يعاملوننا كالعبيد ويحتقرون رموز الدولة الجزائرية هي شهادات العشرات من العمال الجزائريين، الذين يعملون لدى الشركات الأجنبية المتواجدة بالجنوب الجزائري بمنطقةحاسي مسعود "، أصروا، خلال عودتهم إلى عائلاتهم في الإجازة التي استفادوا منها بعد شهر ونصف من العمل، فيما وصفوهبجحيم الشركات الأجنبية، على نقل معاناتهم وظروف عملهم الرهيبة والمأساوية، تحت سلطة الأجانب، من مسؤولي الشركاتالمتعددة الجنسيات، التي قالوا عنها أنها "حولت الجنوب الجزائري إلى مستعمرة،لا معنى لاستقلال الجزائر فيها" ، بحيث أصبحالعمال الجزاريين لدى هذه الشركات يعاملون كالعبيد ويتجرعون يوميا الشتائم والإهانات، التي وصلت حد وصفهم "بالشعبالهمجي الذي لا يستحق الاستقلال"، وهي الإهانة التي تجرأ على قولها جهارا، وأمام مئات العمال المدعو "بيل جويل" البلجيكيالفرنسي الأصل، مسؤول فرع شركة اورست الجيري"، أحد فروع الشركة الدولية المتعددة الجنسيات "كومباس قروب". " نسكن الخيام ولا نتقاضى سوى 18 ألف دينار "النهار" التقت عددا من عمال شركة "اورست الجيري"، خلال إجازة يقضونها مع عائلاتهم بعنابة، حيث وصفوا في حديثهمإلينا، ما يعيشونه "بحاسي مسعود" على أيدي الأجانب، "بالعار والمهانة التي ما كان يجب على السلطات الجزائرية القبول بهاوالسكوت عنها". فبشركة "اورست الجيري" المتخصصة في خدمات الفندقة والإطعام، والتابعة لمجمع كومباس قروب" الذي يملك فروعا فيالعديد من الدول والقارات، وخلافا للصورة البراقة والواعدة بحياة رفيهة ورواتب مغرية، التي يتصورها البعض، أكد العمالأنهم يقطنون الخيام المنصوبة على الرمال، بحاسي مسعود، بدل شاليهات أو بناءات تقيهم حرارة الشمس اللافحة، التي تصل إلىالخمسين درجة، في ظروف تنعدم فيها أدنى شروط الحياة والنظافة. فلا دورات مياه محترمة، ولا مرشات للاستحمام ولا حتى أغطية نظيفة، بهذه المخيمات التي وصفوها بمخيمات العار، التي لاترقى حتى إلى مخيمات اللاجئيين في دارفور بالسودان، على حد وصفهم. كل هذه الظروف الجهنمية، يعيشها قرابة 1800 عامل بمخيمات شركة "اورست الجيري"، بحيث يعملون تحت حرارة الشمساللافحة لمدة شهر نصف دون انقطاع، قبل أن يسمح لهم بأخذ إجازة، كل هذه المعاناة والجحيم اليومي الذي يعيشونه، مقابلراتب لا يتعدى 18 ألف دينار جزائري. يعاملوننا كالعبيد ويحتقرون رموز الدولة الجزائرية وزيادة على المعاناة من ظروف العمل القاسية والرواتب الهزيلة، لم يهضم العمال طريقة معاملة الأجانب لهم، حيث يتصرفونوكأنهم في مستعمرة ملك لهم وليسوا مستثمرين في بلد مستقل، تحكمه قوانين العمل وواجبات الاحترام والانضباط في التعاملمع العمال الذين هم مواطنون جزائريونن قبل أن يكونوا أجراء لدى هذه الشركات. وأوضح العمال أن ظروف العمل المأساوية التي يعيشونها دفعت بممثلهم السيد زايدي ياسين، إلى المبادرة بإنشاء فرع نقابي،تحصل على دعم