تعتبر جدلية الصوم من عدمه أكثر ما يثير استفسار مرضى السكري خلال شهر رمضان، لتبقى الاستشارة الطبية هي العامل الحاسم خاصة أن أغلب المرضى لا يأخذون برخصة الإفطار نظرا لأهمية الصيام عندهم. للتعرف على أسباب منع بعض مرضى السكري من الصوم قصدنا عيادة الدكتور محمد شريف بلعربي، الذي أوضح أنّ المشكل يكمن تحديدا في أن مرضى السكري يعانون من تغيّرات مستوى السكر في الدم نتيجة الامتناع عن تناول الطعام، لذا يخشى الأطباء على هؤلاء المرضى من انخفاض نسبة السكر لديهم وما قد يحدثه ذلك من مضاعفات خطيرة، خاصة أمام طول ساعات الصيام لهذه السنة وارتفاع درجات الحرارة. في السياق ذاته، حاول د/ بلعربي تبسيط مرض السكري قائلا: “السكري ناتج عن عدم القدرة على إفراز هرمون الأنسولين في البنكرياس مما يؤدي إلى تجمع السكر في الدم”، يضيف بالنسبة لتلك الحالات في رمضان: “يصاب عادة مريض السكري خلال رمضان إما بارتفاع أو انخفاض نسبة السكر الذي يكون له علاقة مباشرة بما يتناوله الفرد من طعام”. عادة ما تنخفض نسبة السكر في الدم عند المريض الذي يستعمل الأنسولين في علاج المرض، ويعتبر هذا الانخفاض حسب الطبيب أكثر خطورة من ارتفاعه، ومن أهم دلائل انخفاض السكر في الدم يذكر المتحدث حالة التعرّق الشديد، تسارع في ضربات القلب، صداع، جفاف في الفم واضطراب في الرؤية، ومن مضاعفات ذلك الانخفاض حدوث حالات من الغيبوبة، وهي مؤشرات تظهر على بعض مرضى السكري ممن يصرون على الصيام. يفصّل الطبيب بخصوص من يستعملون الأنسولين في العلاج: “إن استعمال الأنسولين في رمضان يؤدي إلى انخفاض في تركيز السكر في الدم وذلك بسبب تأخّر المريض في تناول الطعام أو في أخذ العلاج أو حتى، بسبب زيادة جرعة الأنسولين أو نتيجة تعرّض المريض خلال الصوم للانفعالات أو بذل نشاط بدني كبير”. من جهة أخرى أشار الطبيب أنه ليست كل حالات انخفاض السكر في الدم ناجمة عن الإصابة بالسكري، وإنما هو حالات ينخفض فيها السكر بسبب التوقف عن تناول بعض الأطعمة التي تعود عليها الجسم مثل القهوة والسجائر، ما يؤدي إلى الشعور بالصداع والدوار والجوع. أما بخصوص ارتفاع السكّر فيذكر الطبيب أنه عادة ما يحدث بعد الإفطار أو السحور ما يؤدي إلى الشعور الشديد بالعطش والتبوّل المتكرر، أما عن إمكانية الصوم فيردف قائلا: “يستطيع الكثير من مرضى السكري الذين يتبعون العلاج صوم رمضان، وذلك على أن يكون المريض يحرص على التحكم في نسبة السكر في الدم، وأن لا يكون كثير العرضة لانخفاض نسبة السكر في الدم، وأن لا يستعمل نسبة كبيرة من الأنسولين وذلك بعد رخصة يأخذها من الطبيب المعالج”. نصائح الطبيب لمرضى السكري عموما ينصح الأطباء مرضى السكري بأخذ الدواء وهو عبارة عن حبوب تسهل في تخفيض السكر وذلك عند الإفطار أو السحور، كما يجب أن يلتزم المريض بكميات الدواء والمواعيد والأمر نفسه بالنسبة لكمية ومواعيد الطعام. أكدّ الطبيب أن نوع الأنسولين والجرعات التي يجب أخذها تكون بعد استشارة الطبيب، وذلك بناء على جملة من العوامل مثل طبيعة طعام المريض ونوعية النشاط الذي يبذله في اليوم مع مراعاة نسبة الأنسولين التي يتم أخذها. وحذّر الطبيب من أخذ الأدوية دون استشارة طبية مسبقة لأن بعض الأدوية تؤدي إلى انخفاض مستوى السكر. أما عن النظام الغذائي فأشار إلى ضرورة اتباع مريض السكري حمية غذائية، فالنظام الغذائي مهمّ جدا بالنسبة لمريض السكري، الذي يجب أن يختار غذاءه بعناية ويحاول التركيز على الأغذية النباتية وتجنّب الأطعمة الغنية بالدهون، والابتعاد عن الأغذية المقلية وحتى مراعاة كمية الملح في الأطعمة تجنّبا لأي أمراض أخرى، بالإضافة إلى تجنب المريض لمختلف المأكولات الرمضانية التي تكون غنية بالسكريات مثل الشاربات الزلابية، لأنها تؤدي إلى ارتفاع كبير في نسبة السكر في الدم. كما دعا الطبيب إلى ضرورة حيازة مريض السكري على شيء حلو يأكله بمجرد الشعور بانخفاض السكر في الدم وعدم إكمال الصيام، مع الحرص على المراقبة المستمرة لنسبة السكر في الدم وتجنب الأعمال الشاقة أثناء ساعات الصيام خاصة في الجو الحار.