يعتبر الفيلم الوثائقي الحامل لعنوان " 8 ماي 1945 الآخر" والذي وقعته "ياسمينة عدي" تحقيقا حول تلك الجريمة و قد دعم بشهادات لأشخاص عاشوا الحدث وبوثائق غير مسبوقة مثل التقارير السرية لمصالح المخابرات البريطانية و الأمريكية، يحمل بفضلها نظرة جديدة عن تلك المجازر التي أعلنت عن بداية نهاية النظام الاستعماري ومهدت للثورة المظفرة. ثبث القناة العمومية الفرنسية "فرانس 2" في الجزء الثالث من سهرة 8 ماي المقبل فيلما وثائقيا حول المجازر التي اقترفتها قوات الاحتلال الفرنسي في مناطق سطيف و قالمة و خراطة و انتهج الفيلم الوثائقي في 53 دقيقة، محورا جديدا لتمكين المتفرج من اكتشاف حدة و شراسة القمع الاستعماري و فهم أن ذلك الحدث الأليم ليس "مجرد أحداث شغب بسبب الجوع" مثلما قدمته الصحافة الاستعمارية آنذاك و لكنه عملية إبادة حقيقية لشعب تظاهر للمطالبة بحقه في الحرية و استقلال بلده. وتسرد ياسمينة عدي تفاصيل هذه المجزرة المبرمجة معتمدة على شهادات شوقي مصطفاوي و العياشي خرباش و سعيد عليق و يالس عبد الله و محمد فنيدس و مسعود مرغم و غيرهم من الأشخاص الذين كانوا حينها أبناء العشرين ربيعا، و قد حبس أغلبهم إلى غاية الاستقلال، و اعتبرت المخرجة أن المجازر كانت مخططة فعلا، إذ كان الجنرال بيار مارتين، رئيس القوات المسلحة لإفريقيا الشمالية قبيل الاحتفال بنهاية الحرب العالمية الثانية يشرف على تدريبات عسكرية بالقرب من سطيف "تحسبا لمواجهة أي مناورة". و يروى شهود عيان في الفيلم كيف تحولت مظاهرات 8 ماي إلى حمام دماء و أصبحت مجازر تلقائية ليست من اقتراف الجيش الفرنسي فحسب بل أيضا من طرف "ميلشيات مدنية" مدججة بالسلاح لتقتيل الشعب الجزائري الأعزل، و يروي أحد الشهود كيف قام جنود بقتل مساجين على حافة "الطريق رقم 14" باستعمال الرشاش الثقيل ، و يبرز الفيلم الوثائقي في رؤية درامية كيف حاولت السلطات الاستعمارية إخفاء حدة المجازر في فرنسا، و قام المستعمرون بإخراج جثث جزائريين كانوا مدفونين في مقابر جماعية ليحرقوها في فرن للجبس حول بالمناسبة إلى فرن لتحريق الجثث، و ذكرت هانريات بيتون و هي فرنسية عاشت في خراطة قائلة "لقد كانت مجزرة....تصفية بأتم معنى الكلمة"