لماذا يتخذ البعض من المسلمين التخلف ليكون شعارا لهم بل ملازمة لا تفارقهم؟ ألم يحن الوقت لمجاراة الأمم التي تمكنت من غزو الفضاء الخارجي, في الوقت الذي لا تزال فيه أمتنا الاسلامية غارقة في ظلام العصور الحجرية؟, وهل شعار"خير أمة" هو ما سينقذ هذه الأمة ويخرجها من الظلمات الى النور؟. في الوقت الذي ينشغل فيه العالم المتحضر باكتشافاته واختراعاته وتطوره ورقيه, ينشغل علماء الأمة الاسلامية بإصدار فتاويهم فاقدة اللون والطعم والنكهة, وما أكثرها من فتاوي..انها فتاوي تدل على مدى الانحطاط الذي وصلت إليه هذه الأمة ممثلة ببعض"علماء السلاطين". في أواخر شهر حزيران الفائت, نشرت الكاتبة الأردنية الرائعة زليخة أبو ريشة مقالا في صحيفة"الغد" الأردنية بعنوان"إفتاء الجهل والتكفير", وقد تناولت فيه فتوى شهيرة لابن باز والتي كفَّر فيها المسلمين المتعلمين في مشارق الأرض ومغاربها القائلين بدوران الأرض, وان كان ابن باز قد تراجع عنها قبيل وفاته, الا أن تأثيرها امتد الى عقود من الزمن. لقد أثار مقال زليخة أبو ريشة هذا ردود فعل واسعة النطاق وصلت الى إقالة موسى برهومة رئيس تحرير الصحيفة على خلفية اتصال وزارة الخارجية السعودية، وانزعاج الحكومة الأردنية من ارتفاع سقف حرية التعبير في الصحيفة. قبل يومين وفي فتوى غريبة شكّك الشيخ الدكتور عبدالكريم بن عبدالله الخضير، عضو هيئة كبار العلماء, عضو اللجنة الدائمة للإفتاء السعودية، في وصول روّاد فضاء إلى سطح القمر, وقال إنهم ضحكوا على الناس بهذا الكلام, وأضاف قائلا:"قالوا إنهم وصلوا، والآن بعضهم ينفي وصولهم إليه", متسائلاً: "مَنْ يصدقهم بأنهم وصلوا إلى القمر؟". وقد جاء ذلك رداً على سؤال وُجِّه إلى الشيخ الخضير عن "حُكْم الصلاة على سطح القمر؟"؛ فأجاب الشيخ الخضير:"ما بقي إلا هذا؟!, الذين ضحكوا على الناس وقالوا إنهم وصلوا إلى القمر الآن بعضهم ينفي وصولهم إليه، وحكم الصلاة بمنخفض عن الكعبة المقصود الجهة". واستكمالا للسؤال قال السائل: "فإذا وصل؟"؛ فأجاب الشيخ الخضير قائلاً: "لا، ما هو بواصل يا رجّال، كلام كله، كل هذا القصد منه التشكيك، تشكيك المسلمين في دينهم. وصلنا، ما وصلنا، مَنْ يصدقهم في الأول يصدقهم في الثاني، ثم بعد ذلك يصيرون إلى أمور الله المستعان" وبدوري اسأل ومعي الكثيرون, هل وصلت الأمة الاسلامية ومعها العربية الى درجة من التطور والرقي تضاهي فيهما باقي الأمم مما يجعل ممن يدعون بأنهم علماء أن يقوموا باصدار فتاويهم ليشغلوا فيها وقت فراغهم؟, وهنا ألوم من وجه السؤال الى الشيخ بخصوص حكم الصلاة على سطح القمر, فكان من الأجدر به أن يوجه له أسئلة تخص وضع الأمة الاسلامية, وما هو سبب تخلفها وتراجعها, ومتى سيكون بمقدورها الدفاع عن نفسها, وتحرير مقدساتها؟. لا أريد الإكمال في التعقيب, فالأمور واضحة وضوح الشمس, ولكن من الواجب أن أذكر الاخوة القراء بهذه الحادثة الواقعية: في مؤتمر صحفي عقده الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر أثناء فترة رئاسته, قال ان العرب والمسلمين سيحتلون العالم بعد خمسين سنة, وقد أثار قوله هذا دهشة جميع الصحافيين, فسأله أحدهم, وكيف سيكون هذا الأمر ونحن نعرف مدى التخلف الذي يعصف بالأمتين العربية والإسلامية؟, فأجاب بسخرية قاتلة:بعد خمسين عاما من الان ستعيش جميع الأمم وشعوبها على كواكب أخرى غير الأرض ولن يبق عليها الا لعرب والمسلمون أكتفي بهذا القدر, تاركا للقراء الأعزاء الإدلاء بدلوهم, ومتى الصحوة يا أمة المليار ونصف المليار؟.