لطالما ارتبط فصل الصيف ارتباطا وثيقا بالتسممات الغدائية، حيث تزيد نسبة الإصابة بها نظرا لعدم احترام كثير من الباعة وحتى المواطنين للشروط الصحية الخاصة بحفظ الطعام، وهو ما دفع بجمعيات حماية المستهلك إلى محاولة زرع ثقافة استهلاكية صحية واعية وسليمة من شأنها التقليل من حدة تلك المخاطر. تشكل التسممات الغذائية خطرا حقيقيا يهدد الصحة العمومية خاصة في فصل الصيف، حيث يعتبر الأطفال، الحوامل وكبار السن أكثر الفئات تضررا منه، ومن أجل التعرف على أنواع التسممات الغذائية والأطعمة التي تتسبب فيها وكذا الخطورة التي تشكلها، قصدنا عيادة محمد شريف بلعربي الذي شرح لنا أن التسمم الغذائي ناجم عما تفرزه تلك البكتيريا ومختلف الفطريات التي تتكاثر على الأطعمة. أما عن أنواع التسممات الغذائية فهناك ما تحدثه بكتيريا "البوتولي" وهو ناجم عن عدم تحضير الطعام بطريقة غير جيدة، وعادة ما يحدث بسبب استعمال أو استهلاك مواد مصبرة وغير صالحة فتؤثر في الأمعاء ما يعرف بالتسمم الغذائي "السالمونال"، وهي من أشهر أنواع البكتيريا التي تسبب التسمم الغذائي. وحسب الطبيب فهي الأكثر انتشارا وتحتل المرتبة الأولى حيث تقوم هذه البكتيريا بتحويل المادة الغذائية إلى مادة سامة وخطيرة وعادة ما تتكاثر، حسب ما أكده المتحدث في الدواجن واللحوم خاصة اللحم المفروم والبيض وحتى في الماء والخضر والفواكه التي يمكن أن تغسل بالماء الملوث. وفي حديثه عن خطر هذا النوع من البكتيريا، أكد بلعربي أنها يمكن أن تنتقل عن طريق الأيادي في حال كان الفرد لا يراعي غسل الأيدي بالصابون، ومن خصائص هذا النوع من البكتيريا أنه يتكاثر بالحرارة ولكن الحرارة العالية من شأنها أن تقضي عليها، ومن هنا تتضح أهمية الطبخ الصحي والجيّد للغذاء خاصة اللحم المفروم والبيض الذي يؤكد المتحدث بخصوصهما أنها في حال لم يطبخا جيدا، كما هو جاري العمل به في العديد من محلات بيع الأكل السريع فسيكونان سببا في تسمم غذائي حاد. كما أوضح الدكتور أنّ "المايوناز" الذي يكثر استعماله في ذات المحلات يعدّ من بين أهم المواد المستهلكة والتي تحدث التسممات الغذائية، لكونه يصنع من البيض الطازج ويزداد الأمر سوءا إذا كان معرضا للحرارة. من أهم أنواع الميكروبات الأخرى التي تسبب التسمم الغذائي ذكر الطبيب "المكورات العنقودية"، وهي بكتيريا ذات شكل كروي تتكاثر بشكل عناقيد متجمعة وتنشط بزيادة الهواء وعادة ما نجدها على جلد الفرد مثل "الستافيلوكوب"، وهناك من يحملون هذه المادة في بعض المناطق من جسمهم مثل الأنف، لذا ينصح دوما من يجرح يديه بعدم طهو الطعام أو توزيعه إلا بعد وضع الضمادات أو القفازات. إن أنواع البكتيريا السابقة الذكر منها ما يمكن أن ينتقل عن طريق الغبار ليستقر في الأطعمة المكشوفة والمعروضة خارج المحلات، كما تنتقل عن طريق الأواني وأدوات المطبخ ومختلف الأشياء التي يمكن تبادلها بين الأفراد، كما يحتمل انتقالها عن طريق الحشرات المعروفة بذلك وأهمها الذباب وحتى الصراصير. وأرجع الطبيب السبب الأول للتسمم الغذائي لغياب شروط النظافة بالدرجة الأولى سواء في المحلات التجارية وحتى