمت الإشارة إلى التراخيص المشبوهة لمنح القرض الإيجاري التي تحصل عليها إطارات سامون بالوزارة وفي الجيش، خاصة اعتراف الشاهد أثناء التحقيق وهو أستاذ في الطب مصلحة بيار ماري كوري لأمراض السرطان، أنه تحصل على قرض لاقتناء سيارة بترخيص شخصي من وزير الفلاحة والتنمية الريفية آنذاك، فيما كشف باقي الشهود، منهم متعاملون اقتصاديون لمؤسسة السلام وأغلبهم غرباء عنها وعن الصندوق، أن التراخيص تحصلوا عليها من الأمين العام لوزارة الفلاحة أو المدير العام للصندوق أو الأمين العام لذات الصندوق، إلا أن هؤلاء لم يتم استدعاؤهم للتحقيق أصلا، ليختم الدفاع مرافعته بالتركيز على انعدام أي خبرة منجزة في الملف تحدد قيمة الثغرة المالية، على الرغم من أن السيارات لا تزال مرهونة لمؤسسة السلام، وعلى الرغم كذلك من دفع جميع مستحقات القرض والفوائد، طالبا الدفاع إجراء تحقيق تكميلي في الملف بإجراء خبرة علمية لتحديد مبلغ الثغرة إن وجدت فعلا، مع تبرئة ساحة كل متهم، وأمام هذه المعطيات، التمس وكيل الجمهورية في حق المتهمين 13، في ظل غياب المتهم «ع.أ»، تسليط عقوبة 5 سنوات حبسا نافذا ومليون دينار غرامة مالية نافذة.