عاشت الوادي أمس يوما غير عادي من حيث درجة الحرارة الطبيعية أو الشعبية، فالحرارة الطبيعية تجاوزت الخمسين تحت الظل، فيما تجاوزتها بكثير حالة الغليان في الوسط الشعبي التي ترجمت في شكل مظاهر احتجاجية وأعمال تخريب وقطع للطرقات في قيلولة قضاها السوافة من حاسي خليفة شمالا إلى الرباح جنوبا في الطرقات العامة، فيما ضربت قوات الأمن طوقا أمنيا لتفادي احتجاجات أكثر عنفا.''النهار'' كانت حاضرة في كل هذه الأحياء وعلى طول شريط الأحداث، فمواطني الوادي انتفضوا أمس، بشكل رهيب في الرباح وأحياء مدينة الوادي الجنوبية ورددوا صرخة واحدة... وابوتفليقاه بعد أن يئسوا من السلطات المحلية ممثلة في والي الولاية ورئيس مجلسه الولائي اللذين ينعمان في الغرف المكيفة التي تشتغل بالكهرباء أو المحركات، المهم أنها لن تتعطل لحظة، كما يحدث للمواطنين. ففي بلدية الرباح اقتحم يوم أمس، المئات من سكان حي الشعانبة مقر الدائرة، احتجاجا على ضعف شدة التيار الكهربائي، وقد قام المحتجون بكسر زجاج غرفة الحاجب والباب الداخلي لمقر الدائرة، كما قاموا برشق مكاتب الموظفين بالحجارة وقطع التيار الكهربائي عن مقر الدائرة. ورشقوا محافظة الشرطة بوابل من الحجارة، وموازاة مع ذلك قام العشرات من الشباب الغاضب بحرق العجلات المطاطية أمام مقر الدائرة وعلى طول الطريق الرابط بين مقر الدائرة والطريق الرئيسي الرابط بين بلدية الوادي والرباح وهو الطريق الولائي رقم 403 الذي أقدم المحتجون على غلقه لعدة ساعات مستعملين الرمال والحجارة وحرق العجلات المطاطية التي حول دخانها سماء البلدية إلى سحاب كثيف وداكن، كما عاثوا فسادا في مطبخ العمال الخاص بدائرة الرباح.وقد ذكر المحتجون أنه لم يعد أمامهم أي خيار آخر لتحقيق مطلبهم الذي قالوا عنه أنه حق مشروع طالما رفعوه وطالبوا السلطات المحلية وكذا مسؤولي شركة سونلغاز بتحقيقه، إلا أن سنوات مرت وظلوا ينتظرون وعودا جوفاء وفارغة ومشاريع مسجلة على الورق.ويذكر هؤلاء الغاضبون أنهم يئسوا من السلطات المحلية التي ظلت تمنيهم وتعدهم، مشيرين إلى أن حيهم ظل محڤورا ومهمشا، مؤكدين أن ماقاموا به يندرج في سياق إثبات الذات ورفض المهانة والذل، إذ ليس من المعقول، كما قال سكان الحي منذ سنوات ونحن نعاني المشكل الذي تسبب في اتلاف وتوقف تشغيل الأجهزة الكهرومنزلية واحتراقها كليا، مما أدى إلى حرمانهم من النوم، فاضطروا إلى اللجؤ إلى الحقول والبساتين بحثا عن الأجواء المنعشة والعودة إلى استعمال المراوح التقليدية المنجزة من سعف النخيل لجلب قليل من الهواء البارد وتجفيف العرق وأكد رئيس دائرة الرباح في تصريح ل''النهار'' أن مشكل الكهرباء سيتم تسويته قريبا مع شركة سونلغاز، مستبعدا أن تكون الاحتجاجات سياسية الأبعاد وقال أن المواطنين قصدوا مقر الدائرة فقط لأنها المرفق العمومي الوحيد الذي يتوسط الحي المتضرر، نافيا أن يكون قد حدث أي توقيف في صفوف المحتجين. أما بحاسي خليفة فإن سكان حي الهمايسة تجمهروا وسط الطريق لطرح الانشغال ذاته المتعلق بضعف شدة التيار، حيث تدخلت السلطات المحلية ووعدت كالعادة بحل قريب.وبمدينة الوادي التي غطت سماءها سحابة كثيفة من الدخان الأسود المنبعثة من العجلات وبقايا القمامة المحروقة وسط الطرقات الرئيسية بكل من أحياء الشهداء، الصحن، القواطين، اولاد حمد، أم سلمى، الطلايبة والمراغنية. فقد شهد حي القواطين العريق أعنف أنواع الاحتجاجات، حيث تجمهر المواطنون وسط الطريق الرئيسي وأضرموا النيران في العجلات المطاطية وقطعوا الطريق المزدوج الرئيسي باستعمال أكوام الحجارة والمتاريس ورددوا شعارات منددة بالتمييز التنموي والحڤرة والإقصاء والتهميش ..في إشارة واضحة إلى الغياب الكلي لثقافة الحوار وانعدام جسور الترابط والتواصل بين السلطات والمواطنين.أما بحي الصحن، فقد تجمع المئات من المواطنين وسط الطريق الرئيسي وأضرموا النار في العجلات على غرار بقية الأحياء وطالبوا بمشاريع تنمية تضمن لهم حياة كريمة في ولاية يقولون أنها تنفق الملايير سنويا على التهيئة الحضرية والتنمية دون أن يلمسها المواطن في الأحياء الشعبية بالمدينة.