مازالت المخلفات الرهيبة لحادث "بيريل"، 50 سنة من بعد، تشكل خطرا على صحة السكان والبيئة بهذه المنطقة، وعليه فإن فرنسا تعتبر مسؤولة على أكثر من صعيد. بدأ المشروع الاستراتيجي الكبير لامتلاك فرنسا السلاح النووي منذ فترة طويلة، وذلك منذ عام 1939 انطلاقا من أعمال فريق فريديك جوليو كوري، مرورا بإنشاء محافظة الطاقة الذرية من طرف ديغول في 18 أكتوبر 1945 إلى غاية 13 فيفري 1960، تاريخ أول تفجير نووي فرنسي. وكان هذا المشروع منذ شهر مارس عام 1957 تحت مسؤولية العميد Ailleret، حيث تم تحت إشرافه اختيار المواقع الثلاثة بالصحراء الجزائرية والذي قال في ذلك الوقت "إن أهم شيء يلفت النظر هو الغياب التام، أؤكد التام لكل مظاهر الحياة للحيوانات أو للنباتات .... الجفاف شبه الكامل فعل فعلته فكل شيء ميت.... ومن الواضح أن اختيار هذا المكان المثالي يجعل التفجيرات دون خطر على الجيران لم يكن هناك أي جار... والغياب التام للحياة هو بالطبع العامل الأساسي في اختيار هذا الموقع. لقد تم إنجاز هذا البرنامج النووي الطموح الذي يحتوي على 210 تفجير نووي في ثلاثة مراكز على النحو التالي: المركز الصحراوي للتجارب العسكرية (csem) الذي أنشئ في 10 ماي 1957 برقان (مساحته 108.000 كم أي ما يعادل خمس مساحة فرنسا)، مركز التجارب العسكرية للواحات (CEMO) الذي تم تأسيسه في 12 جويلية 1960 بعين أمقل (منطقة تتسع ل 170.570 هكتار) ومركز التجارب بالمحيط الهادي (CEP) الذي أنشئ في عام 1964 ببابيت (بولونيا) ليحتوي على مواقع التفجير لموروروا وفانغاتوفا. ووفقا للتقارير الرسمية هناك 150.000 شخص من المدنيين والعسكريين يحتمل أنهم قد تأثروا بمختلف أنواع التجارب النووية الفرنسية. إن اختيار موقع إن إكر لإجراء التفجيرات الباطنية تم دون استشارة سكان المنطقة الذين كانوا يقطنون في مناطق للرعي، حيث تم إجلاء بعض القبائل التي تملك مساحات للرعي في الأدوية المنحدرة من جبل تاوريرت مع حيواناتهم على الشمال الشرقي من إن إكر، في حين تم نقل البعض الآخر إلى الأسكريم بمنطقة تمنراست. نفذت التفجيرات النووية الباطنية ال13، وقوتها الإجمالية 500 كيلو طن، على مستوى الجبل الغرانيتي لتان آفلا بإن إكر، التي توجد على بعد 50 كم شمال عين أمقل وعلى بعد 150 كم من تمنراست، وذلك ما بين 1961 و1966، من ضمن هذه التفجيرات فشلت 12 تجربة. نفذت 13 تجربة نووية باطنية بين سنتي 1961 و1966 على مستوى الجبل الغرانيتي لتان آفلا بإن إكر، التي توجد على بعد 50 كم شمال عين أمقل تسببت في أربعة حوادث نووية وتلوث بيئي واسع النطاق في المنطقة، شارك 14.000 من المدنيين والعسكريين الفرنسيين في هذه التفجيرات النووية بإن إكر من بينهم 2000 بشكل دائم. ويبقى عدد العمال الجزائريين والأفارقة الذين شاركوا في البرنامج النووي الفرنسي في الصحراء الجزائرية غير معروف إلى حد اليوم؟ لقد سجل إهمال خطير في حماية الأشخاص والسكان خلال هذه التفجيرات، تحت غطاء "سري دفاع". لقد تم التفجير النووي الباطني الثاني المسمى "بيريل" في 1 ماي 1962 على مستوى النفق 2E الذي يوجد على بعد مئات الأمتار شمال النفق 1 E الذي تم به التفجير الأول المسمى "أقات" في 7 نوفمبر 1961، حيث حفر النفق 2E الذي يبلغ طوله 1300 م بالجبل الغرانيتي الذي قطره 5000 م وسمكه 3700م على شكل حلزوني (لولبي)، ثم سد بالخرسانة المسلحة، وتبقى القوة الحقيقية لهذا الانفجار سرية، لكن رسميا يقال إنها أقل من 30 كيلو طن، فحسب شهادة "أوديني" إطار بشركة "أوديتاف" التي نقلها باسكال مارتن في روبورتاج بعنوان "في سر الجنة" والذي تم بثه على قناة فرانس 2 في 19 سبتمبر 2002 بأن القوة الحقيقية كانت أكثر من ذلك بكثير، وذلك بسبب خطأ في ضبط القنبلة ارتكبه "السحرة المبتدئون" أثناء الانفجار كل وسائل الحماية التي وضعت داخل النفق تفككت. وعليه تسربت مواد مشعة من النفق حوالي 16 ثانية بعد الانفجار، على شكل حمم (صخور ذائبة) تقدر ب 700 متر مكعب تصلبت فوق بلاط النفق وكذلك مواد غازية جد متطايرة شكلت سحابة استقرت لاحقا على علو 2600 م فوق سطح الأرض، وذلك في أقل من 10 دقائق. اتجهت السحابة النووية نحو الشرق والجنوب الشرقي للنفق، حيث مرت فوق مركز قيادة العمليات (2..c. P p)، ثم توجهت نحو الشرق وكانت معبأة بنشاط إشعاعي يقدر ب 7.104.4 كوري/ م مكعب الذي وصل إلى مدينة جانيت التي تبعد عن مكان الحادث ب 500 كلم. أدى هذا الحادث إلى حالة من الهلع التي نجم عنها هروب كل من شارك وتابع هذه التجربة وكان من بينهم وزيران للجمهورية الفرنسية "بيير مسمار" وزير الجيوش و"غاستون بالوسكي" وزير البحث العلمي والشؤون الذرية وكذلك مائة عسكري، تؤكد التقارير الفرنسية أن السحابة النووية قد اتجهت رأسا نحو الشرق، أين ينعدم وجود السكان، لكنها تعترف من جهة أخرى بإصابة مالا يقل عن مائة شخص مدني وعسكري. للإشارة، إن هذه السحابة النووية قد عبرت الحدود الجزائرية نحو دول أخرى، وذلك قبل سحابة "تشرنوبيل" التي عبرت أوروبا في 1986 والشأن كذلك بالنسبة "لفوكوشيما" في 2011. تقلل المعلومات الرسمية التي توجد بوثيقة "كرستيان باتاي" (نائب) و"هنري ريفول" (سيناتور) بعنوان "الآثار البيئية والصحية للتجارب النووية" التي أجرتها فرنسا ما بين 1960 و1996 وعناصر مقارنة مع تجارب القوى النووية الأخرى" في 5 فيفري 2002 حول مجرى حادث "بيريل" من أهميتها وتؤكد بأنه فقط ما بين 5 إلى 10 بالمائة من الإشعاع قد تسرب من النفق على شكل حمم تم قذفها وتصلبت فوق بلاط النفق. من جهة أخرى، وحسب محضر اللجنة الاستشارية للأمن بتاريخ 2 جويلية 1964، فإن خطر تسرب الأشعة من النفق مرتبط بثلاثة أسباب هي: 1- سوء غلق النفق الذي تسبب في التسرب. 2- نقص في الغطاء. 3- تسرب من الشقوق الموجودة على الجبل والتي تكون قد تأثرت من جراء الآثار الميكانيكية للتفجير. يكون نظريا معامل الأمن لهذا النوع من التفجيرات النووية أكثر من 1، حيث بينت التجربة بأن التفجيرات المحتواة يكون لها معاملا أكثر من 2.5. وعليه، إن معامل الأمن لتفجير "بيريل" لم يتجاوز 0.9، في حين كان معامل التفجير الأول الباطني "آقات" يساوي 2.5. الإسقاطات المشعة لحادث "بيريل" إن أول من تعرض للإشعاعات النووية هم العاملون الحاضرون بمركز القيادة pcp2 التي كانت بالنسبة للبعض، أعلى من المعايير المقبولة في ذلك الوقت. في أول ماي 1962 تم التخلي عن الموظفين "الطوارق" الذين كانوا يعملون كمساعدين في المهام الثانوية، حيث كان السكان المحليون مقيدون بشكل مؤقت في تحركاتهم وحتى في استهلاك المياه وفي الرعي. لقد تلوثت مساحة 250 هكتار من جراء هذا الحادث. ونظرا لمخاطر التلوث، تم تقليص عدد الموظفين بقاعدة الحياة الواحات 2، في حين بقي العمال الجزائريون (PLO) في نقطة المركز.