إنه يوشك أن تفلت منا صناعة التاريخ ،ونصبح في طي النسيان إن لم نتدارك الأمر ونعطي الأهمية القصوى واللازمة لصانعي التاريخ أن يقولوا كلمتهم للأجيال قبل أن يأتي عليهم الزمن ويصبحوا في عداد الأمم الغابرة التي لم تخلد أمجادها وبطولاتها ،فكان كل ما وصلنا منها بعض الأساطير التي لم يعد من جيل اليوم من يصدقها أو يولي لها اهتماما..؟ وتاريخنا الجزائري الحافل بالبطولات والذي يمتد إلى ما قبل ميلاد المسيح "عليه السلام"،تتجاذبه اليوم مدرستان مختلفتان ،مدرسة تنتمي إلى التيار التغريبي ،ومدرسة تنتمي إلى التيار الوطني الأصيل الذي يؤمن بقدرة هذا الوطن ورجاله على صنع الأمجاد وبل وصناعة التاريخ نفسه ،ويكفي أن الجزائري أو النوميدي القديم كان مناهضا لكل أنواع الاستعمار وأتباعه ،حتى أن بطل المقاومة حينها الملك العظيم "يوغرطا" الذي أسره الرومان خديعة ومكرا من قبل أقرب الناس إليه ، فمات غما وهما في سجن أعداءه بروما دون تنازل أو مساومة على القضية الوطنية "نوميديا"،وبعده كان أمثاله كثيرون ،عبر عدة محطات خالدة، خاصة منذ قدوم الجيوش الفرنسية التي استولت على الجزائر بقوة النار،وحين حانت ساعة الصفر كانت بداية نهاية هذا الغاصب المعتدي ،فبرز له رجال باعوا أنسفهم لأجل الجزائر.. ! بين هذه المحطات وتلك البطولات ضاعت حقائق وتسربت معلومات خاطئة عن الثورة والثوار إن لم نتداركها قبل فوات الأوان ،فإنها تصبح كغيرها من القضايا المختلف فيها ، وهذا بعد أن كانت مسلمة من المسلمات وقضية مقدسة لا يمكن لأي كائن من كان أن يقترب منها أو يسيء إليها أو إلى رموزها..؟ الفرصة ما زالت أمامنا متاحة وفي متناولنا وما على من بيدهم زمام الأمر إلا إتاحة المجال لذوي الخبرة ليلتقوا مع صانعي أمجادنا،ليكتبوا في الأخير بكل شفافية وحياد وموضوعية تاريخا وطنيا حقيقيا غير منقوص،وما الانتخابات الرئاسية القادمة إلا إحدى المحطات الكبرى والفرص السانحة التي ننشدها..؟ !