لم يتردد الكثير من الرجال من اقتحام مهن تحولت بحكم العادة وتقاليد المجتمع إلى مجالات محتكرة من قبل النسوة، من بينها فن حلاقة النساء الذي استقبل أنامل رجولية تتفنن في تسريحات الشعر والماكياج وغيرها، وكثيرات هن النساء اللواتي تفضلن الذهاب إلى صالونات الحلاقة التي يعمل بها رجال وتثقن فيهم أكثر من الحلاقات، في وقت ترفض أخريات رفضا باتا دخول هذه الصالونات المتمركزة في الأحياء الراقية بالمدن الكبرى، إذ قليلا ما نجدها في الأحياء الشعبية. فاتح 25 سنة، أحد الرجال الحلاقين الذين فضلوا التخصص في هذه المهنة التي تستقبل النساء أبدى في حديثه إلينا، اعتزازه وافتخاره بالعمل كحلاق في صالون نسوي، وقص علينا بدايته التي كانت في سن 19 سنة في حلاقة الرجال بعد أن قرر وبالصدفة هو وصديقه التكوين في حلاقة النساء لمدة سنتين، باشر بعدها التطبيق في المجال، ثم انتقل إلى الحياة المهنية. ورغم أن فاتح لا يفضل الحلاقة النسوية عن الرجالية بل يعتبرها كباقي الأعمال، غير أنه اعترف بأنه ,لا يمكن أن ننكر أن حلاقة النساء فيها الكثير من الإبداع على عكس الرجال التي تبقى عادية"، ويقول أن هذه المقاربة "تكاد تقتصر على الجزائر، لأن البلدان الأوروبية والمتطورة تعرف تطورا وابتكارا في حلاقة الرجال"، وأشار فاتح إلى أن المجتمع الجزائري "لا يتقبل بعض الأمور كوني حلاق نسوي فالبعض يعتبرني شاذ جنسيا، لكن العكس تماما والكل يعرفني أتعامل مع الجنس اللطيف كالجنس الآخر، وعملي في وسط نسوي لا يعني أي توجه، لأني أعمل كحلاق نسوي، ففي الوقت نفسه لم أتخل عن الحلاقة الرجالية، فلا أزال في بعض الأحيان أعمل في صالونات رجالية. وذهب في تبريره لخياره المهني قائلا "إن صالونات الحلاقة بها عدة تخصصات وأنا مختص في القص والتسريحات، ولم أتكون في الماكياج والوشم، باعتبار أن معظم الصالونات بها هذه الاختصاصات. كريم يعشق الحلاقة النسوية توقفت بنا الطريق هذه المرة عند كريم، 35 سنة، حلاق يعشق الحلاقة النسوية منذ أن كان صغيرا، فاقتحم هذا العالم حين بلغ 15 سنة من عمره، ترك الدراسة واتجه للتكوين بالعاصمة في الحلاقة النسائية لمدة سنتين، ثم واصل التكوين التطبيقي وبعدها توجه للعمل ابتداء من سنة 1997 بحيدرة. فقناعات كريم الأخلاقية والمهنية لم تختلف عن فاتح، إذ أكد أن الحلاقة النسوية تتطور باستمرار وأنه مختص في التسريحات الخاصة والصبغة، وأضاف أن نظرة المجتمع قاسية اتجاه الرجال الذين يمتهنون حرفا خاصة بالنساء، رغم أن ذلك لا يقتصر على النساء بل أكبر المختصين في الحلاقة العالمية هم رجال، وأعرف جيدا أن الصالونات الرجالية تكثر في العاصمة، خاصة في الأحياء الراقية كحيدرة، بن عكنون، الشراقة وغيرها . نساء يجدن راحتهن بين أنامل حلاقين رجال وللوقوف على انطباع الطرف الآخر، اقتربت "النهار" من بعض النساء المرتادات لأكبر صالونات الحلاقة، حيث اختلفت آراؤهن في اختيار الصالون المناسب للحلاقة، "شيراز"، من حيدرة، أكدت لنا أنها منذ أن أصبحت تذهب إلى صالونات الحلاقة لم تمس شعرها امرأة قط، فهي تفضل دوما الذهاب إلى رجل حلاق، وتقول "لدي فكرة على أن أمهر الممتهنين لحلاقة النساء في العالم هم رجال"، وتضيف "كذلك أكبر الشهيرات العالميات يذهبن إلى حلاقين رجال لذلك ترسخت في ذهني الفكرة وتعودت على الذهاب إليهم". أما "ميمي"، من العاصمة، فتقول "في حقيقة الأمر كنت أذهب إلى حلاقة امرأة وفي كل مرة لن أتحصل على التسريحة التي أرغب فيها ما اضطرني إلى اختيار صالون آخر يعمل به رجال". في حين أكدت "لامية " أنها "تحس بالراحة عندما يكون رجل يسرح لي شعري وأثق كثيرا فيهم لأني اعتبر أن النساء يغرن من نفس جنسهم ولا أخفي الحقيقة لأني لا أذهب إلى حلاقة". ... وأخريات يتجنبن الدخول إلى صالونات الرجال في المقابل كثيرات من يفضلن الذهاب إلى الحلاقات، حيث صادفنا كثيرا ممن يرفضن دخول صالونات الرجال أصلا، فسميرة قالت "قبل أن أرتدي الحجاب كنت أذهب إلى صالونات يعمل فيها الرجال لكن بعد ارتدائي الحجاب عزفت عن الذهاب إليهم". وأكدت صديقتها ريم "بالنسبة لي لا فرق بين رجل وامرأة لكن ليس بالضرورة أن يكون الرجل يتقن الحلاقة أكثر من المرأة، وأنا في رأيي النساء أدرى بما يلائم جنسهن"، وأضافت سلمى أنها "لا يمكن أن تدخل صالون حلاقة يعمل به رجال لأن زوجي لا يحب أن يمس رجل آخر شعري، فإن اقترحت عليه الذهاب إلى الحلاقة يشترط علي أن أذهب إلى امرأة"، وأكدت سهيلة من العاصمة "في حقيقة الأمر في إحدى المرات ذهبت إلى إحدى الصالونات واندهشت لما رأيته بالداخل، نساء يدخن، وكذا بعض الاختصاصات كالوشم، والماكياج التي تتطلب العزل في هذه الأمور، فهناك نساء محترمات ولا يرضين بهذه التجاوزات في حق البعض".