سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
تنافر تباعد وشّقاق مظاهر يعيشها شباب الجزائر ويشتكون غياب الألفة والمودة في وقت لا تقام مجالسنا إلا على باطل، لا توصل رحمنا إلا لمصلحة ونعصي الله للفرجة
قال صلى الله عليه وسلم: "ما تواد اثنان في الله فَيُفَرَّقُ بينهما إلا بذنب أحدثه أحدهما أو كلاهما" قال تعالى:"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا " الحجرات12، وقال أيضا في ذات السورة: "وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ". وقال صلى الله عليه وسلم: "إيّاكم والظّنّ، فإنّ الظّنّ أكذب الحديث، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانا" أخرجه البخاري ومسلم. وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه شيء تداعى له سائر الجسم بالسهر والحمى" رواه أحمد بن حنبل. يشتكي معظم الشباب الجزائري اليوم من التنافر الحاصل بين بعضهم البعض والتفكك الذي يعيشونه، مفتقدين لروح التواد والتراحم التي جبل عليها العبد المؤمن، والتي لا يمكن أن تحصل إلا بما وصى به النبي صلى الله عليه وسلم، من إفشاء للسلام وإطعام الطعام، والإبتسامة والكلمة الطيبة التي من شأنها أن تُكسب القلب طمأنينة يستريح المرء من خلالها لذلك العبد الذي بَدَرَتْ منه هذه الصفات. شوارعنا .. المعاصي والذنوب أكثر ما يولد الفرقة بين الناس ولا شك أنه من الأمور التي تعمق الهوة بين الشباب وتنزع الرحمة والحياء من قلوبهم كثرة ارتكاب المعاصي، كما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: "ما تواد اثنان في الله فَيُفَرَّقُ بينهما إلا بذنب أحدثه أحدهما أو كلاهما"، ولهذا ينبغي على من يشتكي التنافر الحاصل اليوم بين قلوب الشباب المسلم أن يراجع نفسه أولا، ثم صديقه عسى أن يكون فُرِق بينهما بسبب ذنب اقترفه أحدهما أو كلاهما. ولا أحد ينكر حال معظم شبابنا اليوم في الجزائر وسائر بلاد المسلمين مع الحضارة الزائفة، من تقليد أعمى للغرب الكافر إذ أن هذا من شأنه أن يضعف الهمم ويبعد القلوب عن بعضها البعض، خاصة إذا تعلق الأمر بمسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكثيرون اليوم لا يفرقون بين المصطلحين على أرض الواقع لاختلاط المفاهيم على شباب الإسلام أمام الغزو الثقافي عبر الفضائيات وغيرها. وللمعاصي دور كبير في تعارض آراء المسلمين وضعف صفهم وكلمتهم، لذلك فقد كان قادة الجيوش في الإسلام يحرصون كل الحرص على تجنيب الجنود المعاصي، وكان يقول صلاح الدين رحمه الله وهو يتفقد معسكره ليلا: "من هنا يأتي النصر في إشارة للجنود الذي يبيتون سجدا لربهم، ويقول أخاف أن تأتي الهزيمة من هنا، في إشارة للجنود الذين يبيتون نيام"، وهم لم يقترفوا بذلك أي معصية فكيف حالنا اليوم ولم نعد ننكر منكرا ولا نعرف معروفا. حتى صلة الرحم !.. معرفة المصلحة فرقت بين قلوبنا ومن الأسباب التي تولد النفور بين الإخوة والأصدقاء وحتى الأهل والأقارب اليوم في مجتمعنا عدم قيام أحدهم بحق الآخر، ونجد أنه قد غاب المعنى الحقيقي لصلة الرحم رغم التطور الهائل لوسائل الإتصال، التي أصبحت تتيح للعبد أن يصل رحمه دون الحاجة إلى التنقل المتكرر، هذا إلى جانب ذهاب ما يسمى بالتكافل بين الناس اليوم، فكيف سيكون حال من وقع في ضائقة ولم يجد من ينقذه منها عدى النفور والتباغض. وغابت عنا اليوم مظاهر التراحم إذ فلم يعد المرء يصل أرحامه إلا في المناسبات والأعياد الدينية، محتجا في ذلك بضيق الوقت ومشاغل الحياة متناسيا أن ذلك من أعظم الأمور التي تقوي الصلة وترابط القلوب ببعضها البعض. وتتداول في الجهة المقابلة اليوم بين شبابنا ألقاب ومصطلحات مخلة بالآداب، يطلقها بعضهم على بعض، غير مبالين بما جاء في كتاب الله من الأمر بعدم التنابز بالألقاب إذ قال في سورة الحجرات: "وَلا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلا تَنَابَزُوا بِالألْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ"، وهو سبب وجيه للتنافر وتباعد القلوب عن بعضها البعض. ومجالسٌ لا تقام إلا على لهو أو لغو بالباطل وانتشرت بيننا اليوم عادات سيئة لا يمكن إنكارها، فتجد المرء يسأل عن أبسط الأشياء التي لا تهمه، مما يجعلنا ندخل في النميمة أو الغيبة وغيرها، فيحصل بذلك فرقة وشقاق، كما قد يكون تدخل البعض في شئون الآخرين تدخلا مذموما، مما يحصل بسببه شقاق وفرقة وخلاف، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه". وأصبحت معظم مجالسنا اليوم لا تقوم إلا على معصية أو لغو بالباطل وغيرها، فما إن ترى مجلس بها أربعة شباب أو خمسة إلا وترى بينهم مخاصمة أو شحناء، نتيجة تعمد الأغلبية على ترويع أحدهم في إطار تمضية الوقت، ولن يزيد ذلك الشاب الضحية إلا بغضا لهؤلاء وحقدا حتى إن أظهر غير ذلك، فقد نهى الله تعالى عن هذه المجالس قائلا: "يا أيها الذين آمنوا إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وتناجوا بالبر والتقوى واتقوا الله الذي إليه تحشرون" المجادلة.