هم أشخاص كانوا معدومين، وعندما تقلدوا مناصب ومسؤوليات عليا في الدولة، أصبحوا يملكون ثروات بالملايير، أراضٍ وفيلات فخمة، مشاريع في كل مكان، وكأنهم وجدوا مصابيح سحرية حقّقت لهم أحلامهم، وفي واقع الأمر ما هو إلا نهب وعبث بأموال الشعب، يحولونها إلى ممتلكات شخصية كما يريدون، وإلا بماذا تفسّر غناهم الذي طرأ عليهم بعد تقلّدهم لهذه المناصب. بطبيعة الحال يعرفهم العام والخاص، أنهم كانوا لا يملكون شيئا، وأصبحت لهم ثروات تعد بالملايير، هم كثر ومنتشرون في عدة مناطق من الوطن، يشتركون في شيء واحد وهو أنهم دخلوا بلا شيء وتحوّلوا إلى رجال أعمال بأموال العامة. عامل بسيط في البنك يتحوّل إلى مليونير في سطيف عامل بسيط في بنك، يقطن في منزل متواضع في إحدى القرى النائية بولاية سطيف، تحوّل في ''رمشة عين'' كما يقول المثل، إلى شخص مرموق، يشتري الأراضي، المنازل، الشاحنات والسيارات، وأصبح يحسب له ألف حساب، إلا أن ثروته وأفراحه لم تدم طويلا، حيث تمكنت مصالح الدرك الوطني من القبض عليه مؤخرا، متلبسا بالرشوة ، وحكمت عليه المحكمة بالسجن مدة 3 سنوات، ومن هذه الحادثة، تفطن الناس وصدق حدسهم بأن كل الأموال التي كان يتقاضاها الموظف البسيط في البنك، كانت قروض بنكية مشبوهة ورشوة يقبضها على المواطنين نظير تقديم خدمات في المؤسسة البنكية. ''طلاّب'' يتحوّل إلى ملياردير وقريبا سيناتور في البيّض! إلى أواخر سنة 2007، كان نكرة معزولا، باستثناء محيطه الذي يعيش فيه بإحدى بلديات جنوب ولاية البيّض، وكانت نقطة التحوّل في حياته، عندما تم ترتيبه على رأس قائمة حزب من التحالف الرئاسي ببلديته، ليجد نفسه بين ليلة وضحاها أحد أعضاء المجلس الشعبي البلدي ونائبا للمير، برقم أعمال يفوق 10 ملايير سنتيم سنويا، شعاره في الحياة ''ادهن السير يسير''. صحيفة سوابقه العدلية تشير بوضوح إلى أنه دخل السجن في قضية اختلاس وسرقة عتاد مؤسسة عمومية، كان عاملا بها سنوات السبعينات، ولم يكن ينقصه المكر ليسيطر على ''المير''، حيث نجح في جعله بوابة لتحقيق ثروة طائلة، حيث كانت بداية بالسيطرة على تموين المطاعم المدرسية عبر وسيط من أقاربه، والتي استحوذ على أكثرها برقم أعمال يفوق سنويا -حسب مصادر متطابقة- 5,1 مليار سنتيم، بعدها جاء الدور على قفة رمضان وتحت غطاء شريك آخر، تحصل عليها لثلاث سنوات، برقم أعمال سنويا يفوق 3 ملايين دج. بعدها جاء الدور على حظيرة البلدية، التي ورد لها قطع الغيار عبر قريب آخر له، ليبدأ مسلسل العمليات المشبوهة، الذي تطلب من مصالح الأمن الاستعانة بخبير لتحديد حجم الثغرة، في ظل تضارب الأرقام في قطاع الغيار الموردة، بعد فتحها لتحقيق لايزال متواصلا إلى حد الساعة. ولأن كل شيء يباع في منطقه، فقد باع صوته في انتخابات ''السينا'' الأخيرة ب20 مليون سنتيم، والغريب أنه باع لمترشحين في نفس الوقت، ورمى ورقة انتخابه بيضاء لأن له ضمير، كما قال لمقربيه!!!، بعد توسع نفوذه دشّن حماما ومرشات، واستحوذ على قطعة أرض بالمدخل الشمالي للبلدية، تشير مصادرنا إلى أنه بصدد تحويلها إلى مطحنة لأعلاف الأنعام، حال تسوية وثائقها بتواطئ دوما مع ''المير''، عبر التحايل على قانون الاستثمار والحصول على القرض البنكي اللازم، ليتحوّل في القريب المتوسط إلى أحد أهم بارونات المال، ولما لا مقعد بمجلس الأمة، ويتحوّل المواطنون الذين انتخبوه، مجرد مغفلين، وفي أحسن الأحوال مجرد أرقام في حساباته الانتخابية!!! ''مير'' بتيارت من معلم بسيط إلى ملياردير بأموال المقاولات أما أحد رؤساء بلديات ولاية تيارت، حسب معلومات من مصادر محيطة به، تحوّل من معلم بسيط إلى ملياردير في عهدة واحدة، فبعد أن كان يسكن في منزل بسيط وله محفظة قديمة، ويتلقى راتبه الشهري المتواضع، أصبح يملك أفخم السيارات، وشيّد عدة فيلات بمناطق مختلفة، أصبح لابنه سيارة خاصة، واشترى مئات الرؤوس من الماشية، التي هي بحوزة أخيه الفلاح.