عون الأمن عند التفتيش أعثر على سجينات دون ملابس داخلية من تحت الجلابة هن إطارات بمؤسسات خاصة وأخرى عمومية، محاسبات ومسيرات ببنوك أجنبية، منظفات وطالبات، وحتى البطالات وربات البيوت.. من مختلف الأشكال والطبقات الاجتماعية والفئات العمرية، منهن العاهرات وبائعات الهوى وحتى الطباخات بالاقامات الجامعية والراقصات بالملاهي الليلية، يمثلن أمام القضاة في مختلف المجالس القضائية والمحاكم الابتدائية، ليحاكمن على أفعالهن ''الخطيرة'' التي كانت في وقت مضى تقتصر على الرجال دون غيرهم.. هو إذن الواقع الذي وإن وصف فلا يمكن وصفه إلا ب ''المر ''.. واقع لا يمكن فهمه وتحليله إلا داخل قاعات الجلسات التي تروي لحضورها أحداثا شيقة، مثيرة ومحزنة في أغلب الأحيان. التفكير في إنجاز هذا الموضوع، جاء كضرورة حتمية بعد تغطيتنا الدائمة والمستمرة لمختلف القضايا التي تعالجها محاكم العاصمة سيما محكمة بئر مراد رايس وسيدي أمحمد، ارتأينا من خلاله أن ننقل صورة حية عن نزيلات وسجينات المؤسسات العقابية اللاتي تدخلهن متبرجات وغير محجبات، ليمثلن بعد مرور بضع أيام أمام العدالة ب''جلابة وخمار''، لكن لماذا ترتدين ''الحجاب'' عند اقتيادهن من السجن إلى المحكمة؟ وهل الألبسة المحتشمة والمستورة التي تظهر بها داخل المحكمة ملك لهن؟. كثيرة هي القضايا التي تعالجها المحاكم الابتدائية التي تتورط فيها النساء والشابات بعد ضلوعهن في مختلف قضايا الإجرام، خاصة السرقة بالتعدد، والسرقة بالكسر، ناهيك عن قضايا الاختلاس والنصب والاحتيال، الاستهلاك والمتاجرة في المخدرات، فضلا عن قضايا المراودة والدعارة والفعل المخل بالحياء، ليتم الزج بهن في السجون والمؤسسات العقابية ليحاكمن وفقا للقانون، بيد أن الأمر الذي يجهله الكثير منا، هو أن أغلب ''المجرمات'' لا يرتدين الحجاب ويتم ضبطهن وإلقاء القبض عليهن في حلة جميلة، وأخرى في وضعيات مخلة بالحياء وشبه عاريات، أمثلة لا تعد ولا تحصى لهذه الفئة وسنحصر بعضا منها في هذه الأسطر. أصدقاء راقصة بملهى بزرالدة: ''نستعرف بيها نحات الميني والجين ولبست الحجاب'' هي راقصة بإحدى الملاهي الليلية بزرالدة في العاصمة، طويلة القامة وجد سمينة، في ال26 من العمر، دخلت قاعة الجلسات وانضمت إلى باقي السجينات اللاتي تحرسهن عونة الأمن التابعة لإدارة السجون، كانت ترتدي ''جلابة مغربية'' خضراء اللون واضعة ''خمارا'' أسودا غير مثبت بالدبابيس، يتساقط على وجهها من حين إلى آخر، لتظهر خصلة صفراء من شعرها، وبعد أن نادى عليها كاتب الضبط، تقدمت بخطى ثقيلة لتقف أمام رئيسة الجلسة، وبعد التأكد من هويتها ومباشرة الاستجواب، اتضح أنها راقصة بالملهى، كانت قد دخلت في مناوشات كلامية حادة مع راقصة أخرى، انتهت بضربها بعد أن اتهمتها بسرقة ملابس السهرة، وهو ما تمسكت الراقصة المتهمة بتفنيده، لتنطق المحكمة بعقوبة الحبس النافذ، غير أن الغريب في هذه المتهمة، هو أن أصدقاءها الذين حضروا جلسة المحاكمة، كانوا جالسين بالمقاعد الخلفية لم يتوقفوا عن القول ''والله غير واتاها الحجاب، كيفاش حتى لبساتو ونحات الميني والجين سيري''، ليتبين بعدها أن الراقصة ارتدت الحجاب فقط للمثول أمام المحكمة. وفي السياق ذاته، شهدت إحدى محاكم العاصمة، بحر الأسبوع المنصرم، محاكمة شقيقتين تعملان منظفتين بمؤسسة التنظيف العامة الكائن مقرها داخل إقامة شعباني المحادية