«الحد الأدنى» المحفوظ من طرف المضربين لم يكف لمواجهة الإقبال الكبير للمرضى موجة الإضراب جعلت مداخيل الأطباء «البريفي» تنتعش تمديد ساعات عمل العيادات الخاصة إلى ساعات متأخرة من الليل عرفت مداخيل العيادات الخاصة انتعاشا كبيرا منذ دخول الأطباء المقيمين والأعوان شبه طبيين في موجة إضراب عن العمل، حيث شهدت عيادات الأطباء الخواص إنزالا كبيرا للمرضى الذين لم يجدوا من يصف لهم دواءهم أو يتابع حالتهم الصحية، خاصة المصابين بالأمراض المزمنة. وحسبما أكده، أمس، أساتذة في الطب ممن تحدثث إليهم «النهار»، فإنه بسبب الضغط الكبير الذي تشهده مختلف المصالح الاستشفائية بسبب موجة الإضراب، لم يتمكنوا من التكفل بكل الحالات المتوافدة عليهم بالمئات، لاسيما الذين لديهم متابعة دورية على مستوى المصالح، ووجد أساتذة الطب أنفسهم مجبرين على الكشف عن مئات المرضى أسبوعيا. كما انعكس الإضراب سلبا على برامج العمليات الجراحية والفحوصات الطبية، ولم يجد المرضى من يقوم بقراءة تحاليلهم لمباشرة العلاج، باستثناء الحالات المستعجلة المضمونة في إطار الحد الأدنى من الخدمة التي ضمنها المقيمون وأعوان شبه الطبيين في إطار المناوبة. من جهتهم، أكد العديد من المواطنين ممن تحدثث إليهم «النهار» بالمركز الاستشفائي الجامعي لبني مسوس «إسعد حساني»، أنهم ضاقوا ذرعا من الإضرابات المتكررة، حيث قال «ب.م» البالغ من العمر 58 سنة، أنه سئم من تأجيل موعده كل مرة بسبب الإضراب، ففي المرة الأولى أضرب الأطباء، وعند عودته وجد الممرضين في إضراب هم الآخرين، والأدهى هو أنه لم يجد أي شخص يساعده أو يوجهه، لاسيما وأنه مريض يعاني من داء السكري وبحاجة إلى تجديد وصفته الطبية، وأضاف أنه عندما قصد مصلحة الاستعجالات بعد أن حول من قسم استشارات الطب الداخلي، صدم برفض تجديد وصفته قائلا: «هربت من الحبس طحت في بابو، نروح للبريفي وحسبي الله ونعم الوكيل». تمديد ساعات عمل العيادات الخاصة لكسب مال «الزوالية» وسئم المواطنون من الأخذ والرد على حساب حالتهم الصحية، حيث أجبروا على مدار الشهرين المنصرمين على التنقل وشد رحالهم في كل مرة بين المستشفيات والمؤسسات الطبية بحثا عن من يريح آلامهم ومعاناتهم، قبل أن ينتهي بهم المطاف على طاولات العيادات والمصالح الصحية الخاصة، التي عمدت -حسبما أكده عدد من المواطنين- إلى مضاعفة فترات عملها وتمديد ساعات الاستقبال، بالإضافة إلى رفع تسعيرة الكشف الطبي، مغتنمة هذه الفرصة التي لا تعوض تحصيل أكبر قدر ممكن من المداخيل على عاتق أصحاب الدخل المحدود. وخلق الإضراب حالة من الاكتظاظ على مستوى بعض المصالح الاستشفائية، وبالخصوص الاستعجالية منها، والتي باتت مسؤولة عن استقبال جميع القادمين إلى المستشفى رغم اختلاف إصاباتهم أو أمراضهم، في مرحلة أقل ما توصف به بالحرجة، كونها تزامنت مع انتشار وباء الأنفلونزا الموسمية. إنشاء لجنة قطاعية مشتركة لمتابعة انشغالات الأطباء المقيمين كشفت، أمس، وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات في بيان لها عن إنشاء لجنة قطاعية مشتركة مكلفة بإعداد ومتابعة تطبيق خارطة طريق تخص كامل الجوانب المرتبطة بالتكوين ومستقبل طلبة العلوم الطبية. ويندرج تنصيب هذه اللجنة في إطار التكفل بانشغالات طلبة العلوم الطبية المقيمين وتطبيق تدابير دائمة بالتشاور مع كل القطاعات والأطراف المعنية، وتضم هذه اللجنة شخصيات طبية معروفة وممثلين عن مختلف الدوائر الوزارية وممثلين عن طلبة الطب المقيمين. وأوضح بيان الوزارة أن هذه اللجنة التي سيتم تنصيبها، صباح يوم الأحد، ستمكن كافة المعنيين من متابعة التطبيق الفعلي للتدابير المقررة في إطار التكفل بانشغالات هؤلاء الطلبة. وقررت التنسيقية الوطنية للأطباء المقيمين، يوم الأحد الفارط، مواصلة الإضراب إلى غاية الاستجابة إلى مطالبهم من طرف الحكومة، متأسفة لكون مطالب المقيمين لم يتم التكفل بها منذ عدة سنوات، رغم حركات الاحتجاج التي نظمت في 2011 و2015. وسمح اللقاء الذي جمع وزير الصحة بممثلي الأطباء المقيمين، السبت الفارط، بالتوصل إلى اتفاق حول بعض المطالب المرفوعة إليه، في حين لم يتم التوافق حول مطالب أخرى، خاصة منها الخدمة الوطنية، لكونها ليست من صلاحيات وزارة الصحة.