10 أطنان من المخدرات الصلبة بحوزة أتباع ''دروكدال'' في عمق الساحل كشفت مصادر عليمة من قيادة الدرك الوطني، أن حصيلة المخدرات الصلبة المحجوزة من قبل قوات هذه الأخيرة قد تضاعفت بشكل غير مسبوق خلال الأشهر العشرة الأولى من السنة الجارية، بعدما فاقت كمية ''الكوكايين'' المضبوطة 2 كيلوغرام، في حين كانت شبه منعدمة ولم تتجاوز بعض الغرامات العام الماضي، وهو ما يعكس الإنتشار الواسع لهذه السموم في أوساط المجتمع الجزائري خلال السنتين الأخيرتين واستعدادها لتصدر قائمة المخدرات الأكثر تعاطيا من قبل المدمنين بعد ''الكيف'' المعالج. وحسب مصادرنا، لم يكن يصنف في وقت غير بعيد عن تاريخنا، هذا النوع من المخدرات الخطيرة ضمن خانة المحجوزات السنوية من قبل مختلف مصالح الأمن، نظرا إلى قلّتها وانعدامها في كثير من الأحيان، بدليل أنه وبالرجوع فقط إلى حصيلة الدرك الوطني خلال الثلاث سنوات الأخيرة، فقد كانت شبه منعدمة سنة 208، قبل أن يأخذ حجمها في الإرتفاع تدريجيا نهاية العام الماضي، أين بلغ معدلها حوالي 200 غرام، في حين تؤكد المؤشرات الأولية المتوفرة لدى المصالح ذاتها، أن الكمية المحجوزة من مادة الكوكايين مرشحة لتخطي حاجز 2,5 كغ مع نهاية السنة الجارية، بعدما فاقت إلى حد الآن 2 كغ. وربطت مصادرنا هذه الكمية الكبيرة، بقضية تحطم الطائرة الكولومبية من نوع ''بوينغ 727'' شمال مالي بداية شهر نوفمبر من سنة 2009، حيث نقلت وسائل إعلامية عن مصادر أمنية بالمنطقة أن الطائرة كانت تقل على متنها ما لا يقل عن 10 أطنان من الكوكايين الكولومبية، التي تم استرجاعها من قبل عناصر تنظيم الجماعة السلفية للدعوة والقتال، قبل أن يقوموا بإحراق الطائرة لإيهام الجميع بوقوع حادث عند هبوطها، وهي الحادثة التي تزامنت مع ظهور هذه السموم في بلادنا، بحيث لم يسبق لمصالح الأمن أن عالجت عددا مماثلا من القضايا قبل هذا التاريخ. وكان العقيد ''زغيدة جمال عبد السلام'' رئيس قسم الشرطة القضائية سابقا، قبل أن يتم استدعاؤه في الصائفة الماضية لتولي مهام أخرى على مستوى قيادة الدرك الوطني، من أول الذين بادروا إلى دق ناقوس الخطر أثناء عرضه لحصيلة الثلاثي الأول من عام 2010، عندما كشف عن حجز 8,133 غرام من الهيروين و137 غرام من الكوكايين خلال هذه الفترة، محذرا من الإقبال المتزايد على استهلاك هذه المخدرات في بلادنا لاسيما في الأوساط الشبانية منها، حتى وإن لم تكن في متناول الجميع حيث يتراوح سعر الغرام الواحد منها بين 7 ألاف دينار ومليون سنتيم حسب نوعية وجودة البضاعة. وأخذت الأمور تتضح شيئا فشيئا مع نهاية السداسي الأول من نفس السنة عندما أعلن ذات المتحدث عن تضاعف الكمية المحجوزة من الكوكايين بنسبة 173 من المائة في ظرف 3 أشهر فقط، حيث ارتفع حجمها إلى 1,7 كغ مقارنة ب 57 غرام من مادة الهيروين، وهو ما اعتبره بمثابة مؤشر عن وقوف تنظيمات مؤطرة وشبكات متخصصة وراء إدخال هذه السموم إلى أرض الوطن، والتي تسهر مباشرة على ترويجها في مختلف الأوساط الشبانية والشرائح العمرية، الأمر الذي تأكد مع سقوط العديد منها منتصف السنة الجارية، أبرزها تلك التي تم تفكيكها على مستوى المقاطعة الإدارية للشراقة بعد الإيقاع بعناصرها السبعة من بينهم قاصر وفتاة، تخصصوا على مدار سنة في المتاجرة والترويج لمادة ''الهيروين''، عبر عدد من بلديات العاصمة، حيث اعترف الرأس المدبر للشبكة أن مموله الرئيسي عبارة عن رعية إفريقية من جنسية ''نيجرية'' كان يوفر له ما بين 100 إلى 300 غرام من الهيروين أسبوعيا، أي ما يعادل متوسط 6 كيلو غرامات قد تم ترويجها منذ تاريخ مزاولته هذا النشاط. واستنادا إلى نفس المصادر، لم تكن هذه القضية الوحيدة من نوعها التي تم معالجتها من قبل المصالح ذاتها على مستوى ولاية الجزائر