لوزارة الطاقة والمناجم بحيدرة، بعد أن وجهت لهما تهمة السرقة بالكسر والتعدد، راحت ضحيتها زوجة إطار تعرضت إلى سرقة ما قيمته 400 مليون سنتيم، حيث وبمثول المتهمتين أمام القاضية، راحت الضحية تصيح وتنوح، موجهة أصابع الاتهام للشقيقتين اللتين تمسكتا بتفنيد ما نسب إليهما، لتقول الضحية أنها قامت بتحرياتها الخاصة وتوصلت إلى أن كلتا المتهمتين معروفتين بسوء أخلاقهما، لتخرج من حقيبة يدها صورة لإحدى الأختين، وأكدت أنها لا ترتدي الحجاب، لتوجه القاضية سؤالا للمتهمة قائلة ''هل ترتدين الحجاب في حياتك اليومية أم لا ؟'' لتهز المتهمة رأسها قائلة ''لا يا سيادة الرئيسة، فأنا غير محجبة''، وبمجرد الانتهاء من المحاكمة رفعت القاضية الجلسة للمداولة، لأغتنم الفرصة وأتقدم من عونة الأمن التي رافقت السجينات من سجن الحراش، ورحنا نتبادل أطراف الحديث، لأسالها عما إذا دخلت الشقيقتان بالحجاب، فأجابت وهي تضحك ''لا فهن غير محجات، فنحن من نلزمهن بستر أجسادهن''، لأسألها قائلة ''وهل تجبرنهن على ارتداء الحجاب''، لتجيب''ليس بالضرورة الحجاب، ولكن إدارة السجون تجبرهن على ارتداء ملابس محتشمة وغير فاضحة، فلا يعقل أن تمثل أمام القاضية وهي في وضعية غير لائقة''، لتردف بالقول ''حصل وأن صادفت شابة كانت تعتزم المثول بلباس فاضح ومكشوف، لأتدخل طالبة منها ستر جسدها لتقوم بذلك بعد أن أشبعتني كلاما منحطا''، لتذهب أبعد من ذلك قائلة ''سأروي لك قصة شابة أخرى، حيث وبالرغم من أنها كانت ترتدي جلابة، إلا أنها لم تكن تلبس ملابسها الداخلية فتعجبت للأمر وأجبرتها على أن تحتشم وتضع ملابسها الداخلية''، وعن السبب الكامن وراء اتخاذ هذا الإجراء في حق السجينات، فقد أكدت عونة الأمن، إن إدارة السجون تسهر على حماية السجينات خاصة وأنه يتم اقتيادهن في شاحنة رفقة الرجال والشباب الموقوفين ما يجعهلن عرضة للاعتداء أو ما شابه ذلك، وعن الألبسة التي تظهر بها المحبوسات من جلابة وخمار، فقد أفادت العونة أن السجينات تلبسنها بالتداول وكل واحدة تعير عن الأخرى حجابها لتستر نفسها. الأستاذ بوحنة: ''المثول بالحجاب أمام العدالة لا يعني أن السجينة تابت وإنما هو عقدة'' وصف الأستاذ بوحنة عبد الرحيم، مثول السجينات بالحجاب أمام العدالة ب''العقدة وعدم الثقة بالنفس'' ولا يعني هذا أنهن تبن، قائلا أن تورط المرأة في مختلف أنواع الإجرام يعرف في السنوات الأخيرة استفحالا واسعا، حيث أضحت تتورط في الجرائم التي كانت حكرا على الرجل سيما قضايا المخدرات والأقراص المهلوسة والإرهاب والشعوذة، خاصة حوادث المرور، مؤكدا أنه يصعب على المرأة أو الشابة التي يتم استقدامها من السجن أن تظهر للعيان بالزي العادي، حتى لا يتعرف عليها كل من كان داخل قاعة الجلسات، كما أشار إلى أن هذه الظاهرة قضية أخلاق، مفندا التفسير الذي تقدمت به عونة الأمن التي أرجعت السبب إلى التعليمات التي أقرتها إدارة السجون في حق السجينات، مؤكدا أنه لم يسبق لإدارة السجون وأن نصت على ضرورة وضع الحجاب. من جهة أخرى، قال أن المرأة التي كانت في الماضي تطلب الحماية أصبحت اليوم تشكل خطرا على المجتمع. وعلى صعيد آخر، كشف الأستاذ بوحنة أن القول بأن إرتداء الحجاب هو تطبيق لما نصت عليه إدارة السجون لا أساس له من الصحة، موضحا أنه لا يعقل لها أن تلزم الرجال الملتحين بحلق لحيتهم في حين تجبر السجينات على وضع الحجاب.