أما عن الطريقة التي كسب بها الأموال، فهي معروفة لدى الخاص والعام، إذ استغل الفرصة في العهدة الأولى، لما كان منتخبا عاديا، وأسّس مقاولة لأشغال البناء وتحصّل على عشرات المشاريع التي تستفيد منها البلدية، وذلك وفق اتفاقية جماعية بين كل المنتخبين لتوزيع ''الطورطة'' على بعضهم بالتساوي، كون كل واحد يملك سجلا تجاريا، كمقاولة باسمه أو باسم شريكه أو أحد أفراد عائلته. وبالإضافة إلى ذلك، فإن ''المير'' استغل سيارات البلدية ووسائلها للتنقل بين مختلف الإدارات لقضاء مآربه، وأكمل على هذه الطريقة لما أصبح رئيسا للبلدية، بإسناد معظم المشاريع الخاصة بالبناء والأشغال العمومية إلى شريكه أو أحد مقربيه. ويتضح للكل، بأنها أسندت بطريقة قانونية، وهو المنهج الذي اتبعه معظم المنتخبين في الولايات الداخلية، الذين أسّسوا مقاولات بأسماء مقربيهم لكسب أموال طائلة. من موظف بسيط إلى ''مير'' يملك عقارات واسعة في تيارت كان لا يملك أبسط ضروريات الحياة -حسب عامة الناس من بلديته في جنوب ولاية تيارت- ليجد نفسه ''ميرا'' بالصدفة، بسبب النعرات والعروشية التي كانت سائدة بهذه البلدية، ليتغير حاله جذريا، حيث أصبح يملك سيارة خاصة، مستغلا عقارات البلدية ليوزعها على موالين له، كما امتلك عددا منها ليحوّل بعضها إلى سكنات خاصة به، واستثمر في الأخرى لإنجاز مقاهٍ، يضاف إليها تلاعبه بعدد من الصفقات والمشاريع العمومية التي أوصلته مؤخرا إلى دخول فضاء العدالة، والتحقيقات معه لاتزال مستمرة إلى حد الساعة من دون نتيجة تذكر مع شركائه، من مقاولين ومسؤولين بإدارات محلية، تورطوا معه في عمليات اختلاس وتزوير، واستغلال المال العام للمصلحة الخاصة. ترقيات، شراء عقارات ومقاولات باسم الأقارب في ميلة لا يختلف على الأمر اثنان فيما تعلق بوضعية الكثير من رؤساء البلديات والمنتخبين في ولاية ميلة، والكثير من الحقائق التي برزت بشكل لافت للعديد منهم في مجال الاغتنام من توليهم لمنصب ''شيخ'' البلدية، الذي بات اليوم ينظر إليه الكثير من المواطنين، أنهم استغلوه أساسا لتحقيق مكاسب، تضمن لهم تكوين ثروات وفقا لرؤيتهم للحياة والمسؤولية. ووفقا للتحريات التي قامت بها ''النهار''، حول رؤساء 10 بلديات فقط من مجموع 32 في ولاية ميلة، أكدت على وجود تطور غير مسبوق في حياتهم الخاصة. ومن خلال الإسقاطات المباشرة حول الوضعية الاجتماعية لهم ولأقاربهم، فرئيس إحدى البلديات على سبيل المثال لا الحصر، قام بشراء عقار ضخم جدا على مقربة من منزله العائلي، ويتداول معارضوه ومؤيدوه، بأنه اشترى أيضا بعض العقارات بالعاصمة، بينما آخر حرّض أقاربه على خلق مقاولات مصغّرة ومنحهم مشاريع، واستولى على نسب معتبرة من أموال البلدية بطريقة مشروعة برأيه. وتشير تقديرات، إلى أن ''أميار'' آخرون دخلوا أصلا من دون سيارات، وهم اليوم بآخر النوعيات الرفيعة منها، بينما شكّل آخر ثروات وقام باستثمارها، عن طريق فتح مطعم شاسع في ولاية ساحلية. في حين، تحوّل منتخب إلى صياد من الدرجة الأولى، لمشاريع البناء، واستطاع في ظرف قياسي من بناء مسكن من 4 طوابق، مزركش بآخر صيحات صناعة الجبس المغربي، بينما عمد منتخبون للترقية في وظائفهم الأصلية لإبقاء المكانة الاجتماعية.