شرع مساء أمس قاضي التّحقيق لدى محكمة تبسة في استجواب 109 متهم ، ضحية وشاهد في إحدى أهم القضايا على مستوى ولاية تبسة، وصل فيها عدد الأشخاص الماثلين أمام العدالة إلى 109 متهم، شهود وضحايا ومن بينهم تجار لمادة الإسمنت، مقاولون، إطارات، موظفون بمؤسسة الإسمنت وإدارات عمومية أخرى، إلى جانب مهندسين معماريين ومدنيين، وذلك عقب انتهاء التحقيقات التي قامت بها مصالح الدرك الوطني لولاية تبسة وشملت ولايات: تبسة، سوق أهراس، خنشلة، أم البواقي، الوادي، قسنطينة، سطيف، سكيدة، باتنة حيث وجهت للمتهمين تهم إبرام صفقات مشبوهة ومنح امتيازات غير قانونية وذلك عن طريق التزوير واستعمال المزور، وقد شملت التحقيقات القضائية البحث حول مسار كميات معتبرة من مادة الإسمنت تمت فوترتها، بحجة أنها مخصّصة لمشاريع تحوز عليها بعض المقاولات ومنها مشروع مركز الصم البكم بعين كرشة بولاية أم البواقي، والذي استفاد فيه العديد من المقاولين بآلاف الأطنان من مادة الإسمنت، إلا أن التحقيق الميداني لرجال الدرك الوطني، بيّن أن المشروع لم ينزل إلى أرض الواقع، بل هو مشروع وهمي على الورق فقط ، إلى جانب ذلك كشفت التحقيقات الأولية؛ أن الكميات المستخرجة من مادة الإسمنت من المصانع والموجهة لبناء محلات السيد رئيس الجمهورية ''100 محل'' في كل بلدية، اتضح أن المقاولين استفادوا من حصص تعادل 10 مرات من الحصة الرسمية لمائة محل، مما يؤكد التواطؤ المفضوح في توجيهها إلى السوق السوداء، بعد استخدام وثائق الصفقة للتمويه وتحويلها إلى تجار السوق السوداء بالعديد من ولايات الشرق ومنها ولاية تبسة، التي تستفيد من حصة الأسد وكانت مصالح الدرك الوطني قد شرعت مطلع السنة الجارية في فتح تحقيقات ميدانية، مع تمديد دائرة الإختصاص على اعتبار أن هذا الملف يعتبر من أكبر الفضائح المالية التي ضربت الإقتصاد الوطني في العمق وحولت العشرات من المقاولين إلى ''بطرونات'' برأس مال خيالي، بعد أن سجل التحكم الحقيقي في بيع هذه المادة واحتكارها، وهو ما أدى إلى رفع تسعيرة كيس الإسمنت من 300 دج إلى 820 دج، وهو ما يعني جني ثروة مالية طائلة، بعد إدراجهم لملفات وسجلات مزورة ومحررات للإستفادة من مشاريع ادعوا أنهم كلفوا بإنجازها، من أجل الحصول على بطاقة تسمح لهم الإستفادة من استخراج كميات كبيرة من مادة الإسمنت، حيث كشفت التحقيقات الأولية أن تلك المشاريع وهمية ولا وجود لها في الميدان، وأن المستفيدين يقومون ببيع هذه الكميات الهائلة المستخرجة في السوق السوداء، مقابل مبالغ مالية خرافية، بعد أن أحكموا قبضتهم على الأسواق المحلية. بقيت الإشارة؛ أنه من بين الحضور أمام قاضي التحقيق، إطارات ذات نفوذ ورؤساء بلديات ومقاولين كبار، ينتظر أن تفصل العدالة في التهم الموجهة إليهم في ساعة متأخرة، ولنا عودة إلى التفاصيل في عدد الغد.