النهار ترافق أعوان التفتيش لوزارة الصحة في «مداهمة» للصيدليات ليلا: الصيدليات بررت عدم احترامها للمناوبة الليلية بكثرة الاعتداءات «المالادي» والحمل للهروب من المناوبة للنساء تشهد المناوبة الليلية للصيدليات فوضى عارمة، حيث يجد المريض نفسه مضطرا إلى أن يصول ويجول عشرات الكيلومترات أو الاستعانة ب«الكلوندستان» لمن لا تتوفر لديهم سيارة خاصة، للدخول في دوامة البحث الطويلة عن صيدلية ليلا، أو الانتظار إلى غاية اليوم الموالي لصرف وصفته الطبية. ومن خلال الزيارة التفتيشية التي قامت بها «النهار» في الشوارع الرئيسية لقلب العاصمة، للتأكد من مدى التزام الصيادلة بالمناوبة الليلية، بداية من أحياء ساحة أول ماي وشارع حسيبة بن بوعلي ومحمد بلوزداد والعقيد عميروش وديدوش مراد وتقصراين واسطاوالي وزرالدة والعاشور، لم يتم العثور سوى على صيدلية واحدة فقط تعمل بصيغة المداومة إجباريا، كونها محاذية لمستشفى مصطفى باشا في العاصمة، بالمقابل تلتزم 24 بلدية فقط من أصل 57 بأداء المناوبة الليلية. «النهار» وقفت على خرق صريح للمناوبة الليلة من قبل الصيادلة، والغلق التام ليلا، رغم قرار وزارة الصحة القاضي بضرورة فتح صيدلية واحدة، على الأقل في 57 مقاطعة، فوجدنا أنّ الصيادلة ضربوا القرار عرض الحائط بتلك القرارات، من دون أدنى اكتراث للضمير المهني واحتياجات سكان العاصمة، وكأنهم لا يعرفون المرض إلا نهارا فقط. وفي حديثنا إلى صاحب صيدلية بأول ماي، قال إنه من بين الصيدليات القليلة جدا التي تعمل بصيغة المداومة بالعاصمة، مؤكدا أن أكثر من 90 ٪ من الصيادلة رفضوا احترام صيغة الدوام ليلا وخلال العطلة الأسبوعية، وهو ما عرقل تجسيد القرار الذي أصدرته الوصاية على أرض الواقع، ليبقى بذلك المريض يدفع فاتورة عجز الوزارة عن إقناع الصيادلة أو إيجاد صيغ محفزة لتقبل القرار والعمل به. وأشار محدثنا، إى أن سكان العاصمة مجبرون على قطع مسافات طويلة للحصول على الدواء، خاصة سكان بلديات تسالة المرجة وبئرتوتة وإولاد فايت والشراڤة والرحمانية والجزائروعين طاية وغيرها. «نغلق الفارماسي تاعي باش ما نيتّمش ولادي» من جهته، أكد أحد الصيادلة الخواص من بلدية العاشور ل«النهار»، أنه يرفض العمل ليلا، منذ أن تعرض لطعنة سكين على يد أحد المنحرفين الذي خرب له كل الصيدلية من أجل منحه علبة مهلوسات من دون وصفة، وكانت النتيجة طعنة خنجر في الكتف كادت أن تودي بحياته، ومنذ ذلك الحين، قرر عدم القيام بالمناوبة مهما كانت العقوبات التي يمكن أن يتعرض إليها. وقالت إحدى الصيدليات بديدوش مراد، إنّ وزارة الصحة تتفنّن في تطبيق العقوبات في حال عدم احترام المناوبة، وتعريض الصيدلي لعقوبة الغلق النهائي، ومنعه من فتح صيدلية جديدة، غير أن هذه الإجراءات العقابية لم تقابلها تدابير استثنائية من قبل الوصاية لحمايتنا من مختلف أنواع الاعتداءات المسجلة أثناء فترة الليل، وقالت «لن ننس حادثة ولاية باتنة، التي قتل إثرها مساعد صيدلي على يد مدمن، بعد أن رفض منحه أقراصا مخدرة، وعقب ذلك انتقل القاتل إلى بيت الصيدلي المجاور وقتل أمه»، ثم صمتت لبرهة وقالت «تبكي يماهم وما تبكيش يما». «المالادي» و«الحمل» للهروب من المناوبة ولعلّ عدوى العطل المرضية، انتقلت إلى مهني الصحة على مستوى الصيدليات بعد عمال المستشفيات، حيث يقوم الصيادلة بتقديم شهادات مرضية لمديريات الصحة الولائية هربا من المناوبة، باعتبار أن 60 ٪ من الصيدليات تعود مليكيتها لصيادلة نساء، وتتفاوت الأسباب بين الحمل أو المرض المزمن للنفاذ من أداء المناوبة. أما الدّكتور الصيدلاني «ك.ش» بالدويرة، فأكّد أنّه قرر عدم القيام بالمناوبة، لأنه ببساطة لا توجد أدوية للعلاج المستعجل منذ 6 أشهر، ولأن أصل أداء المناوبة هو ضمان صرف ما يحتاجه المرضى في الحالات الحرجة، خاصة مرضى السرطان والحوامل، ولكن «الڤربة يابسة والرفوف خالية». عمادة الصيادلة:« جي بي أس قريبا لتحديد الصيدليات المناوبة» من جهته، أكد لطفي بن باحمد، رئيس مجلس أخلاقيات مهنة الصيدلة، أن الوزارة الوصّية تعتزم بالتعاون مع مجلس أخلاقيات المهنة والنقابة الوطنية للصيادلة الخواص، إطلاق خدمة جديدة بعد تهيئة خارطة وطنية للصيادلة عبر الوطن، تتمثل في التعرف عن الوكالة المعنية بالمناوبة الليلية، وخلال أيام العطل عن طريق نظام «جي.بي.أس» لتقريب الصيدلي أكثر من المواطن. وقال الدكتور، إن الصّيدلي ملزم بممارسة نشاطه، خاصة في الولايات التي تتوفر على جدول مناوبة، الواجب احترامه، مشددا على أهمية احترام هذه المهنة التي تقدم خدمة عمومية وإلى ضرورة التعريف بموقع واسم الوكالات الصيدلانية، حتى يتسنى للمواطن اقتناء الأدوية الضرورية خارج أوقات العمل المعتادة، التي تعلق على مستوى كل الصيدليات ومراكز الشرطة والعيادات متعددة الخدمات.