لجأ غالبية الجزائريين من عشاق ''الخضر'' أمس، إلى الله خصوصا وأن اليوم وافق يوم الجمعة للتضرع وإلقاء النذور، عسى الله يشد أزر رفقاء كريم زياني، ويرزقهم النصر المبين على أبناء المدرب روني. فبين منهزم ومترقب للنتيجة الفاصلة لمباراة الجزائر-انجلترا أمس والتي جرت فعالياتها بملعب مدينة كاب تاون الجنوب إفريقية، تراوحت آمال الجزائريين بين الفوز بهدف لصفر للمنتخب الوطني وبين النتيجة البيضاء لكلا الفريقين، وهي النتيجة التي تمناها الكثيرون، بعدما شدّدوا روابطهم بخالقهم في يوم فتحت فيه أبواب السماء، ليستجيب لدعواتهم ويفرحهم بضمان منتخبهم لنقاط المرور إلى الدور الثاني، آملين في رؤية مباراة حقيقية، كلها حماسة واستماتة، كتلك التي عاش السواد الأعظم من المناصرين فصولها في أم درمان بالسودان. الحاجات: ''جفنات الطعام لن تتوقف'' وكانت فئة العجائز والشباب والمراهقين أكثر فئة أطلقت النذور التي تراوحت بين الصوم والمواظبة على الصلاة وبذل مبالغ مالية لفائدة الفقراء وإطعام المساكين، وحتى الإقلاع عن بعض العادات السيئة كالتدخين ودخول الملاهي الليلية، ومن بين الأشخاص الذين أطلقوا نذورا الحاجة ربيعة 58 سنة والمقيمة بحي باب الوادي الشعبي، صادفناها أمس على مستوى شوارع المنطقة، تتصارع مع قفة كبيرة الحجم، والتي وعدت بإخراج جفنة طعام باللّحم في حال ما إذا فاز رفقاء لاعبها المفضل فوزي شاوشي على الإنجليز:''أقسمت على أن أحضر جفنة طعام كاملة مكملة تحتاج ل10 رجال، حتى يحملونها إذا ما أفرحونا الوليدات وشرفوا البلاد ''، وهو نفس النذر الذي أطلقته خالتي حليمة 52 سنة، والتي أضافت:''والله جفة طعام نوكل بيها المساكين في الجامع كاملين، ونزيد معاها الفاكهة، يفرحونا برك والله قلوبنا تقسمت على البلاد، راح نبقى ندعي وإن شاء الله تكون دعوات مستجابة''. ''مبالغ مالية والصوم الخالص لوجه الله'' أما الشابات فقد اتفقن على مساندة فريقهم إلى الآخر، ومن بينهم الرباعي، أسماء، فطيمة، صفية وصارة؛ اللواتي كن يتجولن في العاصمة، واللواتي أجمعن على أنهن سيكن مع منتخب بلادهم، وقد قطعن نذورا بينهن، خاصة بإخراج مبالغ مالية فرحا بفوز الخضر إن تم بحول الله، وهذا ما أكدته صفية التي قالت:''أملي في الله كبير ألا يرجعنا خائبين، لقد قطعنا نذورا أمام الله ليوفق فريقنا أمام انجلترا..إن شاء الله سنوفق وستبتهج الجزائر.'' أما نبيلة بلخير،21 سنة، طالبة جامعية فقد نذرت ثلاثة أيام صوم لله حتى يساعد رفقاء مجيد بوڤرة على الفوز، وهي التي قالت:''كل شيء يهون في خاطر الخضر، ولا شيء أجمل من الصوم للتقرب إلى الله تعالى، حبي لفريقنا الوطني جعلني أتعهد بالصوم لثلاثة أيام متتالية، بالرغم من أن الفصل حار، حتى يسهل لهم ربي ويفرحونا''. من جهتها الشابة العشرينية هند مراحي، أكدت لنا أنها قامت بنذر مبلغ 2000 دينار جزائري تتبرع به للمحتاجين، في حال تأهل الخضر إلى الدور الثاني:'' سأتبرع بمبلغ 2000 دينار اقتطعه من منحتي الجامعية، في حال تأهل رفقاء عنتر يحيى إلى الدور الثاني من المونديال، لقد دعوت الله مطولا ليكون معهم ومعنا''. ''إقلاع عن التدخين، تطليق الملاهي والمزيد...'' وبخلاف نذور العجائز والشابات؛ جاءت نذور الشباب المتعطش للأفراح متميزة، حيث عقد الكثير منهم العزم على تطليق الموبقات والعودة إلى الله، في حال تأهل المنتخب الوطني واقتطاعه تأشيرة