أكثر من 1300عامل، من مجموع 1800عامل من موظفي شركة "اورست الجيري" . إلا أن مسؤول الشركةالمدعو "بيل جويل"، وهو بلجيكي من أصل فرنسي، أعلن الحرب على ممثل العمال، وقام بطرده رفقة 20 عاملا آخر منالعمل، بحجة أن النشاطات النقابية ممنوعة بشركة اورست. "أنتم شعب همجي لا تستحقون الاستقلال.." ولم يكتف "بيل جويل" بضرب عرض الحائط لكل قوانين العمل والتنظيمات التشريعية الجزائرية، التي تضمن حق النشاطالنقابي الذي نص عليه الدستور الجزائري، بل تجرأ، خلال اجتماع حضره مئات العمال، بمقر شركة "شلومبرغر" على تمزيقمحضر تنصيب الفرع النقابي، المنتخب من طرف العمال، أمام الملأ، مصرحا أمام الجميع "إنكم شعب همج لا يستحقالاستقلال..". وذهب المدعو "بيل جويل"، بعد تصريحاته وإهاناته اليومية للعمال، إلى حد رفع دعوى قضائية لدى محكمة ورڤلة، ضد رئيسالفرع النقابي السيد زايدي ياسين، الذي تفاجأ بإصدار ذات المحكمة لحكم إدانة ضده بتهمة "التحريض على الفوضى وممارسةنشاطات نقابية غير مرخص لها"، حيث حكمت المحكمة عليه بثلاث سنوات حبسا موقوفة النفاذ وغرامة مالية بثمانية ملايينسنتيم، زادها بيل جويل قرار طرد نهائي من العمل بلغه إلى ذات النقابي و20 عاملا آخرين. سيدي السعيد يعلم بكل شيء ولا يتدخل .. وأكد العمال أن سلوكات مسؤولي شركة "اورست الجيري " وصلت حد الاستهزاء بالقوانين والمؤسسات الجزائرية، بحيثأبلغوا العمال بقرار منع أي نشاط نقابي، واستعدادهم لقمع أي صوت يعلو للمطالبة بتحسين ظروف العمل الجهنمية التي يعانونمنها، في الوقت الذي تمكن فيه مجمع "كومباس قروب " وشركته "اورست الجيري" من جمع عشرات الملايير من الدولارات،حوّلوها إلى الخارج، على حساب عرق وكرامة الجزائريين، في عقر دارهم و"ببلدهم المستقل"، على حد تعبير العمال، الذينأوضحوا أن الأمين العام للمركزية النقابية، سيدي سعيد، ومصالح رئاسة الحكومة وكذا رئاسة الجمهورية، كلها أعلمت بالقضيةمن خلال مراسلات رسمية، أغلبها تأكد تسلمها من طرف الأمين العام للمركزية النقابية، سيدي السعيد شخصيا، الذي تم إبلاغهبما يحدث في الجنوب، وأبدى استعداده للتدخل لوضع حد للممارسات هذه الشركات، لكنه لم يفعل شيء وبقيت وعوده مجردكلام .. النقابي ياسين زايدي طرد من العمل، فقد منزله وزوجته وفي ختام سردهم للمأساة التي يعيشها آلاف الجزائريين بوطنهم وفي ديارهم بالجنوب الجزائري، أكد العمال أن الوضعية التييعيشها باقي العمال لدى الشركات الأجنبية الأخرى، شبيهة بحالتهم ولا يوجد أي فرق بين الشركات العاملة في مجال استغلالالنفط والغاز والأخرى الناشطة في مجال الفندقة والإطعام. وجدد العمال تضامنهم مع زميلهم النقابي ياسين زايدي، الذي يعيش ظروفا اجتماعية صعبة، بعد أن طردته شركة "اورستالجيري" من العمل، وفقد منزله وتشتت أسرته بعد أن انعكست مشاكله المهنية على عائلته واضطرت زوجته إلى هجره رفقة أبنائه.