العاصمة، بحيث سبق لعناصر الفرقة الإقليمية للدرك الوطني في دالي إبراهيم أن فتحت تحقيقا نهاية نوفمبر من العام الماضي على خلفية توقيف ثلاثة أشخاص من بينهم امرأة بحوزتهم غراما واحدا من مادة الكوكايين وخرطوشة من عيار 9 ملم إلى جانب أخريين فارغتين من نفس النوع، إثر إلقاء القبض عليهم من قبل سرية أمن الطرقات التابعة لزرالدة على مستوى حاجز أمني تم نصبه على طول الطريق الإجتنابي الجنوبي، كما أسفرت المداهمة التي خاضتها المجموعة الولائية للدرك الوطني في الجزائر العاصمة بتاريخ 12 و13 نوفمبر الجاري، عن توقيف رعيتني إفريقيتين من قبل الكتيبة الإقليمية للدرك الوطني في الدارالبيضاء عثر بحوزتهم على 22 غرام من الكوكايين. وتلاحقت عملية الإطاحة بهذه الشبكات، بعد تبني إستراتيجية أمنية استعجاليه لمواجهة تنامي انتشار هذه السموم، وهو ما عجل بسقوط الكثير منها، على غرار تلك التي تم تفكيكها مطلع الشهر الجاري غرب الوطن، بعد توقيف أربعة من عناصرها وحجز ما لا يقل عن 40 غرام من الكوكايين على مستوى مدينة السانية التابعة لولاية وهران، بحيث كشفت التحريات التي باشرتها فصيلة الأبحاث المختصة إقليميا أن الموقوفين ينشطون ضمن شبكة تمتد جذورها إلى دول أجنبية. ''الجماعة السلفية'' تخطط لنقل ''الكوكايين'' باتجاه البحر المتوسط استعدادا لغزو أوروبا وهو ما جاء ليعزز فرضية أن ترويج المخدرات الصلبة في بلادنا، تقف وراءه شبكات وعصابات إجرامية متخصصة تحرص على تهريبه وإدخاله إلى الأراضي الجزائرية، فعلى عكس الكيف المعالج الذي يبقى ''المغرب'' مصدر إنتاجه الرئيسي، بما يفسر ضخامة الكميات المحجوزة منه وانتشارها الواسع عبر ربوع الوطن بحكم الشريط الحدودي المشترك بين البلدين، فإن المخدرات الصلبة على غرار ''الكوكايين'' و''الهيروين'' يتم تهريبها من دول بعيدة أين يتم تصنيعها، مثل جمهوريتي ''كولومبيا'' و''فنيزيولا'' الواقعتين في الجزء الشمالي من قارة أمريكا الجنوبية، الأمر الذي يستدعي تواطؤ تنظيمات إجرامية خطيرة لا تقل شأنا عن التنظيمات الإرهابية المسلحة لما يعرف بالجماعة السلفية للدعوة والقتال، والتي أعلنت في وقت سابق انضمامها تحت لواء تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي النشطة في منطقة الساحل الإفريقي. وفي هذا الصدد أكدت مصادرنا، أن قضية اكتشاف كمية من الكوكايين في معاقل الإرهاب بولاية تلمسان التي عالجتها بحر الأسبوع الجاري مصالح درك بني صميل إثر مداهمة ورشة على بعد 30 كلم شمال شرق الولاية، جاءت لتؤكد التورط المباشر للجماعات المسلحة في ترويج الكوكايين، والتي باتت تعتمد على هذه السموم كمصدر رئيسي لتمويل نشاطاتها الإجرامية في ظل تشديد الخناق على خلايا الدعم والإسناد، وهو ما خلصت إليه وكالة الإستخبارات الخارجية للولايات المتحدةالأمريكية ''CIA'' عندما اكتشفت مصالحها مشاركة ممثلين عن تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، في اجتماع سري نهاية شهر أكتوبر المنصرم بضواحي مدينة بيسو الغينية، نظمته تكتلات تهريب المخدرات النشطة عبر شريط الساحل الإفريقي وضم كبار قادة بارونات تهريب المخدرات الكولومبية إلى جانب عدد من مسؤولي الفروع اللوجيستيكية وبعض تجار الأسلحة، بهدف مراجعة هياكل هذه الأخيرة وإعادة توزيع المهام فيما بينها، على خلفية الإطاحة مؤخرا بالعديد من الرؤوس البارزة في صفوفها نتيجة لسلسة الإعتقالات التي شنتها كل من مالي المغرب والجزائر، بحيث رجحت مصادر محلية تعمل على الملف، أن يكون الهدف من عقد الإجتماع السري هو تأمين حركة نقل الكوكايين الكولومبي أو الفنزويلي، التي حطت بالساحل في غرب إفريقيا والمخزنة حاليا في شمال مالي، قصد نقلها عبر الصحراء باتجاه البحر المتوسط، في مرحلة تمهيدية لغزو الأسواق الأوروبية.