المرور إلى الدور الثاني من المونديال، أين تحدث إلينا غالبيتهم بحماس شديد، وكلهم ثقة في أن فريقهم سيحدث المفاجأة، من باب أن اللاعبين يكونون قد فهموا الدرس جيدا، وقرروا الثار لأنفسهم وهيبتهم بين الفرق، ومن باب أن الله سيكون معهم، لأن الجميع عاونهم بدعوات الخير، وقطع نذورا في حال تأهل الأفناك وفوزهم على الإنجليز، ومن بينهم الشاب فريد 26 سنة، والذي وعد بالإقلاع عن التدخين في حال الفوز على انجلترا وهو يدعو الله:''لقد دعيت الله مطولا في صلاة الفجر اليوم، وهذا بعد أن عدت إليها ورجوته ليسهل لأبطالنا أمام الإنجليز، لقد قطعت نذرا على نفسي أمام الله بأن أقلع عن التدخين نهائيا، وأن أواظب على صلاتي وفعل الخير إلى آخر أيامي''، ولم يختلف نذر أسامة 19 سنة كثيرا عن نذر فريد والذي قال بدوره:'' وداعا للتّدخين وتناول التبغ في حال تأهل الخضر إلى الدور الثاني من المونديال، هو عهد قطعته على نفسي أمام الله، يا ربي ونفرحو.'' بينما أكد الشاب الياس شطرفي، 17 سنة، أنّه نذر على نفسه إطعام بعض المساكين في حال تأهل الخضر:'' لقد قطعت نذرا على نفسي أمام الله، بأن أطعم 10 مساكين لوجه الله في حال تأهل الخضر، نريد أن نفرح وأن يقف الله إلى جانبهم ويوفقهم ليس لأجلنا فقط، وإنما لأجل إخواننا المضطهدين في غزة وفلسطين''، بينما قرّر الشاب جمال، بائع أزهار بالعاصمة، توزيع كافة وروده التي تعتبر مصدر رزقه الوحيد فرحا:''إن فاز الخضر سأهدي كافة من أصادفه وردة وهذا ليس بالشيء الهين بالنسبة لي، فبيع الورود مصدر رزق عائلتي الوحيد، ولكن كل شيء يهون في خاطر الأفناك''. حتى الأطفال واقفون مع الخضر ولم تقتصر فئة النذور على الكبار فقط، وإنما شملت حتى الأطفال الذين أثبتوا وفاءهم لفريقهم الوطني وتعلقهم به، وأملهم في أن يبتهجوا بانتصاراته، ومن ضمنهم الطفل المراهق، محمد ميزاني، والبالغ من العمر 14 سنة، والذي اعترف بأنّه قدّم نذرا على نفسه مفاده:''نذرت على نفسي أن أصوم بعدد أهداف المنتخب الوطني التي ستهز شباك الإنجليز، أتمنى أن يكون هنالك أكثر من هدف ولكني سأكتفي بواحد فقط، نريد أن نفرح فقط، وأن يرتفع علمنا عاليا''، أما الآخر سند حجاج، والبالغ من العمر 14 سنة بدوره فقد قال لنا بلغة اقشعرت لها أبداننا:''صليت الفجر ودعيت لمحاربي الصحراء في السجود مطولا، عسى الله يفرحنا هذه المرة، ولقد قطعت عهدا على نفسي أمام الله أن أقيم مأدبة غذاء فاخرة تساعدني فيها والدتي لأصدقائي ولبعض الأطفال المحتاجين إن شاء الله، وإن فازوا سأدعو أصدقائي لمأدبة غذاء في بيتنا''.أما الطفل أيوب محمدي، 13 سنة، فقد قال لنا بهذا الخصوص:'' لقد صليت لله ونذرت له ألا أغضب والدي مطلقا في حال فوز المنتخب الجزائري، أرجو أن يسمع الله دعائي ويوفق محاربي الصحراء، أريد أن أخرج للإحتفال وأقول إنني جزائري للجميع..يا رب وتربح الخضرا''، وهو ما وافقه فيه الطفل ياسين زرقاني، والذي أدهشنا بقوله:'' ليس بيدنا غير الدعاء لهم، وإن شاء الله سيرزقهم الله بالفوز، فلقد دعيت لهم مطولا وقطعت على نفسي نذرا لن أخبر به أي كان وسأحققه إن شاء الله''، وببراءة تامة اعترف لنا البرعمين الشقيقين عبد النور وجمال سلاطني، بأنهما سيمتنعان عن المشاغبة في حال تأهل الخضر:'' إن شاء الله إذا ربحنا لن نشاغب مجددا، فهذا نذر قطعناه على نفسينا ولن نقلق والدينا مطلقا، مطلقا، مطلقا''.