قيل لعميد الأدب العربي الأستاذ الدكتور طه حسين رحمه الله : – ما موقع القرآن الكريم بين الشعر والنثر؟ فقال: – العربية ثلاثة: شعر ونثر وقرآن ، يعني أن القرآن تنزه عن الشعر والنثر، وجاء أعلى منهما مرتبة وشرفا وأجل ذكرا..! ويختلف مؤرخو الأدب بعد ذلك في الموازنة بين الشعر والنثر ، فيقول البعض منهم أن شرف الشعر على النثر أنه يصلح للغناء والطرب والمدح والقدح ، وأنه إضافة إلى ذلك أن الشعر يحفظ وأن النثر لا يحفظ ، بدليل أن معظم أو الغالبية الكبرى إن لم نقل كله قد بقى من الشعر ، في حين أن معظم النثر قد ضاع..؟ غير أن هذا لا يعطي للشعر دائما المكانة التي هو عليها أو التي يريد البعض أن يعطيها له ،فهناك من النثر من يساوي أو يرقى إلى مستوى الشعر ، وقد يصعد إلى ما فوق مستوى الشعر،وذلك نظرا خاصة اليوم لأهمية النص النثري سواء أكان أدبيا أو السياسي أو مقالا صحفيا، وهذا مما لا يتأتى للشعر الذي يبقى حبيس الصالونات والجلسات الخاصة والمهرجانات،مخاطبا فيهم الوجدان، في حين نجد النثر متحررا من كل القيود وسلطته وتأثيره أقوى وأوقع على النفوس والعقول ودرجة الاستجابة للتغيير أبلغ وأفيد للفرد والجماعة والمجتمعات على اختلافها..! ولهذا فإن كان الشعر هو الخطاب السياسي في القديم ، فإن النثر هو الأسلوب الخطابي السياسي الجديد الذي ابتكره الأدباء ولاقى الاستحسان والقبول من رجال الفكر والسياسة ..؟ ولكن مع كل ذلك وكما قال بعض مؤرخي الأدب الفرنسي يبقى – الشعر- هو الليل بكل ما فيه من بدائع الأحلام،وأن – النثر- هو النهار بكل ما فيه من روائع الأعمال، وعلى كل واحد منا أن يفاضل بينهما ،وأظن أن الاختيار هنا صعب ،وبالتالي أن نبقى عليهما معا فلا سبيل إلى الاختيار أو التفاضل ،فالليل لباسا والنهار معاشا..!؟