في المصانع التي يتم فيها إنتاج تلك المواد الغذائية، في حال كانت ظروف الإنتاج غير مهيأة لذلك أو حتى عدم احترام شروط التخزين والتبريد، وهو ما يؤدي إلى انتشار تلك الميكروبات في المواد الغذائية. التسممات الغذائية في الأعراس والولائم خطر جماعي مع بداية موسم الأعراس تزيد حالات التسمم الجماعي التي تحدث في الولائم والأعراس وهذا نتيجة عدم وعي الناس بمدى صلاحية ما يقدمونه، فعادة بالنسبة للأعراس يمكن أن تكون هناك فواكه مسقية بمياه ملوثة أو عدم مراعاة شروط حفظ المواد الغذائية مسبقا أو تركها معرضة للحشرات، حيث يكون الكسكسي سببا في الكثير من حالات التسمم بعد أن يتغير لونه إلى الأصفر، فمن خصائص عدم صلاحية المادة الغذائية هو تغير اللون فاللحوم مثلا يتغيّر لونها من الأحمر إلى الأزرق، ولكن هتين الخاصيتين قد لا تظهرا حسبما أوضحه الطبيب بلعربي في حال كان ميكروب "السامونال" هو المسبب للتسمم. ويمكن أن تظهر الدجاجة داخل الثلاجة عادية ولا تغيّر في الرائحة أو اللون ولكنها تناولها يشكل خطورة، وبناء عليه حذر في الصدد ذاته أنه يمكن لبعض المواد الغذائية أن تكون غير صالحة رغم أن تاريخ صلاحيتها لم ينته بعد، وذلك يكون مرجحا في حال لم تراع شروط التخزين والتبريد أو في حال وجد مشكل مبدئي في الإنتاج. التقيؤ والإسهال أهم أعراض التسمم الغذائي من أعراض التسمم الغذائي بالنسبة ل"سالمونال" الإسهال الذي يكون بماء أصفر اللون إضافة إلى التقيؤ وصداع في الرأس وآلام في البطن، وأحيانا ارتفاع في درجة الحرارة التي تصل بين 38 و40 درجة مئوية، هذه كانت الأعراض الأولية للتسمم الغذائي ولكن يضيف الطبيب احتمال حدوث مضاعفات خطيرة خاصة بالنسبة للأطفال أو حتى كبار السن في حال انتقال السم من الأمعاء إلى الدم، حيث يمكن أن يتسبب التسمم الغذائي في حدوث تسمم في الدم، التهاب السحايا وفقدان الجسم كمية كبيرة من الماء وفي بعض الحالات يمكن أن تؤدي إلى الوفاة. أما بالنسبة لميكروب "ستافيلوكوب" فتظهر أعراض التسمم بعد ساعات من تناول الطعام، حيث يبدأ التقيؤ بكثرة ولكن دون وجود ارتفاع في درجة حرارة الجسم، فيما تبقى التسممات الأخرى من نوع "بوتوليزم" أخطرها ولها علاقة مباشرة باستهلاك المواد الغذائية المعلبة وغير الصالحة. الوقاية من التسممات الغذائية تتطلب: - تنظيف اليدين بصورة مستمرة. - عدم الطهو أو التوزيع في حال وجود جروح. - عدم ترك الطعام مكشوف لأن ذلك يساهم في تهيئة الجو لنمو البكتيريا الضارة لذا لابد من تغطيته. - نظافة المطبخ ومختلف المعدات المستعملة في عملية الطهو بطريقة جيدة. - التأكد من درجة التبريد في الثلاجة. - طبخ الطعام بطريقة جيدة. - تجنب تناول الخضر والفواكه دون غسلها. - تجنب المعلبات والأطعمة المعروضة في الطريق. - لا نطبخ المادة حتى يذوب الثلج في حال كانت مجمدة. - عدم وضع شيء ساخن في الثلاجة. - غسل الأدوات بعد قطع اللحم. -التحقق من تاريخ صلاحية المواد المعلبة. - تجنب المواد في العلب المفتوحة. - التأكد من درجة التبريد داخل الثلاجة. - فصل اللحوم عن الأغذية الأخرى. - فصل الأغذية المطبوخة عن غيرها.